الوهابية و الانكليز .. عاملان ساعدا ال سعود في السيطرة على الجزيرة العربية ..

تسلط هذه المادة الضوء على حقبة لا يعرفها الكثيرون ساهمت في تأسيس دولة ال سعود الحالية ، عاملان هامان ساعدا عبد العزيز آل سعود من بسط نفوذه على الجزيرة العربية ، استخدامه للوهابية ، ومد يده للإنكليز بعد ان ضعفت الدولة العثمانية ..

ربما الموضوع التالي الذي نشر قبل اكثر من نصف قرن وكان الحدث ما زال قريبا بعض الشيء الى سكان المنطقة ، لا يكون كافيا اليوم في تسليط الضوء على اساس تشكل الدول في منطقتنا "العربية" ولكنه يعطي فكرة معقولة الى حد كبير عن الحوادث الكثيرة والهامة التي شهدتها الجزيرة في اواخر القرن التاسع عشر بداية القرن العشرين وكان لها اثر كبير على مستقبلنا الحالي ..

 

نشرت في المضحك المبكي 2 كانون الاول عام 1962

صفحات من جهادنا الوطني

يكتبها ابو الهدى اليافي

استيلاء بن السعود على الحجاز وانسحاب العائلة الهاشمية

في غضون تأسيس الامارة الاردنية جرت حوادث عربية خطيرة اهمها استيلاء بن السعود على الحجاز وانسحاب العائلة الهاشمية منها، ولابد عند سرد هذه الحوادث من مقدمة مختصرة تلقي ضوءا على اسبابها والدواعي التي حملت بن سعود على القيام بحركته هذه.

عندما قامت حركة محمد عبد الوهاب المعروفة، والتي استولى بنتيجتها على المدينة المنورة، وعمل في هدم قبور بعض الصحابة فيها، اصدرت المشيخة الاسلامية في الاستانة فتوى لمحاربة هذا المذهب وارسلت الحكومة العثمانية قوات تأديبية الى الجزيرة اشترك فيها خسرو باشا بن محمد علي باشا، فحاصر الوهابيين في جميع الجهات حتى دخل (الدرعية) مركز الدعوة، وألقى القبض على رئيسها واعدم في الاستانة.

فمن ذلك الوقت حقد الهاشميون على جماعة بن السعود كما استفاد الرشيد من مقاومة الحكومة العثمانية للوهابيين فاستولى على الرياض، وعندها التجأ عبد الرحمن آل السعود لآل الصباح في الكويت، وظلت الامور على هذا الشكل حتى عام 1912 حين استطاع المغفور له عبد العزيز آل سعود ان يثأر للوهابيين فهاجم الرياض مع اربعين شخص من جماعته وقتل حاكم تلك المدينة المنصوب من قبل آل الرشيد وعندها بدأ نجم آل سعود يلمع في الجزيرة، وعندها أيضا عمل الانجليز على الاتصال به ومصادقته لتقليص ظل النفوذ العثماني في تلك البلاد.

ولما كانت الحالة الدولية غير ملائمة للحكومة العثمانية في ذلك الوقت فلم تستطع ان تقوم بحركات عسكرية لتأديب ابن السعود وامراء الكويت لاسيما وقد كانت السياسة العالمية في غير مصلحتها اذ وقعت حرب ايطاليا، ثم اعلان اليونان ضم كريت، كما اعلنت النمسا ضم البوسنة والهرسك ثم وقوع حرب البلقان فالحرب العالمية الاولى فهذه كلها كانت من الاسباب التي اضعفت الحكومة العثمانية تجاه امراء الجزيرة،

الذين اخذوا يمدون ايديهم الى الانجليز ويعقدون معهم اتفاقات مختلفة، وعندما اعلن الملك الثورة العربية الكبرى واعلن انه ملك العرب احتج عبد العزيز آل السعود لدى الحكومة الانجليز على ادعاء الملك حسين انه ملك العرب، فوعدته بحل مثل هذه الخلافات وغيرها بعد الحرب..

وهنا اخذ ابن السعود يجد في نشر مذهبه الوهابي حتى بين قبائل الحجاز، ودخل في مذهبه الشريف خالد بن لؤي وجماعته، وهو من الاشراف الهاشميين، وقد كان زعيم خورما وتورما، فطرد القاضي الشرعي المعين من قبل الملك حسين، وعلى اثر ذلك ارسل الملك حسين قوة بقيادة الشريف حمود بن زيد وقوة أخرى بقيادة الشريف عبد الله بن محمد بن عون، وهاتان الحملتان فشلتا عند اصطدامهما بقوى خالد بن لؤي.

فجدد الملك حسين الحملة مرة أخرى فأرسل قوة كبيرة من نظاميين وعشائريين بقيادة ولده الامير شاكر بن زيد، وبالرغم من نصائح الانجليز بواسطة السيد حسين روحي، الذي كان يعمل سكرتيرا مترجما في دوائرهم، فإن الملك حسين ظل مصرا على القتال، فعندما وصل الامير عبد الله الى موقع (البديع) ارسل له عبد العزيز آل سعود كتابا يحذره فيه من نتائج هذه الحملة ويقول له، ان نساءنا تسبق رجالنا في الدفاع عن اراضينا وعن جماعتنا، وكان جواب الامير عبد الله، ان الامر ليس بيده وانما هو بيد والده فإذا اراد شيئا فليراجعه،

 وعلى اثر هذا شن الوهابيون هجوما عنيفا بقيادة سلطان بن بجاد والدواسر، وكان مجموعهم لا يقل عن خمسة وعشرين الفا فعملوا بالهاشميين قتلا وفتكا ويقال انه ذهب في تلك المعركة عددا كبيرا من الاشراف، ولم ينج من الضباط النظاميين في تلك الحملة سوى الميرلاي صبري والقائدين ابراهيم الراوي وحامد الوادي، وهذا عدا الامير عبد الله والامير شاكر بن زيد.

هذا هو تاريخ العداء بين الهاشميين والسعوديين، فعندما شكل الامير عبد الله حكومة شرق الاردن بدأت قبائل الاردن تتعرض، حسب ادعاء السعوديين، لقوافل الوهابيين التي كانت تمر بوادي السرحان والجوف، فكانت النتيجة ان السعودية اخذت تكيل للاردنيين الصاع صاعين وقد نشرنا في اعدادنا السابقة خلاصة عن غزواتهم، وبالنظر لاستفحال الامر فقد طلب الملك حسين من الانكليز وضع حد لهذه الاشتباكات بين القبائل العربية وتوطيد الامن في الجزيرة العربية، فأدى هذا الى اقرار مؤتمر الكويت الذي سنبحث عنه في العدد القادم...

 

اعداد : سيريانيوز

---

صدرت مجلة المضحك المبكي في دمشق عام 1929، وهي مجلة سياسية كاريكاتورية اسبوعية من اشهر المطبوعات السياسية الساخرة في الوطن العربي ، ويمكن اعتبارها هي من اسس الكوميديا السياسيّة على الساحة السورية ( وربما العربية). اصدرها الصحفي حبيب كحالة ( 1898 – 1965 ) وهو درس التجارة والاقتصاد في الجامعة الاميركية في بيروت. أنشئ كحالة في بداية الثلاثينات من القرن الماضي مطبعة حديثة بدمشق لطباعة المجلة، وكانت تقع في شارع الملك فؤاد الأول، استمرت هذه المجلة في الصدور إلى عام 1965 ، وقامت "الجهات المعنية" بإغلاق المجلة وإلغاء ترخيصها وذلك عام 1966