مراجعة في كتاب

"يا دمشق وداعا" .. هل كان "ضابط مخابرات" وراء هجرة السمان سوريا ؟

19.10.2019 | 20:43

"يا دمشق وداعا" .. هل كان "ضابط مخابرات" وراء هجرة السمان سوريا ؟

"اقرع الاسوار اللامرئية لدمشق تحت المطر وانا انتحب تمردي واصرخ بوطني .. انت علمتني رفض الذل على طول تاريخك مع الفاتحين ، فلماذا تذلني الآن ؟"

اكثر ما يلفت في رواية غادة السمان الاخيرة " يا دمشق وداعا"  هو توقيت اصدارها ( 2015 ) ، تسرد احداثا كانت في ستينيات القرن الماضي تستحضر معها سيرتها الذاتية التي دفعت بها الى مصير يشبه مصير كثير من السوريين اليوم..

هي وان بدأت الرواية بإظهار تمردها على عادات وتقاليد المجتمع السوري التقليدي ، وعرضت نماذج متعددة لاضطهاد المرأة الدمشقية وتعرضها للظلم ، الا ان الرواية تتخذ فيما بعد منحى اخر ربما ارادت الكاتبة ان تشير من خلاله الى الاحداث التي تمر بها سوريا ( بلدها ) حاليا .. وتلفت الانتباه الى اصل البلاء الذي ابتلت به هذه البلاد اليوم.

من اللافت ان تعرض السمان تفاصيل تعرضها للملاحقة من قبل ملازم في "المخابرات" في ستينيات القرن الماضي الملاحقة التي دفعت بها لمغادرة البلاد "تهريب".

تحاول ان تخبرنا السمان بان سبب هجرتها لسوريا كان وراءه ملازم  في المخابرات اطلقت عليه اسم "ناهي"، ضابط فاسد منحط الاخلاق حاول ان يستغل حاجتها لاذن سفر ليقيم معها علاقة هي ابنة الاسرة العريقة والكاتبة المعروفة في دمشق.

وعندما ترفض طلبه يلفق لها تهمة خطيرة تهدد حياتها وتجبرها على الهروب من سوريا الى غير رجعة.

شخصيا التقطت هذه الاشارة في الرواية وكأن الكاتبة بشكل غير مباشر تحاول ان تقول لنا ، هذا الذي انتم فيه اليوم بدأ قبلا منذ خمسون عاما.

تظهر السمان تمردها على العسف "الامني" الذي تعرضت له ضمن حالة تمرد عامة لشابة موهوبة ذات ذهن متقد ومشاعر جياشة يصعب عليها ان تقبل السير في "الطريق المرسوم" لأقرانها من بنات الشام .

هي ببساطة تقود حالة تمرد في الحب ، في العادات والتقاليد في الشأن العام في السياسة .. ، وتنجح من خلال هذه التمرد ان تستقطب الاضواء وتنال الشهرة ، التي جعلتها تدفع اثمانا غالية.

من حيث الاسلوب لا يمكنني ان اقول بانها افضل روايات السمان ، ولكن يبقى الاسلوب في الرواية سلسل غير معقد يرسم للقارئ سيناريو سهل التخيل يمضي به الى النهاية بدون مفاجئات.

وكما ذكرت في مقدمة المقال يبقى اهم ما في الرواية توقيت صدورها ، واختيار الكاتبة لتشير مجددا الى سبب هجرتها لوطنها في الستينيات .. السبب الذي ما زال موجودا الى اليوم بعد 50 عاما.

تقول السمان في الصفحات الاخيرة من رويتها " لا يا وطني الحبيب، لا تجرني من عنقي ككلب صغير .. اريدك ان تحبني وتحترمني ..لا ان تعاملني كقاصر .. او كمجرم عليه ان يقوم هو باثبات براءته. اريد ان اغادرك حين اشاء واعود اليك حين يحلو لي.

 

نضال معلوف


TAG: