وجهة نظر مع نضال معلوف

ما حقيقة "الحركة التصحيحية" التي نحتفل بها منذ خمسين عاما؟

17.11.2021 | 22:30

لم تمنع الظروف القاسية التي يعيشها البلد من اقامة الاحتفالات والمهرجانات الخطابية والاهازيج احتفالا بما يعرف بالحركة التصحيحة، فما حقيقة هذا الحدث ولماذا على الشعب السوري ان يحتفل بذكراه؟

هذا شرح مبسط جدا حول الموضوع..


شاهد التقرير على اليوتيوب .. اضغط هنا


في الستينيات وبعد انفصال سوريا عن مصر فيما عرف بالجمهورية العربية المتحدة، بدأ صراع العسكر للسيطرة على الحكم ونجحوا في ذلك في انقلاب 8 اذار عام 1963 فيما يعرف باسم "ثورة الثامن من اذار" وفي الحقيقة هو انقلاب على الشرعية وعلى الحكم المدني في سوريا الذي تم الاجهاز عليه في ذاك التاريخ.

برزت ثلاثة اسماء من الضباط هم صلاح جديد ومحمد عمران وحافظ الاسد، كان محمد عمران يمثل التيار القومي في الحزب وتم التخلص منه في انقلاب لا يذكر كثيرا في ادبيات حزب البعث اطاح فيه صلاح جديد بعمران واصبحت السلطة بشكل كبير تحت سيطرته.

عززت سلطة صلاح جديد هزيمة حزيران التي كان مسؤول عنها بشكل كامل حافط الاسد وخسرنا من خلالها الجولان.

ولكن جديد لم يسعى للتخلص من الاسد، بل حمى مستقبله السياسي اكثر من مرة.

المرة الاولى عندما تم تسريحه من الجيش في عهد الوحدة واعاده جديد بعد الانفصال ورفعه لرتبة لواء واسند اليه قيادة القوى الجوية.

والمرة الثانية بعد هزيمة حزيران حيث اجتمع مجموعة من الضباط البعثيين وتحصلوا على استقالة مكتوبة من حافظ الاسد بعد الضغط عليه وقدموها لصلاح جديد باعتباره الامين القطري للبعث، ولكن جديد رفض الاستقالة بحجة ان مثل هذه الاعمال تضعف الحزب نفسه ويجب على الحزب ان يحمي قياداته في كل الاحوال.

وحصل صدام بين الرجلين لاحقا في العام 1970، قرار اخذه جديد بالتدخل في صراع حصل بين الفصائل الفلسطينية والملك حسين ملك الاردن، ولكن حافظ الاسد امتنع عن ارسال غطاء جوي لدعم اعمال الجيش وتسبب بافشال المهمة.

طلب صلاح جديد اجتماع للقيادة القطرية التي قررت بالاجماع اقالة حافظ الاسد وزير الدفاع ورئيس الاركان مصطفى طلاس، الا ان الاسد لم ينصع للقرار، وكان من المعروف خلال السنوات الماضية بان الاسد نزع الى تعزيز سيطرته على الجيش لانه فهم ان السلاح هو الضامن الوحيد للبقاء في السلطة بينما كان جديد اكثر رومنسية وانحياز للحكم المدني وللمدنيين من حزب البعث.

وبهذا كانت مهمة الاسد في غاية السهولة، ارسل جنوده ورجال الامن لاعتقال قيادات الحزب، وشكل قيادة بديلة اسماها قيادة الحزب المؤقتة، وزج بالقيادة القديمة في السجن وبقي افرادها هناك حتى وفاتهم ومنهم صلاح جديد، دون ان يكون هناك اي رد فعل لا محلي ولا دولي ولا متابعة لمعرفة مصير القيادة القديمة التي اعتقلت وسجنت بدون محاكمة وبدون توجيه اي تهمة اليها.

إذاً هو انقلاب اخر من الانقلابات التي تمت بقوة الجيش والامن، ولو نجح جديد في اقالة الاسد لكنا اليوم نحتفل بانقلاب شباط عام 1966 الذي تغلب فيه الاسد وجديد على عمران.. وهكذا

قضى رفيق الدرب والسلاح صلاح جديد 23 عاما في السجن وتوفي في العام 1993 وتمكن حافظ الاسد من تصفية جميع خصومه والسيطرة المطلقة على السلطة التي امتدت لابنه بشار الاسد الذي ما زال يحكم حتى اليوم.

إذاً الحركة التصحيحية هي انقلاب على السلطة المنتخبة في حزب البعث وزج قياداتها في السجون حتى وافتهم المنية، امر لا شك بانه كان مفصلا هاما في حياة حافظ الاسد وسيرته في الاستيلاء على السلطة بالوسائل الوحشية وغير الشرعية.

ولكن لم افهم حتى اليوم ما علاقتنا نحن الشعب بهذا الحدث ولماذا علينا ان نحتفل فيه حتى في طور انهيار الدولة السورية والبؤس الذي يعيشه السوريون داخل وخارج سوريا.

نضال معلوف

 


TAG: