*لا يملُّ المسئولون الروس، بتكرار ذات العبارة على الدوام :" لا يوجد استراتجية أمريكية في سورية" !. المحللون والمحللات الروس يلتقطون كل كلمة تصدر عن المسئولين الروس ويقومون بدورهم بتكرارها والدفاع عنها مهما كان دفاعهم يفتقر للمنطق والحجة والموضوعية، ولذلك لم يكُن دفاعهم مُقنِعا في معظم الأحيان، فهو إعادة تكرار لتصريحات وزارة الخارجية، أكثر منه تحليلا، بل هم الوجوه الأخرى المتعددة للسيدة ماريا زاخاروفا الناطقة باسم الخارجية الروسية!. وأي تحليل بالسياسة لا ينطوي على بعضٍ من الحيادية، على الأقل، وبعضٍ من الموضوعية، فلا يحظى صاحبه بالتوفيق!. فلا يمكنُ أن يكون الطرف الذي ينحازُ لهُ هذا وذاك على صوابٍ طوال الوقت، وغيرهِ على خطأٍ طوال الوقت!. هذا لا يستقيم مع المنطق ولا مع العقل السليم..
*معالم الإستراتيجية الأمريكية في سورية وفي كل المنطقة باتت مؤشراتها تتضّح وذلك قبل الإعلان عنها بشكلٍ رسمي!. فقد عبّر عن معالمها كلٍّ من الرئيس ترامب ووزير خارجيته وسفيرتهِ إلى الأمم المتحدة، وها هو وزير الدفاع "جيم ما تيس" يُصرِّح عن معالم هذه السياسة وهو يجول في دول المنطقة مابين قطَر والسعودية ومصر وإسرائيل.. لا شكّ أنها، باختصار، سياسة معادية لإيران وحلفاء إيران في المنطقة، وداعمة بقوة للسعودية وحلفاء السعودية في المنطقة.. بل كان الوزير "ماتيس" يكرر من قلب الرياض يوم 19/ نيسان 2017 ذات العبارات التي يكررها المسؤولون السعوديون على الدوام إزاء إيران وحلفائها، في اليمن وفي لبنان وفي سورية!.. وبدا "ماتيس" وكأنه وزيرا سعوديا أكثر منه أمريكيا!..
*إذا هذه هي الإستراتيجية الأمريكية، لن تخرج عن هذه التصريحات التي ما فتئَ مسئولو إدارة ترامب يرددونها بلا مللٍ، وعلى الأخص المندوبة الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي. وهي ذات الاستراتيجية التي تبنتها مجموعة السبعة خلال اجتماعها يوم 11 نيسان في تسكونا بإيطاليا. فألَم تكُن كل تلك التصريحات كافية لتعكس الاستراتيجية الأمريكية في سورية؟.
* أستغرب أن يسأل الروس باستمرار عن الاستراتجية الأمريكة في سورية بعد كل تلك التصريحات التي أدلى بها كبار مسئولي الإدارة الأمريكة، واولهم وزير الخارجية ريك تيلرسون!. ماذا يريد الروسي أوضح من تلك التصريحات؟. أليستْ التصريحات والبيانات هي انعكاس للخطط السياسية والاستراتيجيات المرسومة، أم يجب أن تكون الاستراتيجية مطبوعة بالتفاصيل ومُعمّمة رسميا على كل وزارات العالم؟. أليستْ الإستراتيجيات السياسية كما العسكرية لا يمكن إفشاؤها كاملا لما تنطوي عليه من السرية؟.
* أعتقد أن السيد لافروف يستطيع أن يقرأ ويفهم ما هو بين الاسطر، فكيف إن كان الأمر واضحا وبالخط العريض في أعلى الصفحة!.
*الأمريكي لا يخفي استراتيجيته في سورية، وقد سرّبت وسائل الإعلام الروسية ذاتها، نقلا عن وكالة "أسوشيتد برس" أن مصدرا أمريكيا باحَ بالخطة التي تتألف من أربع مراحل... ومهما كان وصفنا لتلك الاستراتيجية، فهذا هو تفكيرهم وسياستهم ومخططاتهم التي جاء وزير دفاعهم لتسويقها في المنطقة، ولكن ما هي بالمقابل الاستراتيحية الروسية في سورية؟.
*روسيا تتقاطع مع الولايات المتحدة في الحديث عن محاربة الارهاب، ولكنهما مختلفان على التصنيف!. وتتقاطع مع الولايات المتحدة في بناء القواعد العسكرية فوق الأرض السورية، ولكنهما مختلفان على شرعيتها، فروسيا تقيمها بموافقة الحكومة السورية ولكن الولايات المتحدة تقيمها بالتعاون مع بعض التنظيمات الكردية الموالية لها في شمال وشرق سورية، والتي تعتبر ذاتها صاحبة الحق والشرعية في منحِ الموافقات الأجنبية، في ظل الوضع الذي يكتنف سورية.
*روسيا تبحث عن مناطق نفوذ تابعة لها، والولايات المتحدة تبحث عن مناطق نفوذ تابعة لها.. روسيا تبحث عن أسواق لبيع السلاح، والولايات المتحدة تبحث عن اسواق لبيع السلاح.. روسيا أعلنت أن سلاحها تمّ تجريبه ميدانيا في سورية، وأن طلبات العروض لشراء السلاح الروسي ازدادتْ بعدها، والولايات المتحدة تُجرِّب اسلحتها الجديدة في أفغانستان كما (أم القنابل) ولا ندري إن كانت ستجرب سلاحا جديدا في سورية مستقبلا!..
* وإنْ ما انتقلنا إلى مسألة الحل السوري فإن كلا من موسكو وواشنطن تتحدثان عن أنه لا يوجد سوى الحل السياسي، وأنهما حريصان على الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، ويؤكدان دوما على القرار 2254 المعطوف على بيان جنيف لشهر حزيران 2012 ، بل إن الولايات المتحدة هي من تقدّمت بمشروع القرار 2254 لِمجلس الأمن، على اساس توافقي مع روسيا ومع كافة الأعضاء (ونَص القرار معروف)!.. ولكن ، بكل أسف، فإن الروسي يتحدّث عن الحل السياسي وبالمقابل يتحدّث عن خطوط حمراء في سورية لا يمكن أن تستقيم مع الحل السياسي، بل تنسف كل معانيه وغاياته، وهو بذلك يبدو وكأنه يرغب ببقاء كل شيء في سورية على حاله مع بعض الترقيع والتلميع، وهذا لا يمكن أن يستقيم مع الحالة السورية.. وهكذا يُصبِحُ الجدَلُ على تفسيرات هذا القرار جدلا بيزنطيا لا ينتهي..
*الروسي يقول أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل بلده وحُكّامهِ والأمريكي يقول ذات الشيء ولكن الطرفان يكذبان، وهما أول من يعلم أن الشعب السوري كل عمرهِ في خبر كانَ وقد كان أعجزْ من أن يقرر سعر البصل حتى في أيام الاستقرار حينما كان كل فردٍ يعيش في بيته وقريته ومدينته، فكيف له أن يقرر اليوم مستقبل بلدهِ وحكامهِ في ظل الظروف القائمة؟!.
*هناك من يُجادل أن روسيا تراوغ لأنها تعتبر سورية ورقة بين يديها وهي لن تُفرِّط بهذه الورقة قبل أن تحصل على مقابلٍ في أوكرانيا وفي القرم، اقلها رفع العقوبات، وربما أبعد من ذلك!. ويبدو أن تيليرسون لم يمنح روسيا الثمن الذي تتطلع إليه خلال زيارته لموسكو في 12 نيسان 2017، ولكنه أشار إلى احترام مصالح روسيا في سورية مستقبلا.. وهذا لا يكفي بالنسبة لِروسيا فهي تريد احترام مصالحها في محيطها الإقليمي قبل كل شيء، وهذا هو لب الموضوع!.
*قلتها مرارا، آلية وطريقة ونهج الحُكم في الدولة السورية ومحركاتها أشبة بسيارة مهترئة موديل 1945، وترقيعها غير ممكن ولا حلّا إلا باستبدالها بسيارة جديدة موديل هذا العام ، ترضي أذواق كافة السوريين.. وإن كانت الدولة السورية موديل 1945 فالمصيبة أن عقلية التنظيمات الدينية التي تحمل السلاح هي موديل 1920 ، فهذه أيضا صدئة ومهترئة حتى النهاية، ولا يمكن على الإطلاق القبول بها.. فلا موديل 1945 مقبولا ولا موديل 1920 مقبولا، الناس لا ترجع للوراء وإنما تتقدم للأمام..
*الحديث عن الحل السياسي في سورية بموازاة الخطوط الحمراء لا يمكن أن يستقيم، فروسيا لها استراتيجيتها التي تخدم مصالحها والولايات المتحدة لها استراتيجيتها التي تخدم مصالحها أيضا، ولا أحدا مكترثا بمصالح الشعب السوري, الذي باتَ في خبَر كانَ!. من يحرص على الشعب السوري فعليه فورا العمل بجدّية لتطبيق القرار 2254 وبيان جنيف بلا مراوغة ولا مماطلة ولا لفٍّ ولا دوران ولا ميوعة.. ويذهب نحو مرحلة جديدة تبدأ بالانتقال السياسي كما ورد في القرار 2254 .. من يحرص على مصلحة الشعب السوري عليه أن يطفئ كافة الأضواء الحمراء ويُشعِل الأضواء الخضراء التي تسمح بالحركة أن تسير. مَن يعارض الانتقال السياسي في سورية الذي نصّ عليه القرار 2254 ويقول أن هذا أصبح وراء الظهر، إنما يريد إبقاء سورية في دوامة الحرب والدماء والدمار، خدمة للمصالح الخاصة والمكاسب والامتيازات، وليس لأي أمرٍ آخرٍ .. أتمنى على من يرفعون الصوت عاليا ضد الانتقال السياسي بموجب القرار 2254 أن يخبرنا واحدهم بكل صدقٍ وأمانة، كم باتتْ لديه من الثروات والبيوت له ولأولاده أو بناتهِ؟. فنحن نعرف أن هذه النوعيات تدافع عن مصالحها ومكتسباتها، وليست لها مصلحة بأي تغيير لأنها سوف تخسر تلك الامتيازات والمكاسب، والحياة الفاخرة على حساب الوطن. أعرف منهم (ومنهنّ) من كان لا يملك سوى الثياب التي يلبسها ويعيش مع الطلاب في السكَن الجامعي، أو في سريرٍ في مكتبهِ، ولكن بفضلِ السُلطة (وليس راتب الوظيفة) بات لا يعرف مكتسباته ومكتسبات أولاده وبناته!.
*من يحرص على الشعب السوري لا يكفي بأن يكرر دوما أن الحل هو حلا سياسيا وإنما يجب أن يجسِّد هذا الكلام فعليا وليس بالقول فقط.. ولا يجوز أن يبادر لطرح مشروع دستور لسورية وكأنه لا يوجد شعبا سوريا، هذا استهتار كامل بالشعب السوري.. ولا يجوز أن يتصرّف وكأنه يضع العربة قبل الحصان، فيتحدث عن دستور قبل الاتفاق على أي شكل من الانتقال السياسي، ويستهزأ بعقول السوريين بالقول تارة أن الهدف من طرح الدستور هو تحريك الحوار، وتارة أن هذا مُجرّد وجهة نظر وغير مُلزِم للسوريين.. أمرا إيجابيا أن تساعد روسيا السوريين في صياغة دستور لبلادهم ولكن هناك خطوات هامة وضرورية يجب التوصُّل أولا إليها ومن ثمّ يتم الحديث عن الدستور!.
*بعد إستعادة السيطرة على حلب الشرقية في أواخر العام الماضي، كان متوقعا من الروسي أن يمضي بسرعة وجدِّية وحيادية، نحو تحقيق الحل السياسي السوري على أساس القرارات الأممية التي شاركَ بها، وكان طرفا في صياغتها، وعلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب ولا مُنتصِرا ولا مهزوما، فالروسي أول من يعلم أن هناك قوى إقليمية ودولية لن تسمح بأن يُقال عنها مهزومة، ولذا لا بُدّ من الحل المتوازن كما رسمتهُ القرارات الأممية.. وهو يدرك أيضا أن نجاحهِ العسكري لا يمكن أن يكتمل إلا بالحل السياسي..
**للأسف الشديد فإن روسيا (التي أُحبها وأحب شعبها الصديق طوال حياته) فشلت قيادتها في هذا الرهان، واعتقدَ الرئيس بوتين، مأخوذا بنشوة الانتصار، أنه بات قادرا على فرض رؤيته وإرادته الكاملة إزاء الحل السوري، فأخذ الأمور ببرودة وتمهُّل.. ولم يكُن يحسب أية حسابات فجائية للأمريكي، الذي دخلَ بقوة على الخط وخلط كل الأوراق في كل المنطقة..
*إن فرض الإرادات لا يمكن أن يكون قاعدة لأي حلٍّ في سورية.. وإنّ كل ما يصفونه بالمصالحات لا علاقة له بمفهوم"الصلح" وإنما هو تعميقٌ للأحقاد، التي ستنفجر في يومٍ ما للأخذ بالثأر الذي سيدفع ثمنه الفقراء والمساكين من (الـعـ ...) الذين لا حول لهم ولاقوة في كل ما يجري، ولم يكونوا في أي وقتٍ لا أصحاب قرار ولا مسئولين عن أي قرار.. من يُرغِمني على تركِ بيتي وأرضي التي عشتُ فوقها أبا عن جد فلن أغفر له في حياتي وسوف أتربّص به طيلة الحياة، وأضع نصبَ عيني العودة مهما طال الزمن، هذه هي الطبيعة البشرية.. وها هو الفلسطيني الذي وُلِد وتربّى خارج فلسطين فإنه لم ينسى أن أرضه الأصلية هي في فلسطين ويحلم بالعودة في يوم ما، وحقدهِ على من هَجّره لا ينتهي!.
*إن الجميع، واولهم أهل السُلطة، يدركون أن طيفا واسعا من السوريين وقفَ في ضفتهم ليس حُبا بهم، ولا ثقةً بِسُلطتِهم، وإنما خشية من التطرف ومن أصحاب العقول المتعصبة والمتزمة والطائفية!..أي أنهم بالمحصلة غير مقبولين ولكنها الطبيعة البشرية، فحينما لا يكون أمامك سوى خيارين: السيء والأسوأ، فسوف تذهب عفويا وتلقائيا نحو الأقل سوءا!.. فأهل السُلطة سابقا ولاحقا لم يبنوا دولة قانون ومؤسسات وعدالة وتكافؤ فرص، واستغلوا المناصب والنفوذ للثراء على حساب جوع وفقرِ عامة البشر(فهل هذا مسموح به في إيران وروسيا، أم يقتضي المحاسبة والمسائلة والمحاكمة في بلدانهم؟.)، فضلا عن احتكار السُلطة، وانعدام كل أشكال المعايير والضمير والوجدان في اختيار الاشخاص لمواقع المسئولية.. هذه يأتون بها من خارج السِلك لِترثَ والدها سفيرة في باريس، وذاك عسكريا يأتون به من خارج السلك ليصبح سفيرا في دولة عضوا في مجلس الأمن، وثالث يفشل في مكان عملهِ الأصلي فينقلوه سفيرا مدى الحياة كمكافأة ... وهكذا... بينما أصحاب الكار والمهنة والمؤهلات العلمية يقصونهم إلى بيوتهم!.. إنه سلوك عصـ... تتقاسم المنافع والكعكة فيما بينها، فعلى أي أساس سوف تحب الناس هكذا مسئولين؟. ولكنهم أهل التعصب والتطرف والتزمُّت والطائفية، الذين يهدفون لإلغائك من الوجود، وليس فقط من سرقة لقمة عيشك، هم من دفعوا الكثيرون للإصطفاف في ضفة النظام، على قاعدة الخطر والأخطر، والسيء والأسوأ؟.
*إن الأمر أشبه بطاعون "عمواس" ، وهذه بلدة فلسطينية بالقرب من بيت المقدس، انتشر منها مرض الطاعون في العام 18 للهجرة، أو 640 للميلاد، وأدى إلى موت الكثير من المسلمين ومن بينهم أبوعبيدة الجراح، ومعاذ بن جبل.. وقبْلَ وفاة أبو عبيدة، طلب منه الخليفة عمر بن الخطاب الخروج من المنطقة، لينجو من الطاعون، ولكنّ أبو عبيدة أجابهُ بقولهِ: لن أهربَ من قدرِ الله.. فقال لهُ عُمر(ر) : أهربُ من قدرِ الله إلى قدرِ الله!.. وكانت النتيجة أن نجا عُمر ومات أبو عبيدة!.
*إن الأقدار أخيرا كلها بيد الله، ولكنها الطبيعة البشرية تدفع الإنسان عفويا للهروب من الخطر إلى الأقل خطرا!. والتنظيمات الدينية التي قتَلت وخطفت واستهدفت على الهوية الدينية والمذهبية، رأى فيها الكثيرون خطرا أكثر من أهل السُلطة والحُكم!. فتلكَ لم تتوانى لحظة عن الحديث بالطائفية والتحريض الطائفي والتربُّص بالقتل لِمن يصفونهم الكفار والمشركين.
*الروسي يتهم الأمريكي بأنه غير جادٍّ في الحل السياسي، والأمريكي بدورهِ يتهم الروسي أنه غير جادٍّ بالحل السياسي وإنما يتحدث عنهُ ويفعل بعكسهِ، والحالة تزداد سوءا كل يوم، والخطر يتفاقم في سورية كل يوم، والأمريكي لم يعطي أية ضمانات للروسي بعدم تكرار عملية مشابهة لعملية الشعيرات، وذلك بخلاف ما صرّح به وزير الخارجية الروسي لافروف يوم الجمعة 14 نيسان 2017 ، بل خرجَ الناطق باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر حالا ليصحح للسيد لافروف ويقول: ( ان تيليرسون شرح لنظيره الروسي لافروف أنه لا توجد اهداف لاحقة بعد الضربة الصاروخية لكنه لم يستبعد احتمال أن تنفذ واشنطن ضربات مستقبلا).. ولا أدري كيف فسّرَ لافروف هذا الكلام بأنه وعْدا بعدم تكرار الضربات الأمريكية العدوانية.
*هذا فضلا عن أن تيليرسون كرّر أمام لافروف وهو بجانبه، الموقف الأمريكي والتصريحات الأمريكية بالشأن السوري وتمنّى على لافروف المساعدة في ذلك، وكان رد لافروف هو ذات الكلام الذي لم يثمِر عن أية نتيجة حتى اليوم!.
*يبدو أن الروسي لم يجني أية ثمارٍ من زيارة تيليرسون لا في القرم ولا في أوكرانيا، ولا سواها، ولذا بقي متشبثا بموافقه!. وهكذا ستبقى سورية حبيسة المصالح الاستراتيجية الروسية، من طرف، والأمريكية من طرف آخرٍ، والكل يُغطي على ذلك بالحرص على الشعب السوري، ولكن حقيقة الأمر ليس بينهم واحدا حريصا على الشعب السوري وإنما على مصالحه فقط!. إن كل من يحرص على سورية عليه أن يمضي حالا بتنفيذ مخرجات بيان جنيف والقرار 2254، وهي واضحة لا تحتاج إلى الكثير من التفسير والتعقيد!. أما الاختباء خلف الحديث عن القرار 2254 وبذات الوقت إفشال تطبيق ذاك القرار بالتفسيرات البعيدة عن مضامينه، فإنه كمَن يُعطي إشارة إلى اليسار ويدور نحو اليمين!..
**وهكذا نستنتج إن الحل في سورية ليس قريبا والسوريون يفترقون أكثر بين روسيا وأمريكا وبين السعودية وإيران.. وكل طرفٍ يتهم الطرف الآخر بالخيانة والعمالة (وشخصيا أرفض التخوين لِأحدٍ والمسألة أن هناك من تقاطعتْ مصالحهم مع واشنطن وآخرون تقاطعتْ مصالحهم مع موسكو) والفجوة تتسع باتساعها بين روسيا وأمريكا!. وليس بشرفٍ لِأحد أن يكون خانعا لروسيا ولا أن يكون خانعا للولايات المتحدة!. فكليهما دولٍ أجنبية تبحث عن مصالحها وتُجار أسلحة، وتبحث عن أسواق لبيعِ أسلحتها، وتتاجران بقضايا الشعوب والأوطان ولا يهمهم تقسيم البُلدان خدمة لمصالحهم.. وأرى الروسي والأمريكي يتقاطعان في تطلعهما لتقسيم سورية كحلٍّ للمشكلة، فالروسي طرحَ قبل حوالي سنة ونصف موضوع الفيدرالية التي هي وصفة للتقسيم لاحقا ومن ثم عاد رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما ليونيد سلوتسكي ليقول من قلب دمشق خلال زيارته لها في 20 آذار 2017 ، إنه لا يمكن تحقيق مصالحة في سورية دون إقامة مناطق حكم ذاتي للأقليات، أو مناطق حكم ذاتي قومية، وكان يقصد بذلك الأكراد، وهذا يعني مقدمة للتقسيم!..
*بينما سبقَ لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن صرّح أنه يصعب الإبقاء على سورية موحدة إذا استغرقَ القتال في البلاد مدة أطول!..
*طبعا الفيدرالية هي نظام حكم معمول به في العديد من دول العالم، ومنها الولايات المتحدة ذاتها، ولكن في سورية المسألة مختلفة، فالفيدرالية والحكم الذاتي تعني الجنوح نحو الإستقلالية وتكريثها حتى تتحول لاحقا إلى تقسيم، بسبب الأحقاد الدينية والطائفية والعُرقية التي تعمّقت بشكلٍ خطير خلال سنوات الحرب المتوحشة!..