كشفت صحيفة "الشرق الأوسط", نقلاَ عن مصادر فرنسية رسمية, ان باريس تستعد لطرح مبادرة سياسية – دبلوماسية، بشأن الحرب في سوريا, وسط اتصالات مكثفة تجريها مع المجتمع الدولي , مشيرة الى ان الاهتمام الدولي بالملف السوري يتراجع إلى المواقع الخلفية لعدة أسباب, مقللة من أهمية مؤتمرات أستانا وجنيف.
وأوضحت المصادر ان " الإعلان عن المبادرة سيعود لرئيس الجمهورية الذي يريد أن يعيد باريس ومعها أوروبا إلى وسط دائرة الاتصالات بعد أن همشتا في الأشهر الأخيرة، مع إطلاق حوارات آستانا، وشبه انفراد موسكو بالمبادرات أكانت عسكرية أم دبلوماسية".
وأشارت المصادر الى ان المبادرة الفرنسية بحاجة إلى "إنضاج ", وصدورها مربوط إلى حد كبير بالوضع الدولي وخصوصا بـ"القدرة على إيجاد واقع دولي جديد يتبين من خلاله للطرفين الروسي والإيراني أن استمرارهما في السياسة التي يتبعانها في سوريا سيكون أكثر كلفة لهما من قبول السير بحل سياسي حقيقي".
وتحدثت المصادر عن عوائق مرتبطة بواشنطن, تتمثل بعدم اتخاذها موقف او رؤية سياسية لمستقبل الوضع في سوريا، حيث ان التركيز الأميركي "لا يذهب أبعد من الحرب على (داعش) والإرهاب بشكل عام".
كما تطرقت المصادر الى العوائق الاخرى المتمثلة بمشاغل الدول الأوروبية , حيث تعاني بريطانيا من زعامة تيريزا ماي الفاقدة للثقة، ولا أحد يراهن على بقائها, اما المستشارة الألمانية مقبلة على انتخابات بعد ثلاثة أشهر, فيما تنتقل إيطاليا من أزمة سياسية إلى أزمة أخرى, ولذا فإن "الرافعة" الأوروبية التي تريد باريس الاتكاء إليها في الملف السوري "معطلة".
واضافت المصادر ان "الرافعة" الخليجية بعد أن كانت مستوعبة بحرب اليمن تجد نفسها مدعوة لإدارة الأزمة مع قطر، وبالتالي سيكون من الصعب الركون إليها، ما لم تسو هذه الأزمة.
واتهمت عدة دول لاسيما السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قطر "بدعم الإرهاب"، واتخذت سلسلة إجراءات تهدف إلى عزلها، وقطعت العلاقات الدبلوماسية معها, في حين عبرت الأخيرة عن أسفها لمثل هذا الإجراء "غير المبرر".
وفرضت عدد من الدول العربية إجراءات وتدابير عقابية بحق قطر, في مسعى لتضييق الخناق عليها, وذلك عقب الأزمة الدبلوماسية بين الدوحة وجاراتها الخليجية, على خلفية التهم المتعلقة "بدعم الإرهاب".
وتحدثت المصادر عن وضع المعارضة السورية المنقسمة على ذاتها سياسيا وعسكريا، لا يساعد الجهات الساعية إلى دعمها، بحيث نجح النظام بدعم الخارج في إبراز الصراع على أنه بينه وبين الإرهاب، أكان «داعش» أو النصرة.
وترى المصادر أن مسلسل مؤتمرات جنيف «يدور في فراغ»، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها من أجل حل سياسي, أما حوارات آستانا التي أوجدها الروس، فإنها «ليست أفضل حالا».
وأوضحت المصادر" ثمة دائرتان الأولى منبثقة مباشرة من آستانا، وهي تضم أربعة أطراف روسيا وتركيا وإيران والأردن، والثانية تضم الأميركيين والروس والأردنيين ومحادثاتها تجرى في عمان, وغرض الدائرتين تحديد مناطق خفض النزاع وتثبيتها وإدارتها، ومفاوضاتها تدور في الحالين «في حلقة مفرغة»، بسبب «غياب الإرادة السياسية» ومطالبة كل طرف بـ«ضمانات» لا يريد أحد أن يوفرها.
وكشف مسؤولون أمريكيون ومصادر دبلوماسية غربية منذ ايام عن عقد محادثات أمريكية – روسية سرية في العاصمة الأردنية بهدف إقامة منطقة لتخفيف التوتر في جنوب غرب سوريا.
واعتمدت الدول الضامنة الثلاث للهدنة في سوريا، روسيا وإيران وتركيا، مذكرة تفاهم حول إنشاء 4 مناطق تخفيف التصعيد في سوريا لمدة 6 أشهر.
وأضافت ان "تركيا تطالب بالتزام يحرم استهداف قواتها أو القوات التي تحميها في الشمال, وسط عجز روسيا عن الضغط على العناصر التي تحميها إيران غير المتحمسة لمناطق خفض النزاع, يضاف إلى ذلك خلافات على تعيين حدود كل منطقة وكيفية إدارتها وعودة اللاجئين والجهات المكلفة الرقابة".
وترى المصادر الفرنسية في التأجيلات المتلاحقة لاجتماع آستانا "مؤشرا على الصعوبات التي تلاقيها"، فضلا عن أن الحرب فيها لم تتوقف رغم تراجع حدتها في بعض المناطق, والأخطر من ذلك كله أن باريس تعتبر أن سوريا اليوم «مقسمة» فعليا بين منطقة تركية، وأخرى للنظام، وثالثة لـ«داعش» ورابعة لقوى المعارضة.
ومن المحتمل عقد اجتماعات أستانا حول سوريا في أوائل شهر تموز المقبل, قبيل مفاوضات السلام السورية في مدينة جنيف, بحسبما اعلنه الموفد الاممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
وعقدت 4 جولات من مفاوضات استانا آخرها كان في أيار, وشهدت توصل الدول الضامنة (روسيا – إيران – تركيا) لاتفاق على انشاء 4 مناطق "خفض التصعيد" في سوريا لمدة 6 أشهر .
كما استضافت جنيف 6 جولات من المفاوضات السورية غير المباشرة بجنيف، آخرها كان في أيار الماضي، حيث تخللها لقاءات قصيرة ومكثفة بين المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا ووفود النظام والمعارضة السورية.
سيريانيوز