اخفضوا الرؤوس وانتم تتكلمون باسمنا .. لا شيء يدعو للفخر ..

07.07.2017 | 16:41

عندما يرى الواحد منا بشار الجعفري داخلا رافعا انفه على "محافل" التفاوض يخيل له بان سوريا احتلت اراض كل جيرانها وهي تدخل مفاوضات لكي ترى ما يمكن التخلي عنه .. ولكن الواقع غير ذلك.

اذا تجاوزنا التصرفات والخطاب "العنجهي" للنظام السوري ونظرنا الى الخريطة لنتبين واقع الامر سنرى كم اصبح الوضع مأساويا في بلدنا.

مفاوضات استانا التي انتهت جولتها الخامسة مؤخرا وقبلها الجولات الاربع وكل جولات التفاوض التي حصلت حول سوريا في السنوات الاخيرة هي في حقيقة الامر مفاوضات على توزيع مناطق النفوذ في ارض سوريا بين القوى الكبرى.

لم يعد بخاف على احد بان القرار لم يعد بايدي السورين لا النظام ولا غيره ، بل تحولت الاطراف السورية وعلى رأسها النظام لتصبح "مقاولا" لجهة ما تعمل على تعزيز سيطرة ونفوذ هذه الجهة لتضمن بقاءها في جزء من الارض كبر هذا الجزء ام صغر.

بالنتيجة سوريا التي نعرفها انتهت ، وبدءنا اليوم في حقبة جديدة ، وهذا طبيعي فالزلزال الذي حدث في المنطقة غير وجهها ولا نعرف بعد كيف ستستقر "الارض" من تحت اقدامنا وقد ياخد وصولنا الى الشكل النهائي وقت طويل.

قوات روسيا في مناطق نفوذ النظام واخرى اميركية في مناطق نفوذ "سوريا الديموقراطية" وهذه ستتوسع لتشمل كل المناطق التي تخرج منها داعش على ما يبدو ، بحسب تقارير صحفية.

وتركيا ستسيطر على مناطق في الشمال لتضمن عدم قيام الدولة الكردية ، وفي الجنوب ما زال الامر بين اخذ ورد ولن يكون هناك حل في درعا وما حولها الا بموافقة اميركية.

تبعا لهذه التقسيمات تتوزع المصالح الاقتصادية ، فالدول تريد "تعويضا" و"عائدا" يسد ويزيد على ما تنفقه من مليارات الدولارات لتستطيع ان تلعب دورها في ملعبنا ، واذا كانت "الدولة" السورية مفلسة لا بأس يكفي ان تغض النظر عن قطعة ارض هنا وحقل هناك وعلى مبدأ الغزو تترك للقوى "الغازية" حرية اقتسام الغنائم كانت ارضا او نفطا او غازا او فوسفات.

وبدأت الاخبار تتوافد عن "قبض الثمن" بالنسبة للجانب الروسي حيث  اعلن الاسبوع الماضي عن توقيع عقود "استثمار" لشركات روسية لاستثمار الغاز والفوسفات ( الذي يمكن استخراج اليورانيوم منه) في تدمر.

اذا مفاوضات استانا عمليا تهدف لتثبيت مناطق النفوذ هذه ، ويصبح اقتسام ارض سوريا امرا واقعا ، قد تتغير الحدود بين "الاقاليم" مع السنين وبحسب متغيرات كثيرة لتهجر مدينة من "اقليم" الى اخر وقد نشهد صعود دول "كردستنان" واندثار اخرى " الدولة الاسلامية" في سياق حركة التاريخ الذي يتقدم ببطأ شديد بالنسبة لحياة الانسان ولا احد يملك معلومات اكيدة كيف سيترك التاريخ في هذه الحقبة منطقتنا على أي شكل ولاي تبعية.

اذا لا شيء يستحق ان نرفع انوفنا عاليا، طرفا هنا وكيل لهذا وطرفا هناك وكيل لذاك .. نحن السوريين خسرنا "الوطن" وهذه الخسارة تعود الى سلسلة اخطاء جسيمة تمتد لاكثر من مئة عام كان اخرها تمكن النظام الحالي من التغول وحكم البلد حكما ديكتاتوريا شخصيا غير مسبوق في ارضنا.

اليوم بات الهم كيف نحمي ما تبقى من السوريين ؟، كيف نؤمن لهم حياة اقل معاناة ؟ كيف نؤمن لهم الحد الادنى من متطلبات الحياة الحد الادنى من الكرامة .. ومع الاسف هذا في كل المناطق "المحررة" التي خرجت من سيطرة النظام والتي بقيت تحت سيطرته ..

ما يهم اليوم ان نعمل كل بحسب استطاعته "لنتوسط" لدى القوى والفاعلة لتضغط على "الوكلاء" لكي يحسنوا  ادارة المناطق التي تقع تحت سيطرتهم المباشرة ويعيش السكان فيها اشبه بالرهائن ..

والى اجل غير مسمى انصح كل الاطراف بان تتخلى عن عنجهيتها وان حضرت في مناسبات عامة يجب ان تتحلى بكل التواضع والخشوع والحزن وان تظهر على وجه ممثليها معالم الانكسار والاسى .. لان احترام احزاننا وآلمنا والشعور بالمصيبة التي وقعت على رؤوسنا .. هو دليل على معرفتنا لواقعنا المزري واول خطوة يمكن ان تكون ايجابية باتجاه تغيير المسار نحو الافضل ..

رئيس التحرير


TAG: