حُلم الخروج من سجن عدرا.. بين يأس الزنازين وآمال قارئة الفنجان

10.03.2016 | 10:15

"قرأت لي البصارة فنجاني.. وأخبرتني أن خروجي من السجن قريب جداً"، هذا ما قالته "دلال" المفرج عنها من سجن عدرا المركزي  بعد اعتقالها مدة سبعة شهور، حيث تعيش أغلب النساء على أمل الخروج منه، تارة بتفسير الأحلام وتارة أخرى بالتنجيم.. ولكن كذب المنجمون ولو صدقوا.

لاتنتهي مأساة المعتقلة  لمجرد خروجها من الأفرع الأمنية التابعة "للنظام السوري"، بل تبدأ معاناة جديدة تتمثل في الدخول لسجن عدرا المركزي، وتشير إحصائيات الصليب الأحمر الدولي بوجود حوالي 500 معتقلة في السجن الواقع في مدينة عدرا العمالية بريف دمشق، تعشن ظروفاً مأساوية دون أدنى مقومات الحياة.

وتقول دلال: "تُفتح أبوب الغرف في السجن الساعة التاسعة صباحاً وتغلق في التاسعة مساءً، فضلاً عن فترة إغلاق منذ الثالثة عصراً وحتى السادسة مساءً".

سجينات الرأي أو كما يُطلق عليهن النظام السوري "الإرهابيات"، يسكن في الطابق الأول من السجن "، وينقسم إلى جناحين، في كل جناح توجد ست غرف، تتسع كل واحدة لـ 20 إمرأة كحد أقصى، إلا أنه يتواجد فيها حوالي الـ 35 سجينه حسب دلال.

أما عن الرعاية الطبية فتقول رويدة، المفرج عنها من سجن عدرا بعد اعتقالها لمدة 5 أشهر، "لايوجد في قسم النساء مستوصف للرعاية الصحية، ومن تحتاج لعناية خاصة، يضطرون لنقلها لسجن الرجال حيث يوجد مستوصف هناك. وتقصّ رويدا بأسىً.. رفضت إدارة السجن إسعاف سيدة لمشفى التوليد مما اضطر إحدى القابلات السجينات للأشراف على توليدها بظروف إنسانية سيئة التي أدت إلى وفاة الوليدة بعد عشرة أيام".

وتؤكد رويدة، أنّ معظم القادمات من الأفرع الأمنية إلى سجن عدرا، يكّن في حالة صحية سيئة ويعانون من أمراض جلدية، نتيجة تعذيبهم هناك، ناهيك عن الاضطربات النفسية الحادة التي يعانين منها، حيث غُيّبت الرعاية النفسية تماماً، إن لم تزدد سوءً في الأساس.. "تقولها رويدا بضحكة استهزاء".

وتضيف، بعض النساء تأتي إلى سجن عدرا بحالة نفسية تحتاج إلى رعاية اخصائيين، مثل "أم عامر" التي رُبطت في إحدى جوانب الغرفة، بعد أن أصبحت تشكل خطراً على السجينات، بسبب سوء حالتها النفسية، وتكمل رويدا حديثها "عرفنا لاحقاً أن أم عامر تم اغتصابها في الفرع أمام ابنها".

ولايقتصر الطابق الأول في السجن على وجود سجينات الرأي فقط، إنما تعمد إدارة السجن على وضع كثير من المتهمات بقضايا المخدرات والدعارة بينهن، كما تقول سارة المفرج عنها من سجن عدرا بعد اعتقالها مدة 7 أشهر، وكانت محتجزة في الفرع العسكري 215، وتضيف "نحاول عدم الاختلاط بمثل هذه الفتيات بسبب سوء تصرفهن تجاهنا، وفي معظم الأحيان تُسلم إدارة السجن إحدى هذه الفتيات زمام أمور الغرف".

أما عن الزيارات فتقول سارة، كان يُسمح لأهلي القدوم الي مرة في الأسبوع، ولمدة ساعة واحد فقط، ويسمح لهم باعطائي مبلغ 10 الآلف ليرة سورية أي مايعادل 30 دولار أسبوعياً، إلا أنه في الكثر من الأحيان لايستطع أهلي القدوم لزيارتي بسبب الاشتباكات الدائرة في منطقة السجن، فنضطر للبقاء دون نقود لفترات طويلة، وهذا يجعلنا نضطر للأكل من الطعام الذي يقدمه السجن، وهو غير كافي لإشباع 35 سجينه في غرفة واحدة، فضلاً عن سوئه.

ولم يسلم محيط السجن من الاشتباكات الدائرة بين أطراف النزاع في سوريا، وشهد مرات عدة اقتراباً كبيراً للمعارك، وتقول دلال الجادر" كنا نسمع أصوات الرصاص والمدافع بشكل واضح جداً، وأذكر اني في إحدى الليالي، ظننت الموت أصبح محتماً، بعد أن تم تبديل المهاجع بين المعتقلات السياسيات والجنائيات، بحيث أصبحتُ أنا وزميلاتي الأقرب إلى مرمى النيران".

حلم دلال في الخروج من السجن تحقق أخيراً بعد سبعة شهور من معاناة الاعتقال، واستطاعت القدوم إلى تركيا عن طريق التهريب بسبب إصدار حكم عليها من قبل النظام السوري بمنع السفر خارج البلاد، إلا أنها تعاني إلى الآن من آثار نفسية لم تستطع الخروج منها.

وتعمل الآن الكثير من منظمات المجتمع المدني على التخفيف من وطأة الاعتقال للمفرج عنهن، عن طريق إعادة تاهيلهن، ودمجهنّ في المجتمع، ورغم تحفظ الكثير منهنّ على سرد الأحداث التي عايشنها في في أقبية وزنازين النظام السوري، لاعتبارات اجتماعية وعائلية ونفسية.

وتسعى العديد من المعتقلات السابقات اليوم لإيصال صوتهنّ إلى العالم عبر وسائل الإعلام، ومن خلال المنظمات الحقوقية والإنسانية، علّ قضيتهن تترك في ضمير العالم أثاراً يقطع صراخ أخريات ماتزلن في قيود الاعتقال.