لا تزال دمشق تعاني من أزمة مياه خانقة منذ اكثر من اسبوعين, حيث يعد انقطاع الماء المستمر عنها هو الأطول منذ بدء الأزمة, مع توارد تقارير عن حدوث حالات تسمم نتيجة "شرب مياه ملوثة", وسط تبادل الاتهامات بين النظام السوري والمعارضة المسلحة بشأن الكارثة المائية .
وبقيت الحلول غير واضحة المعالم, حيث أصبحت ازمة المياه وكيفية تأمينها, هاجساً يؤرق سكان العاصمة, فالحديث عن هذه الأزمة بات يوميا, معربين عن معاناتهم جراء الازمة وسط صعوبات من اجل تامين المياه.
وتتزامن أزمة المياه , مع وعود مستمرة للنظام بإنهاء الأمر قريباً، وسط اتهامات بشأن الكارثة المائية, حيث اعلنت مؤسسة المياه انها اضطرت سابقا لقطع المياه جراء قيام المسلحين بتلويث الماء بمادة المازوت, في حين تتهم المعارضة القوات النظامية باستهداف نبع الفيجة المغذي للعاصمة, وسط حملة عسكرية يشنها الجيش في وادي بردى, في محاولة لاستعادتها.
وبحسب ناشطين, فان هدف النظام السوري من الحملة العسكرية هو "الضغط على مقاتلي المعارضة للقبول بتوقيع اتفاق للمصالحة والخروج من المنطقة", وهو ما ترفضه الفصائل المقاتلة في منطقة وادي بردى .
ودفعت الازمة الخانقة المستمرة الحكومة الى اللجوء لخيارات بديلة لتعويض نقص المياه, من خلال استخدام المصادر الاحتياطية وتوزيعها على الأحياء وإتباع خطة لتقنين ضخ المياه للسكان, عبر وضع جدول يومي بتقسيم احياء دمشق إلى مجموعات وكل مجموعة لها نصيب من المياه مرتين بالاسبوع .
لكن العديد من المواطنين في عدة مناطق أكدوا أنهم لم يلمسوا شيئاً على أرض الواقع, حيث أن المياه لم تصل الى منازلهم منذ بداية الأزمة, مااضطرهم الى الاعتماد على حلول بديلة, حيث لجأوا الى تعبئة مياه الشرب بواسطة بيدونات من الحدائق العامة, بينما استعان آخرون بالصهاريج وسيارات نقل المياه الخاصة المأجورة، لتعبئة خزانات منازلهم.
وتزايدت شكاوى المواطنين من ضعف الضخ وعدم وصول المياه الى الطوابق العليا, ما يضطرهم لشراء مياه الصهاريج التي تضاعفت كلفتها ..فيما ينتظر اخرون في طوابير بأجواء باردة لتعبئة المياه بواسطة البيدونات.
وما يزيد من الازمة تعقيداً ان التيار الكهربائي هو المسؤول الاول عن تشغيل مضخات المياه الرئيسية, فعند انقطاع التيار يتعذر بشكل تام وصول المياه الى المنازل لاسيما الطوابق العليا.
وعمد اغلب المواطنين في المناطق التي تصلها مياه, حسب الجدول الذي وضعته مؤسسة المياه, الى إتباع سياسة التقشف في جميع الأمور المنزلية من طبخ وغسيل واستحمام, وأصبح اعتمادهم على المياه للأشياء الضرورية.
وبات لهيب أسعار المياه يحرق جيوب سكان العاصمة, حيث ارتفع سعر صندوق مياه الشرب الى الف ليرة, فيما تراوح سعر برميل المياه (مئتا لتر) بين خمسة آلاف وتسعة آلاف ليرة سورية, كما تراوحت اسعار تعبئة الخزان الواحد من الصهاريج بين 6 الاف الى 25 الف حسب سعة الخزان و تصنيف المنطقة . .
وزاد الأمر سوءاً أن عبوات المياه قد بدأت بالنفاذ من بعض المحال التجارية نتيجة للطلب الكبير عليها, في وقت تواردت انباء عن حدوث بعض "حالات تسمم" بسبب شرب بعض المواطنين مياه غير صالحة وملوثة لعدم قدرتهم المادية على شراء مياه معدنية .
وأصبح تأمين المياه عن طريق السيارات المتنقلة التي تحوي على صهاريج أمرا صعبا, حيث يسعى الاهالي الى تامين المياه عن طريقها بعد محاولات واتصالات عديدة, بالاضافة الى ان المياه تكون غير نظيفة يتم استعمالها فقط للغسيل والتنظيف.
فيما عمد ذوو الدخل المحدود إلى تعبئة المياه بواسطة بيدونات من الأماكن العامة, لاسيما في مناطقهم التي لم تشهد منازلهم أي قطرة ماء ومنهم من اضطر للنزوح الى اماكن اخرى .
وشكلت أزمة انقطاع المياه باب رزقاً إضافياً, حيث استغل بعض العاطلين عن العمل حاجات المواطنين من خلال بيع المياه بأسعار السوق السوداء في شوارع دمشق, كما أصبحت "حمامات السوق" ملجأ للاهالي بعد أزمة المياه, في وقت أصبحت المطاعم ومحلات الوجبات السريعة تعج بالمواطنين, لعدم القدرة على طهي الطعام في منازلهم نتيجة نقص المياه. كما زاد الإقبال على شراء الصحون البلاستيكية.
واعتبر بعض المواطنين بان ازمة المياه "مفتعلة" , من خلال استغلال الاسر واجبارها بطريقة غير مباشرة على شراء خزانات وتركيب “موتورات” كهربائية لضخ المياه , في حين يقول اخرون إن النظام هو المستفيد الأكبر والذي يبيع المياه للسكان
ورغم معاناة المواطنين التي ترافقت مع ازدياد خوفهم من تفاقم الازمة، بقيت الحلول مبهمة, في ظل عدم تقديم توضيحات حيال مايجري من قبل المسؤولين حول هذه الكارثة, مكتفيين بإلقاء اللوم على المعارضة المسلحة.. لكن يبقى التساؤل الى متى ستستمر حرب المياه؟؟
سيريانيوز