اذا قال لك احدهم .. القاك عند مشفى الغرباء بجانب قصر "الابلق" على ضفة نهر "الذهب" في دمشق .. فاين يكون هذا المكان .. ؟

30.05.2016 | 12:32

تكية مضى على تشيدها أكثر من 500 عام، لم يشفع لها هذا القِدم لأن تدخل في نطاق المنافسة التاريخية مع رفيق دمشق الأزلي، النهر الذي اسماه الأغريق بـ "نهر الذهب"، وذكر في اولى الكتب المقدسة (التوراة)، وهو على مدار الأزمنة مقصد الشعراء والعشاق والمستشرقين.

نهر بردى الذي كان له الأثر الأكبر في قيام الحضارات في دمشق عبر العصور، يبدأ مجراه من بحيرة تتجمع فيها مياه عدة ينابيع في سهل الزبداني مشكلاً نهراً يراوح عرضه بين 4.5-15م، وتفيض مياهه في أيام الشتاء والربيع فتطغى على مساحة واسعة من ضفتيه.

يتجه النهر في بدايته نحو الشرق ثم ما يلبث ان يتجه جنوباً نحو دمشق عند الربوة بعد أن تفرعت منه ستة فروع "يزيد وثورا" من ضفته اليسرى، و"المزاوي، الديراني، قنوات، بانياس" من ضفته اليمنى، ثم تتباعد لتغطي جميع أحياء المدينة.

ويظهر في هذه الصورة التي تعود إلى مطلع القرن العشرين، التكية السليمانية أهم الآثار العثمانية في مدينة دمشق، التي شيدت على ضفة بردى الجنوبية، وتضم مسجداً ومتحفاً وسوقاً للمهن اليدوية والتراث ومدرسة.

سميت نسبة إلى السلطان العثماني "سليمان القانوني" الذي أمر ببنائها عام 1554 م في الموضع الذي كان يقوم عليه قصر الظاهر بيبرس المعروف باسم "قصر الأبلق".

صممها المعماري العثماني "معمار سنان باشا"، رئيس المعماريين وأشهرهم خلال حكم السلاطين الأربعة: سليم الأول وسليمان الأول وسليم الثاني ومراد الثالث، وأشرف على بنائها المهندس ملا آغا. بدأ بناؤها سنة 1553 م وانتهى سنة 1559 م في عهد الوالي الشام "خضر باشا"، أما المدرسة الملحقة بها فتم بناؤها سنة 1566 م في عهد الوالي "لالا مصطفى باشا".

أبرز ما يميز هذه التكية، مئذنتاها النحيلتان اللتان تشبهان المسلتان، وهو طراز معماري لم يكن مألوفاً في دمشق حتى تلك الحقبة.

وتبلغ مساحتها الإجمالية نحو أحد عشر ألف متر مربع، وكان الهدف الرئيس من بنائها هو إيواء الطلبة الغرباء وإيجاد مكان فسيح يستقر فيه الحجاج من تركيا وآسيا الوسطى وأوروبا في طريقهم للديار المقدسة في موسم الحج.

و يظهر لنا بوضوح في هذه الصورة خلف التكية مباشرةً المستشفى "الحميدي" الذي تم بنائه في عهد الوالي "حسين ناظم باشا"، وجرى افتتاحه في 17 آذار 1899، وقد بُني بديلاً عن المستشفى "النوري", وبلغت تكاليف بنائه في ذلك الوقت ما يقارب 800 ألف قرش، وقد عُرف في أول عهده باسم المستشفى "السلطاني" أو "الحميدي"، ولكن الشوام أطلقو عليه اسم مستشفى "الغرباء" لأنه كان يستقبل المرضى من الفقراء والغرباء ، وسمي سنة 1919 في عهد الحكومة العربية الفيصلية باسم مستشفى "الوطني"، ثم أطلق عليه اسم المستشفى العام، في النصف الثاني من القرن العشرين أهمل المبنى لانتشار مشافي جديدة في دمشق، وقد ظل مهملا وآيلا للسقوط حتى قبل وقت قصير، حيث تقرر ترميميه وإصلاحه بشكل كامل وبتبرع من رجل الأعمال السوري "وفيق رضا سعيد"، حيث وصلت تكلفة ترميمه الى حوالي 7 ملايين دولار أميركي.

وفي عام 1936 تم تشييد اللبنة الأولى من متحف دمشق الوطني في موضع ملاصق للقسم الغربي للتكية السليمانية ومطل على الضفة الجنوبية لبردى، وبعد ذلك تتالت عملية البناء حتى وصل إلى وضعه الحالي.

أما اليوم، أصاب مجرى بردى الجفاف وارضيته ظاهرة للعيان بعد أن كان طوافنه يغطي الشوارع المحيطة، ولا يخفى على الناظر كمية أكياس النايلون والمخلفات التي يرميها الناس فيه والتي تتجمع على أطرافه، مما دعا العديد من الجمعيات الشبابية في الآونة الاخيرة  للقيام بحملات تطوعية لتنظيفه.

RELATED NEWS
    -