لا زال سوريون ينتظرون تحسن قيمة الليرة السورية امام الدولار منذ ان ترتفع بداية الازمة الى اول مستوى قياسي له واصبح بـ 70 ليرة سوريا.
وفي كل مرة يقفز سعر الدولار في السوق السوداء يخرج حاكم مصرف سوريا المركزي و "ينبح" بانه سوف "يتدخل" و"لن يسمح " .. وكلام من هذا القبيل ..
و كلمة "بنبح" هنا لا تأتي في معرض الذم او الشتيمة ، وانما في معرض "التوظيف" الذي يشغله الحاكم ( ومعظم المسؤولين ) في سوريا ، وهو اعطاء الشعور للمواطن بانه يوجد "كلب حراسة" يحرس "سعر" الدولار ولا شيء يدعو للقلق اذا "فلت" احد "لصوص" السوق السوداء ونجح في رفع معدلاته.
ولكن الامر ليس كذلك ، ولا اريد ان احبط المتفائلين بشأن سعر صرف الليرة السورية الا ان احتمال ارتفاعها امام سعر صرف الدولار يبقى مساويا للصفر وربما هو امر في ظروفنا الحالية من ثامن المستحيلات .. لماذا ؟
لان الموضوع رياضيات وليس عواطف وشعارات وانتصارات على طريقة نظام الاسد ..
فسعر الصرف أي عملة يرتبط بشيء يشبه "الخزان" المليء بالدولارات تسمى "احتياطي" .. كلما كان هذا الخزان ممتلئ بالدولارات كلما كان سعر صرف العملة مرتفع وكلما زاد امتلاءً كلما ارتفع السعر والعكس صحيح.
كلما نقص مخزون الخزان .. كلما انخفض سعر العملة ، وهذا المخزون بالنسبة لليرة السورية ينخفض وينخفض منذ بداية الازمة وبالتالي تنخفض قيمة العملة وهي معادلة رياضية ليس بحاجة للنقاش.
ما الذي يجعل سعر الصرف يرتفع ؟
هو اعادة ملئ الخزان ب "الاحتياطي" أي بالدولارات .. وهذا عادة يأتي من زيادة الصادرات من ارتفاع معدل الاستثمارات من ارتفاع معدل النمو وانخفاض معدلات البطالة زيادة مساهمة الانتاج المحلي الصناعي والزراعي في الناتج الاجمالي ، هذا بحاجة الى اداء اقتصادي قوي ومستمر لسنوات طويلة يمكن بعدها ان يتحسن سعر الصرف ويرتفع قليلا .. ولا يرتفع بشعار هنا و"نباح" هناك ..
وهذا طبعا في حالتنا السورية ( تحسن مؤشرات الاقتصاد ) امر غير موجود على العكس تماما ، فان اقتصادنا الوطني جراء الحرب وتخصيص العائدات الاكبر للجيش ولعمليات السيطرة العسكرية على المناطق وتأمين الرئيس وحاشيته وانفاذ مصالح الدول الداعمة للنظام .. كل هذا اعمال تؤدي الى صرف مزيد من الاحتياطي وبالتالي اتجاه سعر صرف الليرة الى الانحفاض.
لماذا يتحسن سعر صرف الدولار احيانا بمعدلات بسيطة ؟
لان هناك العامل النفسي التي تتأثر بالدعاية والبروباغاندا وتؤثر على العرض والطلب ، وايضا هناك التقييد الذي تمارسه السلطات على تداول الدولار وضبط منافذ بيعه والسيطرة عليها لتقييد السعر وهذا من المستحيل ان يستمر الى وقت طويل وتأثيره على السوق محدود و مؤقت ..
وبالتالي والوقائع تقول بانه منذ ان بدأ سعر صرف الدولار بالارتفاع مقابل الليرة السورية واصبح الدولار يساوي 70 ليرة سورية وصولا لتجاوزها الـ 500 ليرة ، سعر صرف الليرة يتدهور وهذا ثابت .. والانكى من ذلك بان التاريخ "الاقتصادي" للدول ( خاصة المنطقة ) لم يشهد ان عملة تهاوت بهذا الشكل واستعادت عافيتها ( لبنان والعراق مثلا ) ..
ما مستقبل الليرة السورية ؟
من يسأل هذا السؤال بعد كل هذا الشرح لا يريد ا يفهم .. و" ان شاء الله عمرو ما فهم " .. صحيح كما قال المثل " مجنون يحكي وعاقل يسمع " ..
مع تحيات مجنون ..