وجهة نظر مع نضال معلوف
الملكية افضل الف مرة من جمهورياتنا.. عائلة الاسد 50 عاما في الحكم!؟
اذاً تم تحديد موعد "الانتخابات" القادمة، وتكون بذلك قد اتمت عائلة الاسد حكم البلاد لخمسون عاما، وفي نهاية الفترة الرئاسية القادمة يكونوا قد حكموا البلد 57 عاما بالتمام والكمال..
وبالتأكيد نتائج الانتخابات معروفة كما هي منذ 50 عاما وستصل بالرئيس الى الرئاسة.
شاهد التسجيل على اليوتيوب .. اضغط هنا
وكل ما آمله ان يتحلى النظام بقليل من الانسانية ولا يمضي في مسرحية الانتخابات والمهرجانات ومسيرات التأييد، وليتذرع بكورونا وخطر التجمعات.. الخ، فلا ينقص الناس بؤس فوق بؤسهم..
وكما ذكرت في عدة مناسبات سابقة عندما ظهرت "هوشة" المجلس العسكري بان الانتخابات ستجري بمعزل عن سياق الحل النهائي المزعوم للازمة السورية وفق القرار 2254 وما يترتب عليه من انشاء هيئة حكم انتقالية واقرار دستور جديد واجراء انتخابات باشراف اممي..
وفي المقابل فان اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها لا يعني بان مسار الحل السياسي توقف، يمكن ان يطبق هذا الحل في اي وقت تراه القوى النافذة في سوريا مناسبا.. ربما غدا وربما بعد شهر وربما بعد عقد من الزمن.. لا احد يدري.
الموضوع بات متعلقا بالمشاريع التي تنفذ في المنطقة وهي مشاريع ذات مصالح متداخلة، يستلزم الامر وقتا للدول ذات النفوذ التي اصبحت تسيطر على كل شيء في سوريا لتتفق على تقاسم النفوذ والوصول بهذه المشاريع الى نهايتها.
واجراء الانتخابات ضمن هذا السياق لم يكن مفاجئاً لي، فاستمرار الاسد رئيسا صوريا لسوريا هو الضمان الوحيد لاستمرار المشاريع وتنفيذها حتى النهاية، اي تغيير يطرأ اليوم يمكن ان يفرض قواعد جديدة للعبة، قد يعقد الامور وتسد الطرق، والطريق الذي تعرفه افضل من الذي تتعرف عليه..
وهكذا تحت مسمى الجمهورية الصوري، تأتي عائلة واحدة تحكم سوريا لمدة 60 عاما، واذا اتينا للواقع فان هذا النوع من الجمهوريات الوراثية اسوء بكثير من النظام الملكي.
فالملك حكمه شرعي ولا يوجد خطر على هذا الحكم من قبل اي قوى تتشكل او تظهر داخل ارض المملكة، على العكس يهتم الملك بان يجعل مملكته (خاصة اذا توفرت الموارد) افضل يوما بعد يوما وسنة بعد سنة، فالتطور ومظاهر التقدم وتحسن الوضع المعيشي وتعزيز الاستقرار كلها امور سوف تحسب للعهد.. ويكون هنا تفاهم بين الرعية والحاكم لان هذه طبيعة الامور في المملكة..
اما في الجمهوريات الوراثية التي يصل فيها الحاكم الى السلطة من خلال اغتصابها ومعرفته بانه يجلس على عرشها بغير وجه حق وحكمه غير شرعي فيها، تتحول اي قوة ناشئة ضمن المجتمع لخطر حقيقي يهدد حكم الحاكم، مهما كان نوع هذه القوة، اقتصادية، فكرية، ثقافية، مالية..
اي زيادة في القوة في موقع ما سيكون تحت لحظ الحاكم ويحرص على ان يحجمها ويسيطر عليها، او يقضي عليها في حال لم ينجح في السيطرة.. لان تضخم هذه القوة يعني بالضرورة تهديد لعرشه وطريق يمكن ان يؤدي باصحاب الحق في الوصول الى حقهم.. ليصل الجمهور الى حقه في تقرير المصير..
فاي قوى ناشئة خارج السيطرة قد تتحول الى مركز استقطاب يمكن ان يتحول بدوره الى قوة سياسية ان كانت "جيدة" تدعو للديمقراطية او "شريرة" تسعى للسيطرة على الحكم ستكون بمثابة عدو للحاكم
فنرى الانظمة الديكتاتورية في الجمهوريات (خاصة الوراثية منها) تدخل في عداء مستحكم مع شعوبها، وتحاول ان تسيطر على كل شيء من نتاجها، ويصبح الولاء هو المعيار الوحيد لارتقاء سلم الوفرة والمجد.. بغض النظر عن الكفاءة والقدرة.. ورويدا رويدا تتركز الثروة والسلطة في ايدي افراد غير كفوئين ولا يمتلكون اي مواهب او قدرات وتتحول السلطة الى عصابة تهدف الى جني الاموال والجباية وسرقة الثروات وعصر الناس حتى اخر نقطة واستغلال كل الموارد حتى موت البلد وتفككه..
واليوم نحن وصلنا الى مشارف النهاية، نهاية "الدولة" التي اسمها سوريا ونتجت جراء تفكك الدولة العثمانية ولم تحظ باستقلالها (جزئيا) الا لسنتين منذ اول انتخاب بعد الجلاء (1946) فاز به شكري القوتلي عام 1947 وحتى اول انقلاب عسكري قام به حسني الزعيم عام 1949.
وعاد الاحتلال برأيي في ذاك التاريخ من خلال عودة النفوذ الفرنسي الذي خرج من الباب ليدخل من الشباك، واستمر صراعا بين القوة والسفارات واجهزة الاستخبارات وانتهى بعودة مظاهر الاحتلال المباشر.. الذي تجلى في اوضح صورة له باحتفالنا بعيد الجلاء عن فرنسا في قاعدة عسكرية روسية ( شاهد )
نضال معلوف