اليوم عادت وسائل النقل الجماعي في سوريا ، وخلال الاسبوعين الماضيين عادت معظم الانشطة بالتدريج للعمل، ومن يتجول اليوم في واحدة من المدن الرئيسية يشعر بان شيئا لم يكن من اجراءات الحجر وان فيروس كورونا ذهب الى غير رجعة ..؟
والحقيقة بان سوريا منذ اذار تمضي في ضوء توصيات منظمة الصحة العالمية واتخذت الحكومة السورية اجراءات يمكن اعتبارها نظريا مشددة نسبة لكثير من دول الجوار وحتى على مستوى العالم ، وبقيت الاصابات في البلاد محدودة وعدد الوفيات لم يتجاوز 3 وفيات بحسب الاحصاءات الرسمية ..
واذا نظرنا الى المناطق خارج سيطرة النظام ، المخيمات ، مناطق النازحين المكتظة بالسكان ، المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وليس فيها مؤسسات حقيقية وحكومة تضبط الاداء .. سنستنتج ببساطة بان كورونا لم يكن له صولة وجولة في سوريا ، فحتى في تلك المناطق لم يتم تسجيل عدد من الحالات يذكر كما لم يتم احصاء اي وفيات ..
فهل كان اتخاذ الاجراءات التي اثرت على الوضع الاقتصادي سلبا الى درجة كبيرة خاطئ ؟
لا يمكن ان نقول هذا ، فلا احد كان ممكنا ان يخمن ما هي درجة انتشار المرض في سوريا ، وكثير من البلدان في العالم اخذت ذات الاستراتيجية في عملية التعامل مع الوباء لكي لا تأخذ مغامرة لا احد يعرف اين تصل بالناس ..
اليوم عادت معظم الانشطة كما ذكرنا الى سابق عهدها ، وكذلك اذا راقبنا القرارات والاجراءات في المنطقة العربية وحتى على مستوى العالم فاننا سنجد بان هذا ايضا اتجاه عام .. وان الدول بطبيعة الحال تقوم بالتدريج برفع الاغلاق الذي فرض بسبب فيروس كورونا.
فهل انتهى الفيروس .. ؟ وهل يمكن ان نشهد موجة ثانية من انتشاره ونعود للاغلاق ..
الجواب على هذا السؤال يحتاج الى مراقبة نتائج الاجراءات التي اتخذت في الموجة الاولى من انتشار فيروس كورونا ، ومع انه لا احد يستطيع الجزم فيما اذا كان هناك موجة ثانية ام لا ، ولكن يمكن التكهن بان اجراءات الدول مع الموجة الثانية لن تكون تشبه الاجراءات التي شهدها العالم في الاشهر الماضية ..
تكيّفوا ؟!
اذا راقبنا الاحصاءات اليوم فاننا سنجد تسجيل العالم 50 الف اصابة جديدة اليوم الاحد ، واكثر من 1500 حالة وفاة ( واليوم لم ينته بعد ) وهذه الارقام اعلى بكثير من الارقام التي كانت تسجل في بداية الاجراءات التي فرضت الاغلاق في شهر اذار الماضي ، فالوباء لم ينته بعد ومازال عدد الاصابات والوفيات مرتفع نسبيا .. فلماذا ترفع اجراءات الاغلاق ..؟
والحقيقة بان السبب هو في النتائج السلبية التي تأتت من الاغلاق والتي وصلت على مستويات لا يمكن للدول ولا للنظام العالمي ان يتحملها ، من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وحتى الصحية..
فقد تراجع معدل نمو الناتج في معظم بلدان العالم الى نسب تصل الى 7% ، وارتفعت معدلات البطالة الى مستويات غير مسبوقة واصبح مئات الملايين من الناس بدون عمل ، توقفت الصناعات ومعظم القطاعات في التجارة والخدمات واصبح الاستمرار بتطبيق اجراءات الاغلاق الكامل امرا مستحيلا ..
بغض النظر عن تطورات اصابات الوباء ووفياته ، الاتجاه العالم للقرار في العالم يدلل على ان الحياة يجب ان تستمر وانه يجب ان يتم الموازنة بين ايجابيات الاجراءات المتخذة للحماية من الوباء وبين سلبياتها ..
وكما نرى من شروط رفع اجراءات الاغلاق باتخاذ تدابير الوقاية المتمثلة في ارتداء الكمامات والقيام باعمال التعقيم وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي .. الخ ، فقد تم تجيير جزءا كبيرا من المسؤولية من الحكومات للافراد ..
اي ان الحكومات تقول لنا .. نحن لا نستطيع ان نحميك ونطعمك بعد الان .. اذا اردت الطعام اذهب للعمل واتخذ الاحتياطات اللازمة للحماية ..
لن يغامر النظام العالمي مرة اخرى بسلوك طريق الاغلاق الكامل الا بناءا على دراسات وحقائق اكيدة تكون نتائجها واضحة وتبين ان الاستمرار بالنشاط الاعتيادي للناس سيكون كارثي...
فيما عدا ذلك في الموجة الثانية .. او لاسمح الله في وباء قادم .. ستكون اول الانماط المتبعة في المواجهة هي التكيّف والوقاية وتحمل المسؤولية الفردية .. حتى يثبت فشل هذا النمط عندها يمكن ان يكون للحكومات كلام اخر ..
سيريانيوز
