كيف تروض "تنينكَ" .. الارادة في مواجهة الشر المتوحش

20.10.2018 | 19:58

بعد خمس سنوات على صدور الجزء الأول لفيلم "كيف تروض تنينك" صدر الجزء الثاني للفيلم بالاسم نفسه، على أن يصدر له جزء ثالث سيعرض قريباً على شاشة السينما. تم إنتاجه بواسطة DreamWorks Animation وتم توزيع الفيلم بواسطة 20the Century Fox، مستندة إلى سلسلة الكتب البريطانية التي تحمل الاسم نفسه كريسيدا كويل Cressida Cowell. المصدر من هنا.

قام بإخراج وكتابة سيناريو الفيلم المخرج الكندي Dean DeBlois الذي أسهم بإخراج الجزء الأول منه بالتشارك مع المخرج Chris ,Sanders، وقد اعتذر Sanders عن الشراكة بالإخراج والسيناريو لهذا الفيلم بسبب التزامه بالعمل بفيلم آخر، ولكنه كان فيه كمدير تنفيذي فقط.

توظيف المغامرة

يقوم الفيلم على توظيف المغامرة ومزجها مع الأسطورة والخيال، بالتوازي مع تقديم رسائل اجتماعية وخلاصات تربوية للمشاهد ضمن إطار رسم حاسوبي ثلاثي الأبعاد ومتطور للغاية، وقد تم استخدام تقنية "معالجة متعددة النواة قابلة للتطوير"، تم تطويرها مع Hewlett-Packard أطلق عليه كاتزنبرج "الثورة القادمة في صناعة الأفلام"، مما مكن الفنانين لأول مرة من العمل على صور غنية ومعقدة في الوقت الفعلي، بدلاً من الانتظار ثماني ساعات لرؤية النتائج في اليوم التالي (المصدر من هنا).

براعة وانسيابية:

اللقطات الأولية تشعر المشاهد بأنه يحلق مع فرق اليافعين الذين يتنافسون على تسجيل أسرع إنجاز للهدف والفوز بلقب أكثر الفرسان انسجاماً تاماً، كل مع تنينه، وسيشهد المتابع منذ المشاهد الأولية الانسجام العالي بين Hiccup Horrendous Haddock III مع تنينه المسمى Toothless Lost، وسيجد أنه يشاهد سباقاً واقعياً للخيل، ولكن مع خيال محلق في الأفق، فالأحصنة هنا هي تنانين مجنحة تم ترويضها وتطويعها لتكون في صالح الفايكنج، الذين كانوا يسعون لقتلها والتخلص منها فيما سبق، خوفاً منها وجهلاً بها وبإمكانية ترويضها.

قام الكاتب باستخدام شعب الفايكنج كحامل لفكرة الإقدام والمغامرة والغزو، لتميز هذا الشعب بالقوة الجسدية المبهرة، وبما يمتلكه من تاريخ معقد ومعلوم في كسر حواجز الجغرافيا والبحث بما وراء الحدود.

كان لابد من تطويع فكرة التنانين وجعلها مجنّحة كي تداعب خيال الطفل، الذي يحلم بالقوة مطلقاً العنان لمخيلته ليطير مع حيوانه المدلل، بشجاعة وجسارة ومتعة لا تحدها حدود.

وسيزيد الأمر جمالاً أن تصوير اللقطات كان حيوياً بما فيه الكفاية لينقل للمشاهد الشعور بالتحليق رغم أنه ما يزال على مقعده متابعاً الفيلم بتفاعل وحماس. وأتوقع أنه سيكون مذهلاً فيما لو شوهد الفيلم في احدى قاعات السينما من النوع الحديث التفاعلي الذي يخضع لمعايير عالية من صوت الدولبي مع نظارات تفاعلية عالية الدقة، تمكن من التناغم مع المشهد الذي يمكن المشاهد من الاستغراق بما يشاهد بشكل أكثر واقعية.

يلاحظ أن الأسماء تخضع للظرف أو للصفة أو لحادثة ما، كعادة الهنود في إطلاق الأسماء على الأشخاص والأشياء والحيوانات، فاسم بطل الفيلم الشاب هو "حازوقة" Hiccup، بينما اسم التنين عديم الأسنان التائه Toothless Lost وهكذا، ولابد أن هذه الاستخدامات للمزيد من ترغيب الفكرة للفئة العمرية التي تشاهد الفيلم ذي الجماهيرية الواسعة بين الكبار والصغار على حد سواء.

الإخضاع:

فكرة الانسجام مع آخرين، يختلفون عنك أو يختلفون معك، ستكون الصيغة الأساسية المراد إرسالها كرسالة توجيهية عبر الفيلم، لكنها ستتعارض مع مفهوم الإخضاع، فهناك نوع من أنواع الصراع حول هاتين الفكرتين المسيطرتين والمتصارعتين منذ بداية الفيلم حتى نهايته، فالكاتب كان يريد للفكرة أن تظهر بمظهر التيارات الهوائية التي نسمع عنها في نشرات الأخبار الجوية لتوقعات الطقس، فتارة ستكون الغلبة للمنطق والعقل والخير، وأخرى ستكون لصالح التسلط وحب السيطرة والعنف، وهي شأن طبيعي يتم تداوله بتبدل الظروف الطبيعية، وليس هناك سلام ووئام دائمين، بل هناك أضداد تتصارع، يسيطر أحدها على الآخر، مهما بدت أنها شريرة وقاسية وصلبة وغير قابلة للسيطرة منطقياً أو حتى دينياً.

سنشاهد مقطعاً هاماً يقوم فيه Drago Bludvist باستعراض قوته وإخضاع أحد التنانين القوية على متن سفينته، ومن ثم يسيطر بشكل كامل عليه، لدرجة أن بإمكانه أن يضع حذائه فوق رأسه كدلالة تامة على إخضاعه وبسط نفوذه وسيطرته الكاملة عليه، وهو استعراض صغير لمقدرة الشر المتوحش على استعباد البشر وباقي الكائنات بتأثير القوة المخضعة، وسنشاهد فيما بعد تأثير الوحش الكبير Bewilderbeast ، التنين الضخم من الدرجة العاشرة، وصراعه مع التنين (ألفا) النظير له في القوة والمعاكس له في الصفات والاتجاهات، وبرغم كونه تنيناً خيراً ويستحق القيادة لأنه كان يحمي باقي التنانين من أن يكونوا عرضة للمخاطر ويقدم لهم الفرصة للعيش في جنتهم الخاصة، نجده ينهزم وينتصر عليه Bewilderbeast  الذي يصبح التنين "ألفا" الجديد، وهو الخاضع لإرادة الشرير Drago Bludvist ورغباته في اجتياح العالم والسيطرة عليه.

يقدم الفيلم رسالة مصغرة أراد لها كاتب السيناريو أن تكون المخرج من السيطرة والانصياع الذي خضعت له كل التنانين البالغة، بعد هزيمة كبيرها وقد كانت تستقي منه القانون وتستوحي منه المسلكيات، كان هذا المخرج عبر التنانين الصغيرة، صعبة المراس، التي لا تزال حديثة العهد بأحابيل السيطرة التي يخضع لها الكبار فيصبحون عبيداً لتأثيراتها، يرسل المخرج والكاتب رسالة مزدوجة أنه لابد في ظل عالم بات الاستقطاب فيه واضحاً جداً أن ننحي أطفالنا عنه، لأنه من الممكن عندما تسد بوجوهنا الطرق أن نجد المخرج عبرهم وبهم، لقد كان أطفال التنانين مخرجاً من حالة حرجة كادت أن تودي بالعالم للهلاك، 

في مشهد استعادة Toothless Lost والصراع الذي وقع فيه التنين الفتي والقوي بعد أن وقع ضحية ل دراجو، قام تحت تأثير الاخضاع بقتل زعيم الفايكنج Gerard Butler، المشهد مؤثر للغاية، وعلى هيكوب أن يتخلص من عقدة أن تنينه قد قتل أباه، ومع ذلك سيحاول استعادته من القاتل الفعلي الذي قام بتسيير التنين لا إرادياً تجاه قتل أبيه، ومن ثم يعاود انسجامه معه ليقوم بمشاركته بمهمة إنقاذ باقي التنانين وهزيمة دراجو فيما بعد، وهذا بحد ذاته يحتاج إراداة كبيرة وكياناً نفسياً متوازناً ومستقراً بإمكانه أن يعزل الحوادث ويحكم عليها، وحقيقة هذه هي صفات الزعيم النفسية، ناهيك عن السلامة البدنية والمقدرة الجسدية العالية، وبذا استحق هيكوب أن يكون زعيماً بدلاً عن أبيه الراحل.

قام بالأداء الصوتي للشخصيات كل من الممثلين التالية أسمائهم:

,Jay Baruchel ,Cate Blanchett ,Gerard Butler ,Craig Ferguson ,America Ferrera Jonah Hill, ,Christopher Mintz-Plasse ,T. J. Miller Kristen Wiig ,Djimon Hounsou Kit Harington وآخرون.

حقق الفيلم إيرادات مالية وأرباحاً عالية وتم اعتباره من أكثر الأفلام نجاحاً في عام 2014 يوم ولادته في فضاءات السينما الفضية. وتكلف الفيلم  تقديرياً حوالي $145,000,000 ووصلت إيراداته ل $621,537,519 حول العالم.

لمشاهدة مقطع الفيلم الدعائي انقر هنا


TAG: