في 9 كانون الثاني عام 1349 قام سكان مدينة بازل السويسرية بجمع سكانها اليهود وإحراقهم لاعتقادهم بأنهم سبب داء "الموت الأسود" ولاتهامهم بتسميم الآبار.
والموت الأسود او "الطاعون الاسود"، كان واحداً من أكثر الأوبئة ضراوة في التاريخ الإنساني، تفشى في اوروبا بين عامي 1348 و1350.
وقد قضى الموت الأسود على نحو 25 مليوناً من سكان اوروبا.. وهو عدد يشكل ما بين ثلث ونصف السكان في تلك الفترة وقد شُخِّص الوباء بأنه نوع من أنواع الطاعون.
ولم يكن هناك تفسير علمي لهذه الظاهرة في العصور الوسطى، فأصابت الناس بالذهول، وفسرته الناس بأنه غضب الرب بسبب فساد الناس.
كما اتجهت شكوك الناس نحو أعضاء الجماعات اليهودية لأن معدلات الإصابة بين اليهود كانت أقل نسبياً من المعدلات العامة مع أن أعضاء الجماعات اليهودية كانوا يعيشون بين الجماهير ولعل هذا كان يعود إلى عزل اليهود في الجيتو عن بقية السكان وإلى وضعهم الطبقي المتميِّز وقوانين الطعام الخاصة بهم.
وقد قامت الناس بالهجوم على أعضاء الجماعات اليهودية في أنحاء متفرقة من أوربا، لعل أقلها كان في إسبانيا وجنوب فرنسا وأكثرها في الإمبراطورية الرومانية المقدَّسة، وخصوصاً ألمانيا، وكانت التهمة الموجهة إليهم هي قيامهم بتسميم الآبار للقضاء على المسيحيين.
وتُعَدُّ هذه الهجمات من أشد الهجمات وطأة باستثناء تلك التي تمت أثناء حروب الفرنجة، وطُرد اليهود من عدة مدن.
وقد قامت الكنيسة بدور مهم في محاولتها حماية اليهود، فأصدر البابا كليــمنت السادس مرسوماً للدفاع عن اليهود، كما بيَّن بعض الدوافــع الاقتصــادية الكامنــة وراء الهجــمات مثـل التخلص من الديون والمنافسة التجارية، وبيَّن أن اليهـود لا يمكن أن يكـونوا مسئولين عن الموت الأسـود لأنه وصل إلى مناطــق لا يوجــد فيهـا يهود. وكذلك حاولت الطبقة الحاكمة من الملوك والأمراء وكبار المموِّلين الدفاع عن اليهود، ولكن هذه المحاولات كانت دون جدوى في بعض الأحيان لأن الهجوم على اليهود كان يأخذ شكل الثورة الشعبية التي لم يكن بإمكان السلطة الحاكمة التصدي لها.
سيريانيوز