منذ بداية تأسيسها عام 1945 وإلى يومنا هذا كانت جامعة الدول العربية جامعة أقوال لا أفعال، فلا قرار جريء اتخذته هذه الجامعة يستحق أن نتوقف عنده ونشيد به، ولا موقفاً قومياً قامت به هذه الجامعة يستحق أن نقول عنه أنه موقفٌ وحد العرب ولم يفرقهم.
ولعل هذا العجز الشديد للجامعة العربية أمام قضايا الوطن العربي وعلى رأسها قضيتي فلسطين سابقاً وسوريا لاحقاً، ليس وليد هذه اللحظة، بل إن صفة العجز هذه رافقت هذه الجامعة منذ بداية تأسيسها حتى باتت متلازمة معها لاتفترق عنها بأي شكلٍ من الأشكال.
نشرت جريدة الحياة (المحفوظة بمتحف سيريانيوز) بعددها الصادرة في العام 1953 بعددها رقم 2288 وثيقة عسكرية سرية على حد قولها خاصة بجامعة الدول العربية، وكانت هذه الوثيقة نتيجة الحماس المباغت لأعضاء الجامعة بعد العدوان الإسرائيلي المتكرر على الأراضي والقرى العربية وخاصة في لبنان، جاء في هذه الوثيقة:
" بمناسبة البحث في إنشاء – الجيش العربي المشترك – تم اعدد دراسة عسكرية خاصة حملت عنوان (في سبيل إنشاء الجيش العربي الموحد) هذه واحدة من الدراسات العسكرية التي وجهت إلى أصحاب الشأن من أجل أن تتم هذه الخطوة بأسرع شكل ممكن.
الدراسة:
لابد أن نلفت نظر الجامعة العربية إلى نقطة مهمة، هي تشكيل غرفة عسكرية في مقر الأمانة العامة برئاسة الأمين العسكري المساعد بعد ان اتجهت النية مؤخراً إلى تعيين شخصية عربية عسكرية لهذا المركز مهمتها اتخاذ الترتيبات المقتضاة ووضع الأسس المبدئية للمجلس الحربي الأعلى والإشراف على كافة المخابرات العسكرية، وتكون همزة الوصل بين الجامعة والرجال العسكريين العرب، على أن تندمج بعد تشكيل المجلس بهيئة إدارته.
ذلك أنه من المحتم أن يكون للمجلس الحربي الأعلى هيئة إدارة دائمة تتكون من الرئيس المنتخب والسكرتير وخمسة أعضاء، لأن لبقية أعضاء المجلس وظائف أخرى، ويحق للرئيس دعوة المجلس بكامل هيئته عندما يكون البحث متعلقاً بحالة طارئة أو ظرف استثنائي أو للبحث في وظائف المجلس الأساسية المذكورة في المواد المتقدم ذكرها.
هذه لمحة خاطفة عن كيفية تشكيل وتكوين الجيش العربي الموحد، أضعها أمام مجلس الدفاع العربي المشترك، فيخطون الخطوة الأولى في تنفيذ هذا المشروع الحيوي بعد أن كشف العدو القناع عن وجهه وظهرت حقيقة نياته لكل من ألقى السمع وهو شهيد.
أما كيفية توزيع الجيش على الدول العربية وما يقتضي من تكاليف:
العدد اللازم تجنيده 4000 – اسم الدولة لبنان – عدد النفوس 1000.000 نسمة – التكاليف السنوية المقدرة بالجنيه المصري 8.40000.
العدد اللازم تجنيده 20.000 – اسم الدولة سوريا – عدد النفوس 5000.000 نسمة – التكاليف المقدرة بالجنيه المصري 4.200.000
العدد اللازم تجنيده 24.000 – اسم الدولة العراق – عدد النفوس 6000.000 نسمة – التكاليف المقدرة بالجنيه المصري 5.040.000
العدد اللازم تجنيده 24.500 – اسم الدولة المملكة العربية السعودية – عدد النفوس 3000.000 نسمة مع نسبة اللاجئين 1.000.000 – التكاليف المقدرة بالجنيه المصري 5.200.000
العدد اللازم تجنيده4.000 – اسم الدولة الأردن – عدد النفوس 1000.000 نسمة – التكاليف المقدرة بالجنيه المصري 84.000
العدد اللازم تجنيده 500 – اسم الدولة اليمن – عدد النفوس 3000.000 نسمة – التكاليف المقدرة بالجنيه المصري 10.000
العدد اللازم تجنيده 500– اسم الدولة ليبيا – عدد النفوس 1000.000 نسمة – التكاليف المقدرة بالجنيه المصري 10.000
العدد اللازم تجنيده 1000– اسم الدولة الكويت – عدد النفوس 15.0000 نسمة – التكاليف المقدرة بالجنيه المصري 210000
العدد اللازم تجنيده 71.500 – اسم الدولة مصر – عدد النفوس 22.000.000 نسمة – التكاليف المقدرة بالجنيه المصري 150.15000
مجموع الجيش المقاتل 43150000 التكلفة بالجنيه المصري 31500000
انتهى
وتنشر مجلة الحياة هذه الدراسة الجدية التي أعدت مع غيرها من الدراسات، لأنها على قناعة أن أعضاء الجامعة العربية يعملون على مافيه رتقٌ للفتق قبل أن يتسع الراتق وجبر الكسر قبل أن يموت العليل وتحل ساعة الندم.
فكفانا اجتماعات وخطب وأقوال ومقررات سرية وعلنية وتصنع أمام المصورين وعرض هندام، وهم أي المؤتمرين بين قائم يخطب وقاعد يسمع ويصور، وينتهي المؤتمر كالعادة بصور على المجلات لا تثير لدى العدو إلا نوبات من الضحك الشديد، على ماسمع وقرأ وشاهد من صور ".
هذا حال جامعتنا منذ أكثر من ستين عاماً، فهل تغير الحال اليوم عما كان عليه سابقاً ..؟؟؟