قصص حمير اشتهرت في تاريخ سوريا .. بينها حمار اغرم به امبراطور المانيا ..

26.02.2019 | 20:38

في هذه المادة التي تنشر تحت الزاوية الثابتة في مجلة المضحك المبكي "قصص من تاريخنا الهزلي" ، يتحدث الكاتب عن ثلاثة حمير تناقل الناس قصصها عبر عقود ، حيث اننا سنجد ان اشهر هذه الحمير كان على ايام الدولة العثمانية في العام 1898.

لا ننسى بان الفترة التي اشتهرت بها هذه "الحمير" لم تكن السيارات قد دخلت بعد الى سوريا ، وكان "الحمار" من وسائل النقل المعتمدة في ذاك الحين.

نشرت المادة في العدد 1012 الصادر  الاحد 9 كانون الاول 1962


قصص من تاريخنا الهزلي

الحمير التي اشتهرت في تاريخ هذه البلاد ، حمارة وزير المالية وحمارة رئيس بلدية حمص وحمارة ابو الخير تللو.

اشتهر في تاريخ سوريا الهزلي عدد من الحمير، مازال الناس يتحدثون عنها، رغم مرور ثلاثين سنة او اكثر عليها.

فمن هذه الحمير، حمارة الحاج علي افندي الجندي المشهورة في حمص، وقد كان الحاج علي رئيسا للبلدية، فكان يأتي عليها كل صباح الى مكتبه ويطوف بها في شوارع المدينة واسواقها للتفتيش، وكان الناس يستدلون على وجوده في البلدية ام في السرايا من هذه الحمارة، فهو كان يتنقل دائما بين السرايا ودائرة البلدية، فعندما يكون في البلدية تكون مرتبطة على باب البلدية وعندما يكون في السرايا تكون مرتبطة على باب السرايا..

ولما كانت السرايا في ذلك الوقت مقابل بناية البلدية. فقد كان الحمصيون يستنتجون انه عندما يكون قفا الحمارة متجها نحو السرايا يكون الرئيس في البلدية، وعندما يكون قفاها متجها نحو البلدية يكون الرئيس في السرايا، وكانت هذه القاعدة لا تغالط.. ولا شك بأن اهالي حمص يذكرون هذه الحمارة جيدا، كلما ذكروا الحاج علي رحمه الله..

......

ومن الحمير التي اشتهرت في دمشق، حمارة المرحوم جلال زهدي، فقد كان وزيرا للمالية، وكان يأتي كل يوم الى الوزارة راكبا عليها، ويربطها على باب السرايا، وكانت حمارة جميلة بيضاء وكان الناس يستدلون على وجوده او عدم وجوده في السرايا منها، فاذا وجدوها مربوطة هناك استدلوا على وجود الوزير، وكثيرا ما كان يحاول اخفاءها عن انظار المراجعين فيربطها بالباب الخلفي من السرايا، ولكن انى للحمار ان يختفي لا سيما عندما ينهق..

......

وهناك حمارة جد الصديق حسني تللو، وقد كانت من اشهر الحمير التي ذاع صيتها، واشتهر امرها، حتى انها لفتت انظار الامبراطور غليوم عندما زار دمشق، فاعجب بها كل الاعجاب واراد ان يشتريها، ويأخذها معه الى ألمانيا. ولكن السيد تللو رفض ذلك رفضا باتا رغم جميع العروض المغرية التي عرضت عليه، وعندما سئل، عن سبب رفضه بيعها للامبراطور، وكل الناس يتسابقون الى رضائه ليخرج ممنونا من البلاد، اجاب..

لانه اذا اشتراها الامبراطور فسيقول غدا لمن يسأله في ألمانيا عن هذه الحمارة، انها من بيت تللو، وهذا ما لا اقبله ابدا.

وهكذا بقي مصرا على رفض البيع، وعاد الامبراطور الى المانيا وعينه بهذه الحمارة..

هذه خلاصة عن قصة حمارة المرحوم أبو الخير آغا تللو، جد الصديق المرح حسني تللو، وفي تفصيلها نكتة وطرافة، وقد اتى عليها فخري بك البارودي في مذكراته..

ومما قاله في هذا الموضوع، زيادة عما اوردناه انه بعد ان اعجب الامبراطور بهذه الحمارة التي لفتت نظره اثناء الاستقبال الفخم الذي اقيم له في دمشق عند زيارته لها، فقد طلب الى الوالي ان يساعده على اقنائها..

فراح الوالي يبحث عن صاحبها حتى عرف انها لأبي الخير آغا تللو، وكان الآغا من وجوه محلته، وكان يفاخر دائما بان له حبيبين، الحمارة وحفيده حسني (هذا الكلام لفخري البارودي).

واخيرا جيء بأبي الخير آغا الى الوالي الذي طلب منه ان يهدي حمارته الى الامبراطور لشدة اعجابه بها، وانه مستعد ان يدفع ثمنها المبلغ الذي يطلبه..

واما أبو الخير آغا فقد اعتذر وقال، انه لا يستطيع ان يتخلى عنها. ورغم جميع الاغراءات فقد ظل الآغا مصرا على رايه بالرفض.

ولما اشتد الوالي في الحاحه ليرضي الامبراطور ضيف دمشق، قال له..

يا افندينا. عندي ستة رؤوس من الخيل الجياد، فان شئت قدمتها كلها الى الامبراطور هدية مني اليه، واما الحمارة فلا يمكن ان اتخلى عنها.

فاستغرب الوالي هذا الجواب وساله، لماذا كل هذا التمسك بها.

اجابه بقوله، يا سيدي. اذا اخذوا الحمارة الى بلادهم فستكتب صحف الدنيا كلها عنها، وتصبح هذه الحمارة موضع تنكيت، ويصير الألمان يتحدثون عنها ويقولون ان امبراطور ألمانيا لم يعجبه في دمشق الا هذه الحمارة وهي من بيت تللو. ولذلك فاني لن افرط بها ولن ابيعها له، مهما كانت النتائج.

ونقل الوالي هذا الخبر الى الامبراطور، فضحك كثيرا واعجب بالجواب، وكانت النتيجة ان اصدر الامبراطور امره بمنح (أبو الخير آغا)، وساما رفيعا..

لقد تناول أبو الخير هذا الوسام، وسماه وسام الحمار.

وقد اشتهر امره زمنا طويلا في دمشق.

اعداد : سيريانيوز


صدرت مجلة المضحك المبكي في دمشق عام 1929، وهي مجلة سياسية كاريكاتورية اسبوعية من اشهر المطبوعات السياسية الساخرة في الوطن العربي ، ويمكن اعتبارها هي من اسس الكوميديا السياسيّة على الساحة السورية ( وربما العربية). اصدرها الصحفي حبيب كحالة ( 1898 – 1965 ) وهو درس التجارة والاقتصاد في الجامعة الاميركية في بيروت. أنشئ كحالة في بداية الثلاثينات من القرن الماضي مطبعة حديثة بدمشق لطباعة المجلة، وكانت تقع في شارع الملك فؤاد الأول، استمرت هذه المجلة في الصدور إلى عام 1965 ، وقامت "الجهات المعنية" بإغلاق المجلة وإلغاء ترخيصها وذلك عام 1966.


TAG: