يمتلك بيتا كبيرا عريقا عاش فيه اجداده من قبله ، اساسه متين وتحيط به الاشجار والبساتين وتجري في ارضه الانهار.
مع الزمن بدأت الريح تتسرب من النوافذ القديمة التي لم تعد محكمة الاطباق كما كانت ، اهمل الموضوع في البداية و بدأت الريح تشتد داخل البيت يوما بعد يوم .. البيت في الشتاء اصبح ابرد وفي الصيف حار لا يكاد المرء يطيق الجلوس فيه ..
توسعت الشقوق وتباعدت المسافات بين النوافذ و"المنجور" الثابت وباتت تمرر مع الريح الحشرات .. كاد البيت يصبح غير امن للسكن ..
وفي البستان فسدت بعض الثمار وامتد الفساد فيها الى باقي الاغصان .. حتى ان عدد غير قليل من الشجر قد مات ..
وكنت اراقب ما يجري واطمئن على حال البيت كلما مررت بالمكان اخذ استراحة قصيرة فيه قبل ان اعود .. وكم كانت دهشتي كبيرة عندما قمت بزيارة البيت بعد عدة اشهر ..اذ ان كل شيء عاد افضل مما كان ، بيت نظيف بارد في عز الصيف والاشجار خضراء وارفة الظلال والثمر يتأرجح على الاغصان المثقلة ..
سألت صاحب البيت ماذا حصل ، ماذا فعلت ؟
قال صاحب البيت .. مجرد "اصلاح" لبعض النوافذ والباب الخلفي .. وكافحت بعض الحشرات الضارة التي افسدت الشجر .. وعاد البيت افضل مما كان ..
قلت له اذا هل يمكن ايضا ان اعيد بيتي كما كان جميلا وحديقتي غناء وارفة الظلال ..
قال لي بالطبع .. ما هي مشكلتك .. عليك باصلاح الاخطاء ومحاربة الحشرات التي خربت وافسدت ..، ما حال البيت ما المشكلة .. ؟
تنهدت قليلا وترددت .. وقلت ..
بيتي يا صديقي مكون من 14 غرفة باتت كلها من غير "حيطان" .. دخل على 9 منها الغرباء واقاموا فيها خيامهم ووانهارت غرفتان اضافياتان بعد المطر لان البيت بلا اساسا ..
باقي الغرف محاطة بكل الاخطار، مكشوفة للوحوش والرياح .. وحتى في الغرف المتبقية لم اعد اعرف فيها الصالح من الطالح وبات "كل من ايدو الو" .. يفعلون أي شيء ليحافظوا على "البقاء" ولو اكلوا بعضهم بعضا ..
قال.. والبستان ..؟
قلت .. اساسا فسد الشجر فيه ومات "من زمان" وحرثنا الارض وحولناها الى مستودعات وبعناها للناس ، نمت مستودعات البشر هذه وتراكمت مثل ورم خبيث لا تعرف اوله من اخره ولا تستطيع ان تميز "السليم" فيه من "المريض" ..
قال : لاحول ولا قوة الا بالله .. وانت ماذا تبقى لك من البيت ..
قلت : تبقى لي غرفة النوم في الطابق العلوي والدرج ..
قال : بيت بلا حيطان وبستان بلا شجر .. أي اصلاح واي فساد .. وماذا تفعلون اليوم .. ماذا تنتظرون ..؟
قلت له يا صديقي الحقيقة لا زلنا الى اليوم مختلفين هل نبدأ من "فوق" او من "تحت" بشطف الدرج .. !!؟؟
نضال معلوف