الصخرة الغريبة .. هل نحن لاجئون مؤقتون على الارض ؟

21.08.2018 | 14:50

مراجعة : عبد الكريم انيس

"One Strange Rock" تعرف أيضاً باسم "Nuestro Planeta"،"الصخرة الغريبة.

هذه الصخرة تبدو وحيدة وغريبة وفريدة في محيط شاسع هائل الاتساع من الكون، لكنها تمتاز عن غيرها من الصخور والكواكب والكويكبات والأجرام السماوية المتنوعة، بكوننا نحن، الجنس الآدمي، الكائنات العاقلة، وكذلك الحيوانات الأخرى غير العاقلة، موجودين فيها ونعيش عليها.

هي تعتبر الوطن المؤقت لبعضنا، كون معتقدات دينية تقول إن البشر لاجئون مؤقتون على الأرض، يعيشون فيها بانتظار رحيلهم النهائي لحيث ينتمون. ويطرح هذا التصور تساؤلاً ملحاً، هل حقاً نحن ضيوف على هذه الصخرة الفريدة؟ لماذا إذن نشعر تجاهها بتوق وعاطفة واشتياق وكأنها رحم الأم الذي سكناه يوم كنا مجرد حيوانات منوية؟ هل الأرض رحم بديل عن العالم الذي خُلقنا فيه؟ هل سيتغير هذا الشوق والشعور بكونها الوطن بمجرد أن نجد بدائل أخرى؟

بينما يعتبرها آخرون الوطن الوحيد، الذي لا يعرفون غيره، غالبية هؤلاء لا يريدون أن يطرحوا تساؤلات أو يتعبوا أنفسهم بالنقاشات حول فكرة ماهيتهم، إنهم يتخذون عيشهم على الأرض مستقراً، ولا يريدون أن يشطحوا بتصورات قد لا يصلون عبرها سوى لمزيد من التشتت.

وفي حين أن هناك مجموعات أخرى يبحثون عن البديل، يتوقع هؤلاء الفناء لهذا الكوكب، يتعاملون مع وجودهم على متنه أنه مجرد محطة سينتقلون عبرها لصخرة أخرى تتوافر فيها شروط الحياة بعد أن توشك هذه الصخرة على الوصول لعمرها الافتراضي الحتمي.

توثيق علمي ممتع

ضمن هذه السلسلة العلمية التوثيقية، التي تتألف من عشرة حلقات، يحاول فريق عملها تقديم تفسيرات لوجود الانسان على الأرض، وتكيفه عليها، والتوازنات المختلفة التي تحصل لعوامل عديدة، من تجانس لظروف وعناصر تكفل استمرارية وجوده، بطريقة مدهشة وساحرة وتستحضر معها قدرات هائلة من التصوير الاحترافي والصور البديعة للمخلوقات والطبيعة والكون بشكل مبهر وغير معهود.

وأنت تشاهد السلسلة تذكر أن تستمتع بالتسلسل التفسيري الذي يقدمه ثمانية رواد فضاء، هم ليلاند ملفين Melvin Leland ، كريس هادفيلد Chris Hadfield وجيفري هوفمان Jeffrey Hoffman وماي جيميسون Mae Jemison ونيكول ستوت Nicole Stott وجيري ليننجر Jerry Linenger وبيجي ويتسون Peggy Whitson ومايكل ماسيمينو Michael Massimino.

عاش هؤلاء أزمنة، طويلة أو قصيرة في الفضاء، تمكنوا من اختبار مشاعر وأحاسيس لم يتمكن من تذوقها مليارات من الكائنات البشرية الأخرى، لديهم تجاربهم الخاصة وأيدولوجياتهم الذاتية. حاول أن لا تشطح مع تفسيراتهم، التي تحكمها أدلجة ذاتية لا داع للخوض فيها، انظر إليها على أنها منظورات أو مقاربات تختلف عن منظورك، أو ما اعتدت عليه وألفته، وقدم لنفسك فرصة للتأمل واستحضار عظمة الخلق وبديعه، شاهد المنظر من زاوية منظورهم، هذا مفيد للغاية ويوسع من مداركك، حاول أن تبني على خلاصاتهم، استمع وتفكّر وتعمق فيما ستشاهده، وتذوقه كأنك تحصل على فرصة لتذوق طعام جديد على ثقافتك أو تجربة جديدة لحواسك، جرب أن ترى الكرة الأرضية الفريدة بعيون من شاهدوها من الأعلى.

 

رواد من نوع مختلف

تم اختيار رواد الفضاء، الذين يمتلكون ملكات علمية متفوقة، ولديهم كذلك بصيرة واسعة الإدراك، ليعطونا تصورات وأبعاد ربما لم نكن نحيط بها، لأنهم بعينهم المدققة، من خارج المشهد الاعتيادي اليومي الذي نعيشه على أرضنا، قادرين أكثر على أن يمعنوا النظر ويقدموا الخلاصة لنا، ومن ثم نقوم نحن باستدراك ما فاتهم، أو التبس عليهم.

قرأت لأحدهم يوماً بما في معناه أنك عندما ترسل أحدهم للفضاء، فعلاوة على كونه شخصاً متميزاً بدنياً وعقلياً وفكرياً، ينبغي أن يكون هذا الشخص متميزاً أدبياً وعاطفياً كذلك، ينبغي أن لا يكون رجال الفضاء مجرد بشر من العلماء، ينبغي كذلك أن يكونوا من أهل الأحاسيس المرهفة، تلك التي تشاهد المشهد بعين المحب والعاشق الوله.

ستأخذك السلسلة في رحلات لشتى أصقاع المعمورة، شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، ما هو مأهول منها أو ما زال درة عذراء لم تطأها لوثة بشر، كل ما فيها من تنوع وتناسق واتساق وكذا من قبح أو جمال، كل الظواهر الفريدة فيها، التي تتحد معاً لتعطيك كبشري القدرة على البقاء والاستمتاع بفرادتها وتميزها عن باقي الكون الفسيح.

ويل سميث وتجربة جديدة

يقدم السلسلة ويل سميث، الممثل الأمريكي المعروف، في محاولة من ناشيونال جيوغرافيك لاستجلاب أكبر قدر ممكن من المشاهدين للسلسلة، اختيار ويل سميث لم يكن عبثياً إطلاقاً، فلابد أن يكون هناك شخصية تستقطب الاهتمام وعليها أن تكون من فئة النجوم، النجوم الذين يماثلون نجومية رواد الفضاء الذين شاهدوا الأرض من حيز خارجي، لقد نظروا إلينا من فوق، وكانوا أكثر قدرة على الشعور بمشاعر لا يمكن أن يشعر بها سوى من تخلص من أحاسيس ثقيلة معقدة، كالاعتياد واللامبالاة.

يكتب ويل على صفحته الشخصية عن البرنامج ما يلي:

"الأرض هي المكان الذي نسميه الوطن. ولكن كم من المرات تخيلنا حقاً مليارات الأشياء التي كان عليها أن تأخذ الطريق الصحيح حقاً حتى لا نضل الطريق. كل جزيء، وكل كائن حي، وكل نظام بيئي كان عليه أن يتفاعل بشكل فائق الصوابية والمثالية ليحضرنا لمكان يمكننا أن نعيش فيه، ونتنفسه، ونزدهر على صخرة تدور بسرعة 1000 ميل في الساعة.

الأرض سكن لنا.

الأرض تغذينا.

 ومع ذلك، لا يزال لدى الأرض الكثير لتقدمه ...

رسالة حب للأرض.

 شكراً لدعوتي لأكون جزءاً من هذا المشروع المدهش دارين أرونوفسكي + ناشيونال جيوغرافيك" (المصدر من هنا بتصرف).

وفي تباين واضح ومقصود مع إخراج السلسلة التي تضج بالألوان الفاقعة والتي تزخر بالحياة، كانت خلفية الأبيض والأسود في صورة مقدم البرنامج، ضمن سياق نقاش الحوادث الطبيعية وتفسيرها، تعطيك شعوراً من التوازن في أن الانسان، بدون تحيز لعرق أو لون، يظل كائناً صغيراً يطوف في فضاءات من أمواج الشك والاستفسار والتوق للمعرفة حتى نهاية اطمئنانه أنه بذل ما في وسعه كي يفهم ويجيب عن بعض التساؤلات كي يروي عطشه المستمر لفهم الحياة والخلق في كون فسيح وبديع ومتقن ومتكامل محكم ما فيه من عيب أو فطور، مع محيط رائع الجمال، فيه من كل الأشكال والألوان.

تقنيات مدهشة

اختبرت ناساً عبر هذا البرنامج RED Epic Dragon   وهي كاميرا احترافية متميزة، تعمل بنظام 4K video فائقة الدقة من على متن المحطة الفضائية وهذا جعل طبيعة التصوير في الفيلم بمثابة تجربة جديدة بمقاييس جمالية رائعة ومدهشة وحابسة للأنفاس.

تم إنتاج  فيلم "One Strange Rock"  الذي أنتجته Protozoa Pictures و Nutopia لمدة ساعتين في 26 مارس في 172 دولة و43 لغة.

بالإضافة إلى البرنامج للتلفزيون، عملت ناشيونال جيوغرافيك أيضاً مع وكالة ناسا لإطلاق كاميرا الواقع الافتراضي VR)  إلى محطة الفضاء لدعم إنتاج فيلم قصير ثلاثي الأبعاد بزاوية 360 درجة والذي سيظهر إلى جانب المسلسل). (المصدر)

تم إطلاق السلسلة في الولايات المتحدة الأميركية في 26 آذار لعام 2018.

الموقع الرسمي للسلسلة من هنا

للحصول على المقطع الدعائي للفيلم (اضغط هنا)


TAG:

منظمة تتهم "الادارة الذاتية" بارتكاب انتهاكات بحق معتقليها .. وواشنطن تعلق

اتهمت منظمة "العفو الدولية" الادارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا، بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين المعتقلين في السجون التابعة لها، بالمناطق الخاضعة تحت سيطرتها، فيما علقت الخارجية الامريكية على ذلك، مشيرة الى انها ستعمل على مراجعة هذه التقارير.