صندوق التفاح الذي أهديناه لملك مصر وقد دست فيه ورقة مكتوب عليها "سم الموت"

11.11.2018 | 18:23

عندما كان المغفور له سعد الله الابري رئيسا للوزارة، ذهب الى القاهرة على راس وفد لحضور جلسات الجامعة العربية، وبعد ان قضى رحمه الله بضعة أيام في الإسكندرية، خطر في باله ان يوصي على بضعة صناديق من التفاح الممتاز لترسل اليه فورا فيوزعها هناك على بعض أصدقائه من رجال الدولة المصرية وذلك بالنظر لندورة تلك الفاكهة هناك..

وبالفعل، فقد ارسل الى الحكومة في دمشق لتهتم له بتهيئة هذه الصناديق وارسالها الى مصر على جناح السرعة، والحكومة في ذلك الوقت كلفت فخري بك البارودي لان يهتم بهذه المهمة وان يختار احسن جنس من التفاح ليرسله الى مصر..

الا ان فخري بك البارودي الذي لم يخطر بباله ان هذ الصناديق ستوزع هدايا على وزراء مصر وحكامها، والذي اعتقد انها أرسلت الى سعد الله بك واخوانه أعضاء الوفد السوري ليس الا لانهم لا يستطيعون ان يعيشوا بعيدين عن فاكهة دمشق، أراد ان يمزح مزحة بسيطة مع المرحوم سعد الله بك، فأخذ ورقة كبيرة وكتب عليها باحرف بارزة "سم الموت"، ودسها في احدى هذه الصناديق واعتقد ان سعد الله بك عندما يفتح هذه الصناديق ويقرأ هذه العبارة سيعرف ان الذي أرسلها فخري بك وانها مزحة من مزحات فخري بك..

ووصلت هذه الارسالية الى مصر، فاستلمها سعد الله بك رحمه الله واخذ يقسمها ويبعث بكل قسم منها الى صديق من أصدقائه، وارتأى أخيرا ان يخص الملك فاروق بأكبر صندوق بينها، لا سيما وان التفاح المرسل كان يصح ان يهدى الا للملوك، وهكذا بعثوا بهذا الصندوق الى قصر عابدين، هدية الى جلالة الملك من الوفد السوري المقيم في القاهرة،.. ولم يخطر ببال احد، ان فخري بك قد مزح مزحته، ودس في احد هذه الصناديق ورقة كتب عليها (سم الموت)...

ووصلت الهدية الى القصر وكان صندوقا كبيرا ملفوفا باحسن الغلاف واجملها، ففتحوه في القصر، واذا بورقة مكتوب عليها باحرف كبيرة (سم الموت)، فعادوا وسكروه واخبروا جلالة الملك في هذا الموضوع.

وكادت تقع ازمة شديدة بين سورية ومصر في ذلك الوقت بسبب هذه المزحة، ولكن تبين بعد التحقيق والتدقيق عدم وجود أي سوء نية وان هذا كان من حركات البارودي، الذي أراد ان يمزح مع سعد الله الجابري، وانه لم يخطر ببال احد قط وجود مثل هذه الورقة، كما انه لم يخطر ببال فخري البارودي ان قسما من هذه الصناديق سترسل الى قصر عابدين هدية لجلالة الملك..

وهكذا انتهت هذه الازمة على خير بعد ان ارتبك فيها سعد الله بك كثيرا، وعندما عاد الوفد السوري الى دمشق لم يكتم سعد الله بك استياءه من تلك المزح، فاستدعى فخري بك وعاتبه عليها عتابا شديدا.

اما فخري بك فقد تأثر من هذا العتاب وظل مدة طويلة مقاطعا سعد الله بك، وأخيرا جاء أولاد الحلال واصلحوا ما بينهما، وعادت بعد ذلك الأمور لمجاريها.

وقد توفي سعد الله بك وهو لم ينس ورطته مع الملك فاروق!!

قصص من تاريخنا الهزلي

- نشرت هذه المادة تحت زاوية " قصص من تاريخنا الهزلي " في عدد 4  تشرين الثاني من العام 1962.

سيريانيوز


صدرت مجلة المضحك المبكي في دمشق عام 1929، وهي مجلة سياسية كاريكاتورية اسبوعية من اشهر المطبوعات السياسية الساخرة في الوطن العربي ، ويمكن اعتبارها هي من اسس الكوميديا السياسيّة على الساحة السورية ( وربما العربية).

اصدرها الصحفي حبيب كحالة ( 1898 – 1965 ) وهو درس التجارة والاقتصاد في الجامعة الاميركية في بيروت.

أنشئ كحالة في بداية الثلاثينات من القرن الماضي مطبعة حديثة بدمشق لطباعة المجلة، وكانت تقع في شارع الملك فؤاد الأول، استمرت هذه المجلة في الصدور إلى عام 1965 ، وقامت "الجهات المعنية" بإغلاق المجلة وإلغاء ترخيصها وذلك عام 1966.


TAG: