مساهمات القراء

الثورة السورية: نداء البناء في وجه التشكيك والإحباط...بقلم : محمد محمود الهلال

25.01.2025 | 03:06

النصر الذي حققته الثورة السورية ليس مجرد محطة في تاريخ الأمة، بل هو علامة فارقة أثبتت أن إرادة الشعوب لا تُقهر مهما بلغت التحديات. هذا النصر جاء بدماء الشهداء، وعرق العاملين، وآمال من تمسكوا بالحرية كحقٍ أصيل. ومع ذلك، ظهرت أصوات تشكك في الإنجاز، وتثير الشكوك حول المستقبل، متصدية لكل خطوة إيجابية بتضخيم العثرات والأخطاء. هذه الأصوات، التي تروج للتشاؤم، تحاول زعزعة الروح الجماعية وزرع الفشل في النفوس.

الثورة السورية لم تكن مجرد انفجار غضب ضد الطغيان، بل كانت مشروعًا حضاريًا يسعى لإعادة الكرامة والعدالة إلى الشعب. نعم، الطريق لم يكن سهلًا، والأخطاء واردة، لكن هل تتوقف الشعوب عند أخطائها؟ أم تمضي لتتعلم وتبني فوق جراحها أفقًا جديدًا؟ الذين يشككون اليوم في نجاح الثورة عليهم أن يسألوا أنفسهم: ما الذي قدموه للوطن؟ هل كانوا جزءًا من الحل أم اكتفوا بتكريس المشكلة؟ النقد البناء حقٌ للجميع، وهو جزء لا يتجزأ من أي عملية تطوير، لكن التشكيك الذي لا يستند إلى حقائق، والإحباط المتعمد، لا يخدم إلا أعداء الثورة. الثورة ليست كتابًا مغلقًا لا يُخطئ، بل هي رواية تُكتب فصولها بتجارب وأفعال. أخطاؤها ليست نهايات، بل دروس تُقوّم المسار وتُرشد المستقبل. لذلك، لا بد أن يتحول النقد إلى طاقة إيجابية تساهم في البناء.

لكل من يشكك في الثورة أو يحاول تصيد أخطائها، نوجه هذه الرسالة: إذا لم تكن قادرًا على الانخراط في العمل والبناء، فعلى الأقل، لا تُثبط الآخرين ولا تنشر اليأس بينهم. الوطن بحاجة لكل يد تبني، وكل عقل يفكر، وكل قلب ينبض بالأمل. إذا كنت عاجزًا عن المساهمة المباشرة، فلا تكن عقبة في طريق من يساهم. الكلمة السلبية قد تكون أخطر من رصاصة، لأنها تقتل الحماسة وتقضي على الأمل. نحن نفهم أن بعض الإحباطات تنبع من الألم الشخصي أو من رؤية جوانب لم تتحقق بعد، لكن الحل ليس في بث السلبية، بل في تحويل هذا الإحباط إلى طاقة للعمل. الثورة ليست ملك فئة واحدة، بل هي ملك لكل الشعب السوري، وكل فرد مسؤول عن أن يكون جزءًا من هذا المشروع الوطني العظيم.

لمن لم تسمح لهم الظروف بأن يكونوا جزءًا من التحرير، لا تفوتوا فرصة أن تكونوا جزءًا من البناء. النصر الذي تحقق ليس نهاية الرحلة، بل هو بداية لعهد جديد يتطلب العمل الجاد والتكاتف لإعادة إعمار سوريا. الفرصة لا تزال قائمة، والباب مفتوح لكل من يحمل في قلبه حب الوطن ورغبة في أن يرى سوريا أقوى وأجمل. لا تنتظروا الآخرين ليبنوا وطنكم. هذا وطنكم أنتم، ومن أجله دُفعت أثمان باهظة لا تقدر بثمن. لا تتركوا هذه التضحيات تضيع.

الثورة السورية لم تكن لحظة عابرة في التاريخ، بل كانت زلزالًا قلب المعادلات وأعاد تعريف الحرية والكرامة للشعب. كل مدينة وقرية حُررت بدماء الأبطال، وكل شبر من الأرض السورية يحمل في طياته قصة نضال وكفاح. هذا النصر جاء نتيجة وحدة الشعب وإصراره على تجاوز القهر والاستبداد. ومن أجل الحفاظ على هذا الإنجاز، لا بد من العمل المتواصل، فالبناء لا يقل أهمية عن التحرير.

يا أبناء سوريا، أنتم حراس هذا النصر وأمانة الشهداء في أعناقكم. اجعلوا الثورة حاضرة في كل لحظة، وتعلموا من أخطائها، ولا تسمحوا للاستبداد بأن يعود. اعملوا من أجل سوريا التي حلم بها الشهداء، سوريا الحرة، الكريمة، الموحدة. لنكن جميعًا على قلب رجل واحد، نبني وطنًا يليق بتضحياتنا وأحلامنا. سوريا اليوم تستحق كل قطرة عرق، وكل فكرة مبدعة، وكل جهد مخلص. المستقبل لكم، فلا تضيعوا هذه الفرصة التاريخية.

 

---------------------------------------------------------------

*الاراء الواردة في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع

*ارسل مساهمتك على الايميل [email protected]

 

 

 


TAG:

بيدرسن: هناك اجماع دولي لدعم سوريا.. ويجب تحقيق الانتقال السياسي الشامل

اعلن الموفد الاممي الى سوريا غير بيدرسن، اليوم الاربعاء، ان هناك اجماع دولي، لدعم سوريا، خاصة فيما يتعلق بمسألة العقوبات المفروضة على البلاد، مؤكداَ على ضرورة الانتقال السياسي الشامل، و مشاركة جميع الفئات في العملية السياسية ، وتشكيل جيش وطني يضم جميع الفصائل.

من دمشق...مفوض أممي: 30% من اللاجئين يريدون العودة والعقوبات تشكل عائقاَ

قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، خلال زيارته في دمشق، ان نحو 30% من اللاجئين السوريين في دول الشرق الاوسط يرغبون بالعودة الى بلادهم، الا ان العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، تشكل عائقاَ أمام العودة.