مساهمات القراء
رسالة مفتوحة الى السيد أحمد الشرع... بقلم: رائد الصفدي

لا أدري كم نسبة السوريين الذين أتحدث هنا باسمهم, لكنهم بكل تأكيد موجودون و يشكلون واحدة من وجهات النظر الرئيسية في النقاش الدائر اليوم حول سوريا الوطن
منذ ولادة سوريا بصورتها الحالية إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية منذ 127 عاما لم نحظ كسوريين بفرصة لبناء الدولة السورية – الوطن سوى ثلاث مرات: كانت أولها مع اتفاقية الاستقلال و الرئيس شكري القوتلي (1943 - 1946), و الثانية مع عودة الرئيس شكري القوتلي نفسه للسلطة سنة 1955 و حتى 1958 قد انتهت كلتا المحاولتين بالفشل و الأسباب باتت معروفة لمعظم السوريين و لا حاجة للخوض فيها
و اليوم نحن أمام الفرصة الثالثة و أرجو أن لا نكرر الفشل الذي تعايشنا معه بالإكراه أكثر من مئة عام
هي مئة عام كافية لكي نفهم أن حكم العسكر و الإكراه و التنكر لمبدأ الحرية و العدالة تحت أي شعار كان و أية أيديولوجية كانت لا يؤدي إلى بناء وطن, بل هو الطريق إلى ضياع الوطن
السيد أحمد الشرع
خلال 11 يوم, قمتم بنقلنا كسوريين من اليأس و الإحباط إلى أن نعيش حلماً عظيماً يتحقق, إلى الأمل و هذا إنجاز سيبقى علامة فارقة في تاريخ سوريا, لقد دخلنا في حالة من الفرح بلغت حد عدم التصديق بأن الحرية باتت بين أيدينا أخيراً و مشهد الناس و الإحتفالات في ساحات معظم المدن السورية يعبر عن هذه الحقيقة أكثر من الكلام, هذا الفرح الذي دفع ثمنه السوريون مئات الاّلاف من الشهداء و المعتقلين و المشردين و ملايين اللاجئين و عانوا الإذلال على معابر الحدود و المطارات, دفعوا ثمنه عشرات المدن و البلدات المدمرة, و الجوع و البرد و تشتت العائلات في جهات الأرض
و مع أن تحقيق حلم الحرية جاء على أيدي مقاتليكم في الأيام الأخيرة إلا أن صانع هذا التحرير و الذي عبّد الطريق للوصول إليه بالدماء و العظام المكسرة و الآلام هو الشعب السوري المنكوب, و قد أشرتم إلى هذه الحقيقة منذ أيام
و حتى لا يتبخر هذا الحلم, و لا تضيع هذه الفرصة و تضيع معها سوريا, و هي إن ضاعت هذه المرة لن تعود أبداً, أرجو أن تأخذوا الملاحظات التالية على محمل الجد, وهي مجرد ملاحظات مواطن سوري
أولا- بخصوص المرحلة المؤقتة
لن نطلب منكم في هذه المرحلة ما هو فوق طاقتكم فقد دخلتم دمشق لتجدوا أنفسكم أمام مسؤوليات كبيرة جداً و متنوعة جداً أهمها ضبط الأمن و توفير الخدمات المعيشية الضرورية في كل أرجاء سوريا و هذه أمور تحتاج بعض الوقت و نرجو أن تستطيعوا قريباً منع كل التجاوزات و الأحداث الأمنية التي تهدد استقرار المجتمع, و هذه أمور تقنية لا أستطيع الخوض فيها
لكن المطلوب الآن هو مزيد من الفعالية السياسية الإعلامية و بالتحديد في الخطاب الموجه الى الداخل السوري, مع التأكيد على أن خطابكم حتى الآن فيه الكثير من الإيجابية و القبول و روح المسؤولية, لكن بعض الممارسات على الأرض من قبل فصائل مسلحة لا تنسجم مع هذا الخطاب و تزيد من قلق الكثير من السوريين و عدم ارتياحهم لما يحدث, و تخلق فجوة بين خطابكم الإعلامي و الممارسات الواقعية, مع الإشارة و الإشادة بسلوك معظم أفراد هيئة تحرير الشام في التعامل مع المواطن السوري في الشارع. و هنا سؤال ليس له جواب حتى الآن: لماذا لا يظهر المتحدث باسم هذه السلطة المؤقتة للتحدث إلى الشعب السوري و وضعه في صورة ما يحدث و التعليق على بعض الظواهر و الأحداث و بالتالي يضع حداً للشائعات و الأقاويل التي تهدد وحدة المجتمع المنشودة؟؟
و سؤال آخر: لماذا كل أو معظم الأشخاص الذين تم تعيينهم في هذه الإدارة يفتقرون على المستوى السياسي و الإعلامي إلى الكفاءة و الخبرة؟؟ لا نعلم شيئاً عن كفاءتهم المهنية و لكنهم يُظهرون على وسائل الإعلام درجة متدنية من الكفاءة و الخبرة و يساهمون من حيث لا يريدون بمزيد من أزمة الثقة بين الناس و الإدارة و مزيد من الشكوك حول مستقبل البلد. صحيح أن هذه المرحلة المؤقتة كانت تتطلب وجود فريق منسجم (فريق إدلب) وهو أمر مفهوم لكن انسحاب هذه القاعدة على كل مستويات الإدارة و استبعاد الكفاءات التي لا تنتمي إلى هذا الفريق هو أمر غير مفهوم, بل و مقلق
ثانياً - بخصوص المرحلة الإنتقالية
لأنها مرحلة تتطلب ثقافة قانونية حقوقية و دستورية, الأمر الذي يمنعني من التحدث في هذا الجانب منها. إلا أن هناك ملاحظات و اقتراحات عامة أرجو أن تكون محل نقاش جدي
اريد أولاً أن أؤكد أن مستوى نجاح هذه المرحلة مرهون بشكل مباشر و حصري بدرجة القبول الشعبي السوري و وجود الشعور العام بأن هناك ما يمثلنا و يجمعنا بكل أطيافنا و انتماءاتنا تحت هوية واحدة هي الهوية السورية, و أن اعتراف الخارج بنا و مساعدته لنا سيكون تحصيل حاصل إن استطعنا الوصول إلى درجة مقبولة من التفاهم الداخلي و الإنسجام
السيد أحمد الشرع, أنت قمت بخطوة عظيمة أولى لتحرير سوريا من الطاغية, خطوة ذات طابع عسكري, و كانت ناجحة فهل نستطيع أن نطلب منك الخطوة الثانية لكي يكتمل التحرير و نبدأ بالبناء ؟ لكي تكون رجل الإستقلال الثاني في تاريخ سوريا ؟
الخطوة الثانية هي أن تتراجع قليلاً إلى الخلف. هي أن تكون إدارة المرحلة الإنتقالية رسمياً بيد رئيس وزراء مدني على درجة كافية من الكفاءة بحيث يكون هو الواجهة السياسية للبلاد, لماذا؟
أولاً - لأن هذه أبلغ رسالة يمكن أن ترسلها إلى كل السوريين و هي رسالة ستجعل الكثير من مصاعب المرحلة تختفي, سوف تساهم في تبديد القلق و الشكوك عند كثير من السوريين و بالتالي ستكون الإنطلاقة نحو إعادة بناء الدولة أسرع و أكثر زخماً. لأن السبب الرئيسي في تلك المخاوف و الشكوك هو هوية و طبيعة و أيديولوجية (هيئة تحرير الشام) و تاريخها المتمثل في جبهة النصرة و انتمائها الأسبق إلى منظمة القاعدة, بل و قبل ذلك داعش
بكل صراحة, إن هذا ما يثير القلق و المخاوف, و هو من جهة أخرى يجعل الوصول إلى المستوى المطلوب من الثقة بين الإدارة و عموم السوريين أمراً صعباً إن لم يكن صعباً جداً
سوريا لا يمكن أن تُحكم بمنهجية و ثقافة (هيئة تحرير الشام) هذا أمر لا يمكن أن يحدث لا اليوم و لا غداً, و إن أية محاولة من هذا القبيل ستؤدي حتماً الى تقسيم سوريا و تشتتها فضلاً عن دخولها في مسلسل طويل من الأزمات الإجتماعية و الأمنية
ليس هناك عاقل سيطلب منك التخلي عن مسؤولياتك في هذه المرحلة, فوجودك ضروري لاجتياز المرحلة الخطرة و الحساسة, بل و أكثر من ذلك: فأنا أعتقد أنك ستفوز بكل تأكيد في أول انتخابات رئاسية, و سأكون أنا أول من يصوت لك
نحن الآن على أبواب تحقيق الحلم بشكل كامل في أن نرى سوريا دولة القانون و الحرية, دولة القضاء العادل المستقل و المؤسسات. إنها أول فرصة منذ عشرات السنين لكل السوريين في أن يعيشوا كمواطنين, في أن يعيشوا بكرامة و فخر بهويتهم السورية.
---------------------------------------------------------------
*الاراء الواردة في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع
*ارسل مساهمتك على الايميل [email protected]

الشرع وعبدي يوقعان اتفاقاَ باندماج "قسد" ضمن مؤسسات الدولة السورية

ترحيب دولي باتفاق اندماج "قسد" ضمن مؤسسات الدولة السورية

الشرع يتهم موالين للأسد ودولة اجنبية باشعال الاضطرابات في الساحل

الشرع يلتقي بأعضاء لجنة التحقيق في احداث الساحل

مظلوم عبدي: الاتفاق مع دمشق فرصة حقيقية لبناء سوريا جديدة

غارت اسرائيلية على مواقع عسكرية سابقة في درعا

سوريا تعلن ضبط مواد مخدرة معدة للتهريب إلى الأردن

معارك بريف طرطوس.. وبدء المرحلة الثانية من ملاحقة فلول النظام في أرياف الساحل

الشرع: مايجري في سوريا امر متوقع ويجب الحفاظ على السلم الأهلي
