وجهة نظر مع نضال معلوف

ماذا عن الدولة الكردية في سوريا؟

17.04.2021 | 12:05

ليس خفيا على احد اليوم بان هناك اكراد سوريين وغير سوريين مؤمنين بمشروع دولة كردستان ويسعون الى تحقيق رسم خارطتها النهائية التي تقطع اراض من اربع دول في المنطقة ايران والعراق وسوريا وتركيا.

وحتى نكون واقعيين، اليوم نحن في حالة اللادولة.. فالدولة السورية تفتت والقوى الخارجية تسرح وتمرح في ارضنا وتختلط مشاريعها وتتشابك وتتصارع واعادة تشكيل منطقتنا (مع الاسف) بين اخذ ورد..


شاهد التسجيل على اليوتيوب .. اضغط هنا 


وفي هذا الواقع يمكن لاي طرف ان يتخيل اعادة التشكيل كما يريد ويضع المبررات الايديولوجية والتاريخية لبناء اساس للدولة المتخيلة..

جميع المكونات لها حق تاريخي!؟

ومن العبث في رأيي ان نناقش مجموعة من سكان المنطقة في احقيتهم ببناء دولة بناء على حقوق تاريخية، فهذه المنطقة مر عليها الكثير ونشأت فيها دول وامبراطوريات وامارات واذا اردنا ان نعتمد هذا المقياس ربما سيكون من حق اي عرق او قومية او طائفة ان تبني دولتها بناءا على حقها التاريخي..

فكما الاكراد يرون ان لهم حق تاريخي في المنطقة، كذلك العرب، كذلك السريان والاشوريين، وربما يأتي من يستند الى التاريخ ليبني دولة اسلامية ذات مرجعية سنية واخر دولة اسلامية ذات مرجعية شيعية.. دول نشأت واندثرت بناءا على هذه التقسيمات ولكل  جزء من سكان المنطقة حق في هذه الارض..

المظلومية

ومر كثيرا في تاريخ الشعوب بأن طائفة او عرق او مجموعة تعتمد على مبدأ يمكن ان نسميه بـ "المظلومية" تسعى من خلاله لايجاد ارضية ومبرر لقيام دولة خاصة بهم..

ويقصد بهذا التعبير عموما، ان جماعة بشرية تكون اقلية في دولة تضم مجاميع مختلفة من الجماعات، وتتعرض هذه المجموعة للاضهاد والتعدي على حقوقها، فلا يتمتع المنتمي الى هذه المجموعة بحقوق المواطنة الكاملة ويكون هناك تمييز بين الناس بناءا على العرق او الدين.. الخ.

وفي فترة ضعف الدول او تفككها تجد هذه الجماعة فرصة لتشكيل دولتها الخاصة بدعوى حماية المنتمين اليها وتخليصهم من الاضطهاد والظلم..

هكذا يكون المبدأ في العموم..

تجربة العرب

وحتى لا نلوم الاكراد.. فقط قام العرب ايضا بتنبي هذه المبدأ في نهايات الدولة العثمانية، حيث تبنوا فكرة المظلومية واضطهاد العرب في ظل الحكم التركي ونشأت احزاب وجمعيات نادت باللامركزية وانتهت الامور الى تشكيل دويلات منفصلة متناحرة هشة فشلت في النهاية واوصلتنا على المصير المأساوي الذي نعيشه..

تذكروا قصة الشريف حسين والوعود بالدولة العربية الواحدة القوية المستقلة.. اين هي اليوم؟

لا يجب ان نظن ان حال الاكراد اليوم افضل من حال العرب في العام 1918..

على العكس فالاستقطاب اليوم اكبر والايديولوجيات المتناحرة المتصارعة اكثر.. والمصالح الواسعة والضيقة متداخلة اكثر..

تشبه قوات سوريا الديمقراطية.. قوات الشريف حسين كثيرا.. مع اختلاف الداعم من انكليزي الى اميركي.. ويشبه حلم الاكراد اليوم باقامة دولة واحدة قوية تمتد على اراض اربع دول موجودة اليوم.. حلم العرب في الامس.. ولكن يجب ان نسأل انفسنا هل هو قابل للتحقيق..

 

الفكرة لم تعد صالحة

واسباب هذا الفشل كثيرة، وليس اخرها ولا اهمها بان اقامة دولة على اساس العرق او الطائفة او الدين فكرة لم تعد صالحة لهذا الزمن، فمنذ عقود طويلة سادت فكرة "الدولة" بمعناها الحديث المدني واصبحت النموذج الوحيد الناجح الذي يؤمن للسكان حياة الاستقرار والرفاه.

تغير العالم وتشابك المصالح

وليس اخر هذه الاسباب واهمها ان الفكرة لم تعد صالحة كما ذكرت.. ولكن ايضا بان العالم اليوم بات يشكل مصالحا متشابكة ومتداخلة اكثر من اي وقت مضى، سهولة التنقل، التكنولوجيا، فائض القوة.. واستطالت ايدي الدول الكبرى والقوى العظمى للتدخل في كل شيء على سطح الكوكب..

هذه القوى باتت تستغل الحالة، تستغل الغضب، الحنق، الظلم.. لتدخل اصحاب المظلوميات في مشاريعها..

هل يمكن ان ينتصر هذا المشروع؟

لكي ينفذ هذا المشروع يجب ان يتم تفتيت ايران والعراق وسوريا وتركيا.. وتشريد شعوبها واشاعة الفوضى في ارض بمساحة قارة.. لكي تقوم دولة الاكراد.. فهل هذا ممكن وهل هذا معقول؟

ولكي ينفذ هذه المشروع يجب ان نتأكد ان "العرق" فعلا يوحد الشعوب.. هل تكفي وحدة العرق لنتفق على كل شيء..

هل الاكراد اليوم واحد.. اليس من المعقول بعد خراب المنطقة (وهي تخرب اليوم) ان يختلف الاكراد بين بعضهم البعض.. وينقسمون الى فرق واحزاب وجماعات ودويلات على خلفيات مختلفة لا تتصل بالعرق..

فاليوم مثلا يوجد عشرات الاحزاب الكردية في سوريا التي تتبع ايديولجيات مختلفة ومتصارعة..

لماذا اليوم حتى في كردستنان العراق تسعى جماعة طالباني للانفصال عن جماعة بارزاني وتقسيم كردستان العراق الى اقليمين؟.. 

الحقيقة دولة تقوم على وحدة العرق هي طريق شائك.. وهم يستند الى الاساطير الى روابط بدائية لم تعد تصلح لهذا الزمن..

الحل؟

الحل بالنسبة للاكراد هو ذاته الحل بالنسبة للعرب وللشركس والارمن والسريان.. الى المسلمين الشيعة والسنة والمسيحين الكاثوليك والارثودوكس..

الحل هو بناء الدولة الحديثة التي لا مكان فيها للتمييز بناءا على العرق او اللون او الدين او الطائفة.. الدولة التي يسودها القانون وتضبط ادائها المؤسسات وتوفر حياة عادلة متساوية لكل ابناءها..

واتمنى من اخوتنا الاكراد ان يراجعوا التاريخ ويعتبرون منه.. وان يضعوا يدهم في يدنا لنبني سوريا على هذا الاساس..

نضال معلوف
تابع قناتي على اليوتيوب .. اضغط هنا 


TAG: