بعد اللقاء المريب الذي بث على قناة العربية مع رغد صدام حسين، وبغض النظر عن المحتوى لان اللقاء الحقيقة اهميته في رمزيته، وفي الجدل الذي اثاره على نطاق واسع، اكثر ما يلفت النظر في هذا الجدل هو العدد الكبير من الناس الذي ظهر مدافعا عن صدام حسين..
طبعا بالنسبة لي بطبعي احاول دائما ان افهم الظاهرة وان بدت غريبة بالنسبة لي..
وضع العراق اليوم لا يسر.. ولم يصبح افضل بعد صدام حسين.. لم يصبح افضل مع "الديمقراطية".. عموما
وبالنسبة لمكون اساسي في العراق وهو السنة.. والسنة في عموم المنطقة، فهمت بانهم ينظرون الى صدام بانه "خسارة في القوة" ادت الى تغليب قوى اخرى "الشيعة" واستباحتهم للمنطقة..
فمن حق "السنة" عموما ان يشعروا بانهم خسروا هذه القوة ويتعلقون بذكراها.. هذا مفهوم..
شاهد التقرير مصور .. اضغط هنا
ولكن علينا ان نعرض بعض الحقائق في هذا السياق مع احترام مشاعر كل من يدعم صدام.. اسمحوا لي ان اقول ما يلي..
صحيح ان الوضع بعد صدام ساء كثيرا.. وهذه مشكلة الحكم الديكتاتوري عموما.. انه يرتبط بالشخص.. فاذا فرضنا ان حكم صدام كان جيدا لكن الوضع الجيد سينتهي بانتهاء الرجل.. اذا لم يكن على يد القوات الاميركية.. ستنتهي حياته بشكل طبيعي.. ها هو حافظ الاسد بقي حتى مات موتة ربه.. ماذا حصل.. هذه سوريا شاهد امامكم..
واذا اردنا ان ندرس المؤشرات بشكل علمي بين بداية حكم صدام في العام 1978 ونهايته عام 2003.. دخل الفرد، سعر صرف العملة، الناتج الاجمالي.. الخ لن اعرضها هنا.. ولكن الحقيقة بان حكمه من حيث النتائج الفعلية كان كارثيا.. ادخل العراق في مغامرات غير معقولة بل مذهلة.. والوضع الذي يعيشه العراق اليوم هو نتيجة هذه المغامرات وليس نتيجة غياب صدام بحد ذاته.. ماذا تتوقعون لو بقي صدام.. بقي في الحكم 13 عاما في ظل العقوبات كيف كان الوضع هناك.. هل تذكرون؟
هذا اذا تغاضينا على كل السلبيات في حكمه، الذي هو حكم السجون والقمع وتكميم الافواه والتعدي على الناس..
واذا اردنا ان يبقى مكون "السنة" عزيزا كريما.. اي واحد من "المسلمين السنة" من الممكن ان يكون رئيسا افضل من صدام لم لا.. في حال كان هناك دولة ومؤسسات.. اي واحد من العراقيين السنة الوطنيين المحبين لارضهم يمكن ان ينجح في بناء دولة لا تفرق بين سني وشيعي وكردي في ظل القانون في ظل المؤسسات وليس في ظل قبضة حديدية اذا فلتت فلت كل شيء..
كل ما حصل في المنطقة هو لكي نصل الى ما نحن فيه من تضليل وهوان..
الشعوب ارادت الافضل فاجتمعت على هذه الشعوب قوى الارض كلها.. لا تصدقوا بانها اجتمعت على الانظمة او القادة.. اجتمعت علينا نحن لتعطينا درسا قاسيا.. لاننا اردنا الافضل لنا ولاولادنا.. فاجتمعوا علينا لكي نعيش اليوم الاسوء ونترحم على السيء.. الذي نسبيا اصبحنا نراه هو الحياة الفضلى.. ولكنها ليست كذلك..
نريد اليوم ان نبني دول مؤسسات.. دول لا يتعلق مصيرها بافراد وزعامات.. دول يكون الرئيس فيها خادما للشعب وموظف.. هكذا نضمن المستقبل وهكذا نتقي النكسات ولا يوجد طريقة اخرى..
نضال معلوف