وجهة نظر مع نضال معلوف

مجددا .. هل ينخفض سعر صرف الدولار.. ؟

10.12.2019 | 18:45

ويمكن الاجابة على هذا السؤال بطريقتين ، الاولى الشعارات والخطب وشحذ الهمم والمزاودة .. والثانية هي طريقة علمية تتعلق بعلم الاقتصاد وواقع السياسة واستشراف المستقبل بناءا على المعطيات والبيانات .. فايهما سنختار؟

سنبدأ بالطريقة الثانية لانه اعتقد بانها الاكثر فائدة ..

وفي هذا السياق لا بد ان نكرر ما اوردناه سابقا في كل مرة نتطرق فيها الى هذا الموضوع ، حيث ان سعر صرف الليرة يتعلق بالاداء الاقتصادي العام وبالوضع السياسي الخاص لسوريا اليوم.

الصناعة متوقفة ، لا يوجد حركة استيراد وتصدير بفعل الحصار ، معدلات البطالة تزيد ، النمو في كل المجالات بالاتجاه السالب ، الاحتياطي النقدي من العملات الاجنبية استنزف ، ترهل اداري .. فساد .. انعدام الكفاءة ..  وانهيار كل القيم المهنية والاخلاقية .
يترافق هذا مع تعقد الموقف السياسي ووصول الاوضاع الميدانية الى وضع "الاستعصاء" ، عدم وجود حل سياسي في الافق يمكن ان يدخل الاقتصاد المحتضر الى غرفة الانعاش ..

كل هذا واقع لا يمكن لا لسوريا (ولا غيرها) ان تعكس خلاله اتجاه انخفاض قيمة العملة .. هذا مناف للعلم والمنطق ، فكل الاسباب التي اوردناها ( والموجودة منذ سنوات ) لا يمكن معها ان نعكس الاتجاه، فهذا عمليا وعلميا مستحيل ..

الان نضيف الى هذا كله امر طارئ جديد ..

وهو انه حتى القدرة على المضاربة والتدخل في سعر صرف الليرة فقدناها  ؟ لماذا ؟

اولا لان احتياطي العملات الاجنبية تم استنزافه على مدى السنوات الماضية ، وثانيا وهو الاهم الازمة التي يعيشها لبنان ، "خزنة" السوريين من العملات الصعبة ، والتي انحبست بسببها  الايداعات السورية ، في وضع يسير الى التعقيد وانسداد الافق ..

نضيف على ذلك تشديد الحصار المفروض على "النظام" لضمان انهاء اي قدرة له للالتفاف على العقوبات او الاستفادة من اي موارد، حتى تلك الموارد والثروات الطبيعية  التي على ارض سوريا نفسها  ..
تفجر الاوضاع في المحيط في لبنان والعراق وانشغال الحليف ( المالي ) الاساسي للنظام ( ايران )  بأزماته الداخلية والاقليمية والدولية ، وامتداد سنوات الازمة السورية بحيث لم يعد هذه الحليف قادرا على الاستمرار في تقديم الدعم ..

اذاً ما الذي يجعلنا نعتقد بان سعر صرف الدولار سيتحسن .. ؟

انتهينا من الطريقة العلمية في مناقشة  موضوع الدولار هنا ، ولننتقل الى الطريقة الثانية .. الخطب والشعارات ..؟!

المفاجأة بان حتى هذه الطريقة انتهت تماما ، واصبح المسؤول السوري اليوم فج ومباشر في طرح الحقائق ، واذا راجعنا تصريحات رأس الهرم في سوريا الرئيس بشار الاسد ، سنرى انه في المقابلة التي اجراها نهاية شهر تشرين الاول المنصرم مع التلفزيون السوري وعند سؤاله عن الوضع الاقتصادي وسعر صرف الدولار ماذا قال ..

لم يسوف هذه المرة ولم يرفع شعارات النصر ولم يزف لنا بشرى الانفراج .. قال بالحرف الواحد بان سعر صرف الليرة السورية بـ 600 ليرة ( هكذا كان وقتها اليوم بـ 800 ليرة ) اليوم معجزة .. وتكلم حول الاولويات وان الاولوية اليوم لدعم المواد الاساسية ولم يعد هناك امل لدعم الدولار ..
حتى الاسد تخلى عن خطاب الشعارات وما زال البعض ( الكثير ) متمسك بها .. ما زال البعض ملكيا اكثر من الملك ..

والنتيجة في هذا العرض كما سابقه من المواد التي استعرضنا فيها وضع الدولار ، لن يتحسن سعر الصرف او يتحول من التراجع الى التحسن الا بتوفر عوامل محددة اقتصادية وسياسية ، وكل المؤشرات التي بين ايدينا اليوم تدلل على ان العملة السورية ماضية نحو الانهيار .. وربما في الماضي كانت معجزة لتوقف هذا المسار .. واليوم ربما حتى المعجزة لم تعد تفيد .. !؟

نضال معلوف


TAG: