تقديم ..
علاقة سيريانيوز بالتراث علاقة قوية وعميقة ، فنحن نؤمن بان الحاضر هو نتاج الماضي وفهم التاريخ هو اساس بناء المستقبل والزمن شريط متصل، ما نحصده اليوم من نتائج للمقدمات التي كانت في البدايات والسياق التاريخي الذي مرت المنطقة فيه.
وقصتنا مع التراث بدأت منذ اكثر من عقد من الزمن ، عندما قررنا بناء ارشيف للموقع مختص بتاريخ الصحافة والطباعة في سوريا.
وكانت رحلة متبعة غنية وشيقة ، فتحت اعيننا على حقيقة ان التاريخ والتراث في سوريا مغيب ومشوه وفي احسن الاحوال مهمل ولا نعرف عنه شيئا.
استطعنا جمع عشرات الاف الصحف والكتب والوثائق والعملات والطوابع التي صدرت عبر مئات السنين في ارض سوريا ، حصلنا عليها من المكتبات القديمة ، من المستودعات مخزنة مع الاثاث والمونة ، من الورثة الذين باعو مكتبات ابائهم .. حصلنا عليها من كل مصدر ممكن لنجمعها في سياق نستطيع منه فهم تاريخنا بشكل قريب للواقع يخبرنا عن حقيقة ما جرى في هذه الارض و جعلنا نصل لما وصلنا اليه اليوم ..
وقررنا في هذا الباب "المتحف" ان نعرض بعض مقتنياتنا "الثمينة" والتي نطلق عليها في داخل مؤسساتنا "كنوز" مصحوبة بالشروحات اللازمة نحاول ان نقدم من خلالها معلومات دقيقة موثقة تدور حول كل "معروض" من معروضات "المتحف" آملين ان تجدوا فيها الفائدة والمتعة.
قصة اليوم ..
"الفضيلة والعلم " ربما كثر من الدمشقيين يعرفون مكان هذه المدرسة في حارة الزيتون في منطقة باب شرقي داخل المدينة القديمة ، وحتى منهم من درس فيها.
هذه الوثيقة في "متحف" سيريانيوز هي سجل علامات الطالب او كما يسميه السوريين ( الجلاء المدرسي ) للصف الرابع ( الاخير ) الابتدائي في هذه المدرسة التابعة للبطرياكية الكثاوليكية في العام 1899 ، اي عندما كانت سوريا ولاية عثمانية.
وبهذه المناسبة من المفيد ان نسلط الضوء على النظم التعليمي الذي كان سائدا في دمشق في تلك المرحلة.
فبالاضافة الى "الكتاتيب" التي كانت منتشرة في دمشق وكل المناطق في سوريا فقد اقيمت المدارس الابتدائية والرشيدية والاعدادية والتعليم العالي في ارجاء الامبراطورية العثمانية بموجب نظام صدر بالارادة السلطانية في العام 1869.
قسمت بموجب هذا النظام المدارس الى مدارس ابتدائية ( اربع سنوات ) وكانت توجد في كل قرية ( او قريتين على الاكثر) مدرسة ، ومدارس رشيدية ( 4 سنوات ) ، ومدارس اعدادية ( 3 سنوات ) وتفتح هذه المدارس في المناطق بحسب عدد السكان.
وبعد الاعدادية تاتي المدارس السلطانية وهي في مراكز الولايات وتنقسم فيه الدراسة الى قسمين ، العادي ويمتد ثلاث سنوات وهو بمثابة دراسة متقدمة للاعدادي ( يوازي الثانوي اليوم ) والعالي ويمتد 6 سنوات ويدرس فيه الادب والتاريخ والعلوم والهندسة والرياضيات والكيمياء .. واخيرا المدارس العالية
ومن الملفت بان المعلم ليس كما في وقتنا هذ، بل كان ا يجب ان يحصل على اعلى تعليم ليسمح له التدريس في المدارس ، ولذلك كانت المدارس العالية مختصة باعداد المعلمين والمعلمات لكل المراحل وتمتد فيها الدراسة بين 3 الى اربع سنوات.
ويجب ان نذكر بانه بالاضافة الى هذه المدارس كان يوجد المدارس الرشيدية العسكرية ينقل بعدها الطالب الى المدرسة الاعدادية العسكرية ليتخرج برتبة ضابط.
وبموجب النظام ايضا تقسم المدارس الى حكومية وخاصة.
اما عن عدد المدارس الحكومية فقد تجاوز عددها الـ 100 مدرسة في دمشق نهاية القرن التاسع عشر، منها 19 مدرسة ابتدائية مختلطة ، و 16 مدرسة للاناث و 68 مدرسة للذكور، وتضم جميعها حوالي الـ 4000 طالب.
أما المدارس الخاصة فكانت تنقسم الى قسمين
المدارس الوطنية وهي المدارس الاهلية الوطنية التي ينشؤها اهل البلد والمدارس التبشيرية التي كانت تؤسسها الارساليات التبشيرية الاجنبية التابعة للكنائس والتي بدأت نشاطها في منتصف القرن الثامن عشر وبلغ عدد هذه الارساليات ( الاجنبية ) في عام 1912 ، 38 مؤسسة تبشيرية اجنبية عاملة في الدولة العثمانية انشأت حوالي الـ 30 مدرسة حتى نهاية القرن التاسع عشر تضم اكثر من 3000 الاف طالب.
ومن هذه المدارس مدرسة اللعازاريين ومدرسة الروم الارثودوكس والمدرسة الانجيلية ، والسريانية ومدرسة الروم الارثودوكس والارمن والفرنسيسكان والمدرسة الانكليزية اليهودية ومدرسة البطرياكية الكاثوليكية التي تتبع لها مدرسة الفضيلة والعلم التي اصدرت الوثيقة موضوعنا اليوم.
ربما هو احتمال ضئيل للغاية ان يكون صاحب الشهادة ما زال على قيد الحياة ، ولكنها الوثيقة بقيت لتثير فينا الفضول وتجعلنا نبحث في اصلها ونقدم لكم ما تقدم من معلومات نرجو ان تكونوا قد وجدتم فيها المتعة والفائدة.
المتحف - سيريانيوز