ضحايا يبحثن عن العدالة، ومجرمون تحت الحماية

كثيرات هن من تعرضن للاغتصاب في سوريا وسط حالة فقدان المحاسبة، وكثيرات هن من كتمن قصصهن ومعاناتهن في قلوبهن خشية الفضيحة ولقناعتهن بأن الحديث عنها أو الصراخ بل واللجوء إلى القضاء لن يفيد

كثيرات هن من تعرضن للاغتصاب في سوريا وسط حالة فقدان المحاسبة، وكثيرات هن من كتمن قصصهن ومعاناتهن في قلوبهن خشية الفضيحة ولقناعتهن بأن الحديث عنها أو الصراخ بل واللجوء إلى القضاء لن يفيد، غير أن سمية تعد استثناء من تلك النساء فلم تكتم قصتها ولم تتردد في ذكر ما حدث لها ولا عن الإفصاح بكل قوة عن عزمها نيل حقها المسلوب ممن انتهك حرمتها مهما طال الزمن. 

وتقول سمية بإصرار تلمع معه عيناها ببريق يضيء بيتها المعتم في حي المشهد بمدينة حلب السورية، “كنت عائدة من تركيا إلى بيت أقربائي في القسم الخاضع لسيطرة القوات الحكومية بمدينة حلب، وعندما اقتربت من أحد الحواجز بين جبلين وعرين وصحراء لم يكن فيها سوى ذلك الحاجز النظامي وركاب تلك الحافلة”. 

سرعان ما اكتشفت سمية في تلك اللحظة أنها نسيت بحوزتها بعض النقود التركية التي يمنع التعامل بها في مناطق سيطرة النظام، لكنها لم تتصور أن يكون عرضها ثمن ذلك النسيان، فقد استغل الضابط ضعفها وقلة حيلتها وهتك عرضها.

وليست هذه القصة إلا واحدة من قصص كثيرة وثقتها تقارير منظمات حقوق الانسان السورية والدولية، وفي واحد منها صدر عن "الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان"، تحت عنوان " العنف ضد المرأة في سوريا .. الخروج من الصمت “ بينت شهادات الضحايا أن غالبية حالات الاغتصاب والعنف الجنسي تمت من قبل قوات الجيش السوري النظامي، أثناء مداهمته للبيوت وعند نقاط التفتيش أو الاحتجاز، وأن بعض حالات الاعتداء على النساء تمت أمام الأقارب أو في أماكن عامة.

 ويؤكد التقرير أن “الخوف من الاغتصاب والتعرض للعنف الجنسي، شكل دافعا للكثيرات ليهربن من سوريا، كون التهديد بالاختطاف والاغتصاب بات وسيلة شائعة من قبل القوات المتنازعة في البلاد وغياب الرقيب أو الحسيب عن تلك الحوادث” .

من جانبها أشارت " الشبكة السورية لحقوق الانسان " إلى ارتكاب القوات الحكومية ما لا يقل عن 7672 حادثة عنف جنسي منها 7244 ضد أنثى بالغة و 428 حادثة استهدفت طفلة 85وأن 850 امراة تعرضن للاغتصاب داخل مراكز الاحتجاز بحسب تقرير نشرته الشبكة أواخر العام المنصرم . 

ويعتقد المحامي أحمد عبود المختص في أحكام الجنايات بحلب أن غياب المحاسبة لمرتكبي جرائم العنف الجنسي في سوريا يعود إلى غياب الدور الفعلي للمحاكم الدولية فضلا عن أن المجرم أيا كان انتماؤه لأي طرف من أطراف النزاع يحصل على حصانة وحماية من الطرف المنتسب إليه كشبيحة قوات النظام مثلا، وأن المحاكم الموجودة حاليا بعيدة كل البعد عن محاسبة أولئك الأشخاص الذين يرفعون راية مكافحة الإرهاب والإرهابيين أو من لهم صلة معهم خصوصا أن المسجونين أو الموقوفين الذين تعرضوا للعنف الجنسي تنسب لهم تهم الإرهاب أو أن لهم صلة مع من يعتبرهم النظام إرهابيين .

وأشار المحامي عبود أنه يجب على من تعرضن للعنف الجنسي من أية جهة كانت عدم الاستسلام للواقع والإصرار على أخذ حقوقهن ولو بعد حين، مضيفا أن العديد من المنظمات الاجتماعية والجنائية تحاول البحث عن مثل هذه الحوادث وتوثيقها لمعاقبة الفاعلين وتحقيق العدالة عند انتهاء الحرب .

أما سمية التي لا زالت تعاني من آثار ما حدث معها فإن ثقتها بتحقيق العدالة ليست فقط ما يدفعها للإصرار على أخذ حقها من مغتصبيها، ولكنها واثقة أن ذلك المجرم سينال العقاب بشكل أو بآخر، وتكتظ عيناها بالدموع وهي تقول" انتظر تلك الساعة التي أرى فيها ذلك المجرم على حبل المشنقة .. ولن أسامح أو أنسى مهما طال الزمن “.

 
مصطفى الشمالي


المواضيع الأكثر قراءة

SHARE

close