بجوار بابٍ الفرج الذي أنشئ في عهد الملك الظاهر غازي، وهدم عام 1904، ولم يبق منه إلا برجه الجنوبي، شيدت ساعة حملت نفس الاسم بتكلفة وصلت إلى 1500 ليرة عثمانية جمع نصفها من أهل الخير، والباقي من صندوق البلدية، وهي تعمل على التوقيت العربي والتوقيت الغربي.
ووضع حجر الاساس سنة 1898 م على أنقاض برج لقسطل قديم شيد أيام السلطان سليمان القانوني، وأنجز البناء خلال عام واحد، أي في سنة 1899م.
تقع الساعة بالقرب من باب الفرج وهو أحد أبواب حلب القديمة فإلى الشرق منها يقع مسجد "بحسيتا"، وإلى شرقه المدرسة القرموطية، وفي النهاية الشرقية يقع المسجد العمري، ثم جامع الدباغة العتيقة، كما تقع المكتبة الوطنية مقابل البرج مباشرة.
ويتألف برج الساعة من أربع واجهات، تعلو جدرانه بشكل مائل نحو الداخل فيبدو الزنار الأول البارز من جسم البناء، الذي ترتفع فوقه مقرنصات، وهي ركيزة للشرفة التي تحيط بها، ثم يلي هذا الجزء القسم العلوي عند بداية الشرفة ويعتلي هذا القسم فتحات دائرية في كل واجهة من الواجهات الأربع. ويوجد في كل فتحة قرص للتوقيت، كل قرصين متقابلين يعملان بتوقيت يختلف عن توقيت القرصين الآخرين؛ اثنان للتوقيت العربي، واثنان للتوقيت الغربي.
كما يعتلي هذا البناء أفريز بارز، وكأنه نصف دائرة يرتفع فوقها الجسم العلوي، ويسمى الفونس، فيه ست نوافذ، وكوى دائرية، وينتهي بأعلى القسم العلوي جهاز لمعرفة اتجاه الرياح.
وقد أشرف على عملية البناء المهندس النمساوي "شارتيه" و المهندس "بكر صدقي أفندي" وهما مهندسان كانا يعملان في بلدية حلب، وذلك إحياء لذكرى مرور خمسة وعشرين عاماً على اعتلاء السلطان عبد الحميد الثاني العرش .
نفي الوالي رائف باشا:
عزل "رائف باشا" سنة 1900، لأن أن السلطان عبد الحميد كان يحذره ويسيء به الظنون، فأسرع الرحيل عن حلب إلى استانبول.
وفي رحيل يوم رائف باشا من حلب حضر في وداعه عدد عظيم من العلماء والأعيان إلى متنزه السبيل، فجلس هناك برهة من الزمن ثم استأنف السير إلى جهة اسكندرونة،
ولما وصل إلى المحل المعروف باسم "قرق خان" قرب مدينة "بيلان" وصل إلى وكيل الوالي بحلب "علي محسن باشا" رسالة بالبرق فحواها أنه صدرت إرادة سنية بتوقيف "رائف باشا" عن السفر إلى استانبول، فبلّغه إياها وكيل الوالي، فبقي هناك كالمنفي، وكان سبب توقيفه عن السفر أن بعض كبار الأتراك المنفيين في حلب سعوا به سراً لدى السلطان "عبد الحميد" وألصقوا به تهمة الطعن والتنديد بالسلطان، وأنه أزال أثراً عظيماً من آثار السلطان "سليمان خان"، وهو القسطل المعروف باسم قسطل "عبد الحميد".
ثم إن السلطان تحقق من ولاء رائف باشا، وأن جميع ما ألصقه به أعداؤه من التهم كذب وبهتان، فأصدر قرار يرخص له الحضور إلى استانبول، فتوجه إليها.
قالوا في ساعة باب الفرج:
الشيخ "أحمد الشهيد" مفتي حارم كتب:
أنشأ لنا الملك الحميد مآثـــراً عظمت صناعتها وأي صناعة من ذاك في حلب أقام منــارة تثني عليه بساعة سمّاعـــة أيام دولة رائف فخر العلـــى والي حي الشهباء أبرك ساعة ولذاك نادى في الورى تاريخها أثر يقوم إلى انفصال الساعـة.
- كامل البالي الحلبي الشهير بالغزي، القى خطبة في احتفال وضع أساس هذه الساعة، حضره الوالي والأمراء والأعيان والوجهاء، قال:
وها هي الآن يتعزز جمالها ويتوج هام كمالها بتاج يحلو للعيون منظره، ويلذّ للآذان خبره، ويعمّ نفعه البعيد والقريب، ويشمل شرفه الوطنيّ والغريب، به تفصل الشهور والإعصار، وتعلم الأوقات من الليل والنهار، ألا وهو "الساعة" التي كانت ولادتها في الشرق وحضانتها في الغرب، فما أحرى بالوالد أن يحضن ولده، وبالممدّ أن يتفقد مدده، وهذا هو أسُّ منارتها التي ستكون بعظمتها ناطقة بهمم الرجال أولي المجد والإقبال.
وقد أرخها الشاعر الأديب عبد الفتاح الطرابيشي بقوله:
قد شاد بالشهبا منارة ساعة تزهو بإتقان وحُسن صناعة في دولة الملك عبد الحميد المرتجى الثاني الذي ساس الورى بدراية وبهمة الوالي الرؤوف أخي الحجا وضيع قوم من أعاظم سادة فهم رجال قد روى تاريخُهم لعلائهم حتى قيام الساعة
وقال أيضاً : لقد شيد في الشهبا منارة ساعة بعصر حميد عن علاه غدت تروي وجاءت كما يهواه رائف أرّخوا تنبّه للأوقات من كان في لهو.
أعمال الوالي رائف باشا في حلب:
- بناء متنزه السبيل
- والمكتب السلطاني (ثانوية المأمون حالياً) وقد انتهت عمارته سنة 1898 م
- الجادة من مدفن السهروردي حتى محطة الشام.
- رسمت أول خريطة لمدينة حلب من وضع مهندس الولاية «شارتيه أفندي» و «راغب بن رائف باشا» وكان ذلك عام 1899 م.