لم أعد أخاف الموت يا أمي ! ... بقلم : وحيد كامل
فيما سبق من عمري كنت أشعر برهبة تجاه الموت ، و كان مجرد الحديث عنه يولد لدي شعوراً بالخوف . أما الآن فلا !
أماه! بعد ان تولاكِ الله برحمته وتركتني ورحلتِ ، اختلفت لدي الأمور كثيراً . رغم كثرة الأوفياء ، لا احد بمثل وفائك ، ما أكثر الطيبين ! لكن هيهات أن يصل أحد إلى جزء بسيط مما حملته لي من طيبة وحنان. ليس هناك صدر أوسع وأحن علي من صدرك ، كنتِ الملجأ والملاذ الآمن ، كنت الملاك الوحيد الذي أستطيع أن أغفو بين ذراعيه وأنا مطمئن.
اليوم ليس هناك تحت الشمس من يحل محلك ، ليس هناك من يربت على كتفي ، أو يعفو عني ، ويغفر زلاتي ويسامحني كما كنتِ.
فراقك كان صعباً ، أصعب مما كنت أتخيل ، أقسى من أي امتحان ، و أشد الشدائد. بعد الفراق صرتُ كطفلٍ حائرٍ ، خائر العزيمة ، منهك القوى ، فلم أكن أعلم أني كنتُ استمد قوتي منك، و أن الهمم تخور بعدك، و العزيمة تتلاشى ، حتى الحكمة كنت منبعها.
الآن وبعد أن أيقنت أن لا شيء يمكن أن يجمعني بك إلا الخلود ، فلم أعد أهاب الموت، وتغيرت نظرتي له . كنت أراه فناء وزوالاً ، الآن فإني أراه الحقيقة بعينها والخلود والبقاء واللقاء ، فازددت قرباً من الله ، وطاعة له ، لأني امتداد لك في هذه الدنيا الفانية أطلب من الله سبحانه أن يهديني كي أدعو لك .
لو تدرين كم أنا مشتاق لعينيكِ ، لأقبلَ وجنتيك ، كم أنا محتاج للمسة حنان من يديك، سبحان الله ، ما أرق وأعطف وأكرم يدك!! وإني لا زلت أذكر يوم كنتُ بعيداً عنك ، وفي اليوم الأخير هاتفتني طالبة حضوري، فيومها:
..
أوحى إليكِ الرحمنُ
أنْ آنَ الأوانُ
ودنا الأجلْ
فطلبتني للوداعِ
لأحظى بشرفِ
آخرِ القبلْ
أحسستُ أنَّ الأرضَ زُلزلتْ ..
وهوى العملاقُ ..
و نُسِفَ الجبلْ..
..
والذي أعطى فأجزلْ..
والذي هدى ..
وبالحق أنزل القرآنَ
وبالحقِّ نزلْ ..
ما خابَ مَنْ قَصَدَ الرحمنَ
وطلبَ منهُ اللقاءَ
وعليهِ اتكلْ.
..
https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts