كل الطرق تؤدي إلى "فيا ريكتا".. أقدم وأطول طرق دمشق

"فيا ريكتا" الطريق الذي خرجت منه المسيحية إلى العالم ودخل منه الإسلام إلى دمشق، دخله بولس الرسول فاقداً لبصره وخرج منه مبشراً بالديانة المسيحية في أوروبا، ليلتقي في منتصفه بعد ستة قرون جيش خالد بن الوليد الذي دخل من باب شرقي مع جيش أبو عبيدة الجراح الذي مر من باب الجابية.

"فيا ريكتا" الطريق الذي خرجت منه المسيحية إلى العالم ودخل منه الإسلام إلى دمشق، دخله بولس الرسول فاقداً لبصره وخرج منه مبشراً بالديانة المسيحية في أوروبا، ليلتقي في منتصفه بعد ستة قرون جيش خالد بن الوليد الذي دخل من باب شرقي مع جيش أبو عبيدة الجراح الذي مر من باب الجابية.

كيفما سرت على أحجار المدينة القديمة ستؤدي بك الطرق إلى الطريق المستقيم، أول طرق المدينة القديمة وأقدمها، مضى على شقه حوالي 1952 عاماً ومازال أشهر طرق دمشق ومقصد زائريها.

سماه الرومان باسم Via Recta" بطول وصل إلى 1500 متر وعرض يتراوح بين 20 و 25 متر، من الشرق إلى الغرب واصلاً بين باب شرقي وباب الجابية، وجاء بناءه بما يتناسب مع أسلوب بناء المدن اليونانية والرومانية أي أسلوب البناء الشطرنجي الهلنستي، المعتمد على شوارع مركزية، شوارع الصغيرة مقسمة إلى أحياء صغيرة لتسهيل حركة السكان وصولا إلى أبواب المدينة.

كان مزيناً بالتماثيل التي تتوسط الشارع، مثل عمود عليه تمثال رجل باسط ذراعيه، وآخر على رأسه كرة فيها حديد، وكان يقطع هذا الشارع شارع آخر عرضاني "كاردوس ماكسيموس" (يمتد من الشمال إلى الجنوب) وعند نقطة التقاطع تمّ الكشف عن قوس في منتصف القرن العشرين، وكان على عمق 4 أمتار ونصف من سطح الأرض، نظراً لارتفاع سوية الشارع على مر العصور، وتم رفع هذه الآبدة إلى مستوى الشارع وترميمها، ومن المحتمل أن يكون هذا القوس هو الذي يسميه ابن عساكر بقنطرة سنان، كما حدّثتنا المصادر التاريخيّة عن وجود قوس أخرى إلى الغرب من هذا القوس، تهدم في القرن الثامن الهجري، واستخدمت أحجارها في البناء، كما ذكر المؤرخ ابن كثير.

يضم على جنبيه العديد من الأماكن الدينية التي تعتبر رأس السلطة الدينية في الشرق الأوسط كبطركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الاوذكس (كنيسة المريمية)، وبطركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين (كنيسة الزيتون)، بالإضافة إلى العديد من المساجد التي تمت على طول الطريق كمسجد بن هشام، ابن طغان، العريشة، السادات، عبد الله بن زكوان ومئذنة الشحم، كما ويتوزع على جنباته خانات عديدة خان "الدكة، جقمق، الزيت، الصنوبر، الرز.

ويقسم الشارع إلى قسمين الأول يمتد من باب الجابية غرباً وحتى قوس النصر، وهو المعروف شعبياً باسم "السوق الطويل"، أطلق عليه المماليك "سوق جقمق" نسبة إلى سيف الدين جقمق نائب دمشق في سنة 821 هـ، وفي العهد العثماني قام الوالي الشام "مدحت باشا" بتوسيع الشارع على حساب الدور السكنية سنة 1878م، وحمل منذ ذلك الوقت اسم "مدحت باشا"، وجدده رؤوف باشا في عام 1890 وتمت تغطيته بالحديد والتوتياء في عهد آخر الولاة العثمانين "حسين ناظم باشا" حماية له من الحرائق بعد أن كان مسقوفا بالخشب، في عام 1925م رمّم بعد الحريق الناتج عن القصف الفرنسي، ويعتبر محركاً للاقتصاد الدمشق، تتم فيه التجارة بكافة أنواعها حيث يضم الآن أكثر من 700 محل تجاري ومخزن.

أما الثاني فيمتد من منتصف الشارع وحتى باب شرقي وضعت عليه محافظة دمشق لوحة باسم "الشارع المستقيم".‏

وفي عام 2007 تمت إعادة ترميم للشارع، ورصف الشارع بالبازلت وأُعيدت إليه في بعض أَجزاءه الآثرية من قطع الأعمدة القديمة والتيجان الكورنثية بعد اكتشاف العديد من الآثار القديمة وأساسات الشارع المستقيم القديم، إضافة إلى كشف أساسات وقواعد سور المدينة القديمة، وتم ترميم وتجديد كافة العقارات والمباني المطلة على الشارع من الجانبين وتمت الاستعاضة عن أبواب الحوانيت والمحلات الحديدية بأبواب أخرى خشبية.

وللأسف فإن الشارع المستقيم ليس كما كان في السابق وخصوصاً النصف الغربي الذي ضاعت معالمه الاساسية ضمن الأسواق وأصابها القدم بفعل كوارث طبيعية أو أعمال تنظيمية جرت في العصور.‏

وقد انخفض مستوى الشارع بسبب زلازل ضرب المنطقة عن مستوى الشارع الظاهر حالياً، وهو يقع تحته بعمق يتراوح بين خمسة وعشرة أمتار.‏


المواضيع الأكثر قراءة

SHARE

close