العنف الجنسي واقع يومي تعيشه المرأة السورية
صورة تعبيرية
تمشي وتتعثر وتلفت حركاتها غير المتزنة الأنظار إليها، ولكن لايلبث الاستغراب أن يتوارى عندما تدخل إلى عيادة الطبيبة النفسية في مشفي مدينة كارل ستاد الهادئة في السويد.
وتقول الطبيبة ماريا التي استقبلت الفتاة باهتمام بالغ وأجلستها على كرسي مريح وبدأت بملاطفتها وتقديم كأس من الماء لها إنها “تعرضت قبل وصولها للسويد لسلسلة من الانتهاكات الجنسية وعمليات التحرش مما أثر عليها نفسياً وتسبب في بعض المتغيرات الفسيولوجية لديها مثل سوء الهضم والإحساس بالخجل والابتعاد عن الناس وعدم النوم وفقدان تقدير الذات والشعور الدائم بعدم الارتياح”.
وأكدت ماريا أن حالة هدى قابلة للتحسن مع مرور الوقت من خلال توفير الجو المناسب حولها ومتابعة العلاج النفسي.
كانت هدى تعيش في الرقة مع أسرتها قبل أن تغادرها إلى دمشق هربا من "داعش" التي سيطرت على المدينة، لكن دمشق لم تكن بلدا مريحا لها،فقد تعرضت للمضايقات والتحرش أكثر من مرة على الحواجز ونقاط التفتيش مما دفعها للسفر منفردة للأردن ومنها لمصر فأوروبا وفي كل محطة من المحطات وجدت المزيد من العناء.
وتقول هدى بصوت مرتجف ونبرات حزينة ” تعرضت للعنف الجنسي بأساليب مختلفة خلال مسيرة هجرتي التي مرت بالأردن فمصر وانتهت بأوروبا، فبعضهم طلبوا مني علاقة (صداقة خاصة) وآخرون حاولوا إقامة علاقة جنسية وآخرون من أصحاب النفوذ وأرباب الأعمال عرضوا علي الزواج”.
وتعتقد الطبيبة ماريا، الشقراء ابنة الأربعين عاما أن أكثر ما أثر في هدى وأوصلها إلى ما هي عليه ما قام به شابان في رحلتها الأخيرة نحو السويد وروت القصة على لسان هدى “بعدما وصلت اليونان تعرفت في القارب على شابين وثقت بهما وسرت معهما إلى أن وصلنا صربيا، وفي إحدى الليالي وبينما نحن جالسين في الغابة قام الشابان بالهجوم علي كالوحوش المفترسة ومزقوا ثيابي وتناوبوا على اغتصابي، وأنا في حالة انهيار كامل، وبعد أن أفقت اكتشفت أنني وحيدة في الغابة، وبدأت بالبكاء والصراخ”.
في العيادة الأنيقة تدخل من وقت لآخر فتاة أو امرأة جديدة للقاء الطبيبة التي تضفي برشاقة ولطف كثيرا من الراحة والاستقرار على زائراتها ولا تتركهن إلا بعد أن تتغير مشاعرهن، ثم تعود لهدى التي تبدو أكثر راحة بقربها، وتؤكد ماريا أن كثيرات يعانين من المضايقات هدى والتحرش غير أن “حالة هدى ليست عادية لأن الطريقة التي عوملت بها لم تكن عادية أثناء رحلتها إلى أوروبا حتى أثناء وجودها في مخيم اللاجئين بعد وصولها للسويد، والذي بلغ عدد نزلائه ما يقارب 400 شخص، قام بعضهم بمضايقتها وملاحقتها أثناء الدخول والخروج من غرفتها وأصبح التحرش واقعا يوميا عليها أن تعيشه”.
تبدو قصة هدى غريبة بعض الشيء لكثرة ما مرت بها من أحداث لكن ما توثقه مؤسسات حقوق الإنسان حول كل الأماكن التي مرت بها هدى أكدت أن مئات وآلاف الجرائم ترتكب فيها بحق الفتيات، وحسب تقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان توزعت حوادث العنف الجنسي المسجلة ضد المرأة السورية منذ آذار 2011 حتى نهاية عام 2015 بين طرفي الصراع إلى أكثر من 8 آلاف حادثة.
وتقول الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي أثناء الصرعات المسلحة زينب بانغورا إن "هذا العنف مورس يومياً في جميع أنحاء سوريا خلال السنوات الخمس الماضية ومن قبل جميع الأطراف” وأن "الأمم المتحدة وثقت منذ بدء النزاع في سوريا حالات عديدة من تعذيب النساء وإساءة معاملتهن أثناء اعتقال أطراف النزاع لهن، وتشمل كثير من هذه الحالات العنف الجنسي".
وبالنسبة لهدى فإن الطبيبة لا تتوقف عن طمأنتها بأن ما لديها من مهارات كونها متعلمة وموظفة سابقا وتتحدث الإنكليزية سيساعدها على حماية نفسها والخروج من حالتها”.
وبناء على نصيحة ماريا انتقلت هدى إلى مسكن خاص للسيدات وبدأت بممارسة نشاطات مختلفة مع زميلاتها، دون خوف من متحرش جديد.
عدنان دوماني
TAG: العنف الجنسي، فيتشر