وجهة نظر مع نضال معلوف

هل تعيش سوريا اوضاعا مشابهة لما كان بعد حماة 1982..

01.08.2018 | 13:53

مع قرب سيطرة قوات الجيش السوري وحلفائه على معظم مساحة اراضي سوريا ، بدأ الحديث عن ما بعد انتهاء "الازمة" واستتباب الامور للرئيس بشار الاسد.

وبدأت هذه الاحاديث تنحى باتجاه اعادة تشديد القبضة الامنية للنظام على البلد وإطلاق يد الافرع الامنية والانتقام من كل المعارضين اما بسجنهم او تصفيتهم .. واعطاء الضوء الاخضر لميلشياته وزلمه بالتنكيل بالسوريين والعودة الى ممارساتهم المعروفة بالابتزاز والتعدي ..

حسن انه امر مشروع ان تظهر مثل هذه المخاوف في المجتمع السوري صاحب التجربة الطويلة مع حكم الاسد والعارف باساليب حكمه وطريقة ادارته للبلاد ..

ولكن يمكن القول بان الوضع اليوم يختلف كليا عما كان في العام 1982 من عدة جوانب.

يختلف من ناحية المساحة الجغرافية التي طالتها العمليات العسكرية ، من ناحية المدة التي استغرقتها هذه العمليات ، عدد الضحايا والمهجرين وحجم الازمة  ،  والاهم من ناحية تدخل الاطراف الدولية بشكل مباشر في السيطرة على الامور والعمل على ايقاف الصراع المسلح.

هذه الاطراف ( الدولية والاقليمية )  اصبحت داخل سوريا وتغلغلت في مفاصل الحكم ، في الاستخبارات ، في الجيش ، في مؤسسات الدولة . وأصبح لها الكلمة العليا .. سواءا كانت صديقة للنظام او معادية له ..

فالجيش السوري اليوم يأتمر بأمر الروس ، والروس ينظمون بشكل ميداني من خلال قواتهم البرية عمليات "المصالحة" و"العودة" وضبط الامن والافراج عن المعتقلين .. روسيا تأخذ الدور الاساسي في اجبار النظام على الوفاء بتنفيذ ما يخصه من الاتفاقيات التي تبرم مع القوى الفاعلة في سوريا ( روسيا ، الولايات المتحدة ، تركيا ، ايران).

وايران تسيطر بشكل كامل تقريبا على عمل "الميليشيا" من الدفاع الوطني الى معظم التشكيلات "الرديفة" التي تساند الجيش ، وايضا اصبح لها نفوذ كبير في مؤسسات الادارة المدنية بعد ان تغلغلت بشكل مدروس فيها في السنوات الماضية لتضمن لها دورا فاعلا على مستوى السياسات الداخلية في سوريا في المستقبل.

الولايات المتحدة ايضا اصبح لها قواعد عسكرية وقوات برية تابعة لها بشكل كبير ، وسواء عقدت هذه القوات اتفاقات مع النظام او لم تنجح مثل هذه المساعي .. فان النفوذ الاميركي سيبقى في تسيير شؤون هذه القوات وتحديد اتجاهها ..

تركيا من طرفها ستحظى بسيطرة مباشرة على الشريط الحدودي الشمالي وايضا ستعمل من خلال قوات محلية برية على توطيد نفوذها وبسط سيطرتها بذريعة ضمان امن حدودها الجنوبية .

ما نراه اليوم هو انهاء للاقتتال والصراع المسلح بين الفصائل المتعددة ، ولكن ليس هناك أي مؤشرات بان القرار السيادي في سوريا سيعود الى قبضة الاسد .. وربما تثبيت الوضع من خلال "الدول الضامنة" والاتفاقات الدولية بين الاطراف الفاعلة .. قد يتبعه تغيير حقيقي على طبيعة النظام السياسي بدون ان يستطيع احد ( بما في ذلك النظام) ان يخلق القلاقل ويقوم بتخريب هذا المسار من خلال اعمال العنف وزعزعة الاستقرار ..

كل شيء يبقى واردا ، ولكن يجب ان نعلم بان دولا مثل اميركا وروسيا وتركيا وايران ، لن تقدم كل هذه التضحيات وتتورط بمثل هذا الاقتتال عسكريا واقتصاديا وسياسيا .. ومن  ثم تنسحب وتقدم "السيادة" لنظام الاسد ..
لا شك انها ستكون شريكا اساسيا ، لا بل الشريك صاحب القرار في توجيه دفة الاحداث في سوريا .. ويبقى السؤال الى اين تريد هذه القوى ان تصل بنا ؟

 

نضال معلوف

RELATED NEWS
    -