لم يكن اعادة التذكير بعقوبات "جرائم المعلوماتية" منذ ايام على موقع وزارة الداخلية من قبيل الصدفة، فعملية التضيق على الناس تتصاعد والتهمة جاهزة " اضعاف الشعور القومي" او "وهن نفسية الامة" .. !
والموضوع اليوم لم يعد يتعلق بتجاوز الخطوط الحمراء التي تتعلق عادة بشخص الرئيس والامن والجيش كما جرت العادة بل من الممكن ان يعرضك اليوم الحديث عن نقص في توريد جرات الغاز الى الاعتقال ..
لمشاهدة التقرير بالفيديو .. اضغط هنا
نعم الاعتقال لان المواد التي تتعلق بالجرائم الاكترونية تنص على الاعتقال من 3 الى 6 اشهر وهي قابلة للتشديد في حال تم تثبيت "الجريمة" واضعف الايمان فان "جرجرة" المواطن الى افرع الامن الجنائي والابقاء عليه لايام قبل ان يتم البت بمصيره اصبح امر شائع واعتقد انه مقصود ليصبح من يتجرأ و"ينتقد" عبرة لغيره ذاك الذي ما زال يفكر بالموضوع ..؟
والحقيقة بان الجريمة في سوريا اليوم ليست الكترونية وكلنا نعرف ذلك وليس المواطن خاصة هؤلاء الذين بقوا على ولائهم للنظام وتحملوا كل تلك السنوات في دعمهم له والعمل بما يشير عليهم به ، ليس المواطن اليوم هو من يوهن نفسية الامة ..
ليست الجريمة منشور .. الجريمة هي فشل في الادارة .. فشل في التعاطي مع الازمة والانحدار من واقع سيء الى واقع اسوء ..
الجريمة في سوريا بانه لا يوجد محروقات ولا يوجد خبز ولا يوجد مواد اساسية .. الجريمة ان دخل معظم العائلات الشهري اقل من 20 دولار .. الجريمة بان الخضار والفواكة اصبحت من الكماليات واللحوم اصبحت حلم ليس الا لعدد قليل من الناس ان يصلوا الى تحقيقه كل حين وحين ..
هذا المواطن الذي يتطبق بحقه الاعتقال اليوم بعد ان وصل العوز الى لقمة الخبز في بيته .. ماذا كان ليفعل اكثر مما فعل للحكومة وللنظام .. عشر سنوات ... تقول له الحكوم اذهب يمين يذهب يمين .. اذهب شمال يذهب شمال .. اصبر يصبر .. قاتل يقاتل .. ادفع يدفع .. كيف كان له ان يمنع ما وصلت اليه البلاد اكثر من هذا ..
الفشل السياسي الذي جعل كل دول العالم ضدنا والفشل العسكري الذي جعل كل جيوش العالم متدخلة في ارضنا والفشل الاقتصادي الذي جعل قيمة عملتنا بقيمة التراب .. هذا لم يوهن نفسية الامة ولم يضعف الشعور القومي .. منشور على الفيسبوك هو الذي يفعل ذلك ..!؟
بكل الاحوال من الذي قرر فيما اذا كان الكلام في منشور او تعليق يوهن نفسية الامة .. هذا الموضوع مطاط ويمكن ان يتمدد ليتسع حتى كلمة صباح الخير ..
كيف لنا ان نضمن بالا تسيء السلطات التفيدذية على كل المستويات هذا الامر ( هذا اذا لم يكن هناك توجيه بالاساءة ) فيصبح كل من يتكلم عن رئيس بلدية او مختار حارة او عنصر شرطة .. كل من يتكلم عن غلاء الاسعار ان نقص المواد او انخفاض مستوى المعيشة .. مجرم ..
وهذا ما يحصل اليوم .. ما يحصل كل يوم .. والسبب ..
لا شك بان له علاقة بالانتخابات الرئاسية القادمة .. له علاقة بان الحكومة ليس لها اي مقدرة لتحسين الاوضاع المعيشية واشاعة الاجواء الايجابية .. فيصبح تكميم الافواه هو الحل لاظهار ان كل شيء على ما يرام ..
له علاقة بان النظام حصل على الضوء الاخضر من القوى الخارجية بالتمديد لفترة رئاسية قادمة .. ومن طبيعة هذا النظام انه لا يتحمل اي نقد على اي مستوى فلماذا يترك الناس تتكلم على هواها .. سيفعل ما يجيد فعله .. سيتسمر بالسياسة التي استخدمها لمدة خمسون عاما منذ العام 1970 ولماذا يغير هذه السياسة .. !
سيتسمر التضيق حتى الانتخابات وسيتعداها الى ما بعد الانتخابات .. لاشهر يجب ان يعيش المواطن فيها اجواء النصر والفرح والابتهاج بكسر "رأس" القوى الدولية .. ببقاء الرئيس رئيسا لسوريا وللشعب السوري .. او لاجزاء من سوريا وبعضا من الشعب السوري .. الذي بات ممنوعا عليه اليوم حتى الهمهمة عند الالم ..
نضال معلوف