وجهة نظر مع نضال معلوف

هل تعمل تركيا حقا لضم ادلب ؟

16.10.2018 | 12:14

تعددت التحليلات والتكهنات بعد اتفاق سوتشي حول مصير ادلب وماذا بعد نجاح تركيا تجنيب المنطقة عملاً عسكرياً وحماية المدنيين في المحافظة من بطش النظام.

ويجب ان نعترف بان تركيا قد فاجأت الكثيرين  ( وانا منهم ) عندما اثبتت بانها قادرة على وقف زحف النظام وحلفائه باتجاه ادلب وتجنيبهم كابوس اعادة سيطرة النظام على المنطقة بالطريقة التقليدية التي اتبعها مع باقي المناطق ، وهي المحافظة التي تضم ملايين المعارضين من ابناء المحافظة ومن باقي المحافظات.

لاشك ان تركيا تبحث عن مصالح شعبها بالدرجة الاولى وهذا مشروع وهو امر ليس من شأننا ولسنا بوارد الخوض فيه نحن السوريون الذين ابتلينا بالمصيبة الكبيرة التي نعيش لسنا في وارد انتقاد الدول واعطاء الرأي في سياستها واطلاق الاحكام عليها ، كما يقولون "من بيته من زجاج لا يرمي الناس بحجاره".

ولذلك سنأخذ الجانب الذي يخصنا في سياسة تركيا فيما يتعلق بالكارثة السورية واليوم سنتكلم عن ادلب ، وماذا تريد تركيا من ادلب؟

اذا نظرنا نظرة موضوعية ، يمكن القول بان منطقة ادلب منذ البداية كانت اقل المناطق عرضة للعمليات العسكرية في سوريا ، وهي بقيت آمنة الى حد كبير على اهلها وكل من لجأ اليها من باقي المناطق.

وبعد وضع تركيا هيئة تحرير الشام على لائحة الارهاب فان تركيا توجه رسالة بانها تدعم فقط المعارضة المسلحة وتدعم بقائها واستمرارها ربما لتكون جزءا من الحل السياسي في سوريا في المستقبل.

في النقاش الدائر هنا ( في تركيا ) والتصريحات والتحليلات التي تتناقلها وسائل الاعلام خاصة في الايام الاخيرة، فان اكثر ما يهم تركيا اليوم هو حماية المدنيين في ادلب وتحسين ظروف معيشتهم الاقتصادية والصحية والتعليمية وانهاء حالة الحصار التي تعيشها المحافظة منذ سنوات بحسب وسائل الاعلام التركية.

وفي هذا السياق بات من المعلوم بانه بنتيجة الاتفاق سيتم فتح الطريق الدولي بين حلب وحماة وبين حلب واللاذقية وهذا من شأنه اعادة بث الدم في شرايين الحياة الاقتصادية للمنطقة ومحافظة ادلب من ضمنها ، خاصة بعد فتح معبر نصيب مع الاردن والكلام عن فتح معبر البوكمال، حيث انه يجب ان نعترف بان الحصار الاقتصادي لا يؤثر فقط على النظام بل على كل المناطق في سوريا بما فيها مناطق المعارضة.

وباعتبار ان الاتفاق التركي الروسي يحظى بدعم ومباركة كل الاطراف بما فيها الاطراف الداعمة للنظام ، كما هو واضح في تصريحات مسؤولين روس  وحتى ايرانيين ، لذلك يمكن اعتباره اتفاق قابل للاستمرار ومحمي بإرداة كل الاطراف وعليه فانه سيؤمن وضعا امنيا مستقرا وبيئة اقتصادية قابلة للنمو لتحسين حياة السكن في كل جوانب الحياة ، و الحفاظ على وجود المعارضة "المعتدلة" لضمان دورها في أي حل سياسي قادم على مستوى سوريا.

من خلال متابعتي اليومية لتطورات الموقف التركي تجاه الازمة في سوريا يمكن القول بان تركيا هي الدولة الوحيدة الاكثر تشددا تجاه أي مشروع انفصالي في سوريا ، وهي وبحسب كل النقاشات والتصريحات والتقارير التي تابعتها لكل الاطراف السياسية خلال السنوات الماضية الدولة الوحيدة التي عملت بكل امكانياتها لمنع أي مشروع تقسيمي لسوريا ، وهي وإن تدخل في حساباتها مصلحة السوريين وهذا صحيح ، ولكن هذا ايضا يحقق مصلحتها ويصب مباشرة في حفظ امنها القومي.

ان نجاح اتفاق سوتشي سيعزز الاستقرار في سوريا ككل وسيعجل الدفع باتجاه الحل السياسي وحل مشكلة اللاجئين ( 50 الف شخص عادوا على مناطق درع الفرات وغصن الزيتون في خلال العام الجاري ) ، ولا شك بانه سيوفر لتركيا استمرار دورها في ضمان الاستقرار خلال مرحلة الوصول الى الحل السياسي وايضا يفتح لها الباب في عملية اعادة الاعمار التي باتت كل الاطراف الدولية تشترط لبدايتها الوصول للحل السياسي على اساس القرارات الاممية والاتفاقات الدولية.

يمكن ان اجزم بحكم مراقبتي لتفاصيل الحياة السياسية في تركيا ، بانه لا تظهر في اروقة السياسة التركية اليوم أي نية لدعم أي مشروع انفصالي في سوريا ان كان كرديا او غير كردي كذلك لم يتم الاشارة لا من قريب ولا من بعيد عن أي نية لضم أي اراضي سورية ، ويبقى تدخلها العسكري يأتي في اطار حماية امنها القومي والقيام بما يلزم لضمان قيامها بهذا الدور.

 

قد يعتقد البعض بان تركيا تشبه البلاد العربية في آلية اتخاذ القرار ويمكن ان تأخذ رهينة من قبل شخص او طرف واحد لتحقيق مصالح خاصة او الوصول لرؤى شخصية ، ولكن في الحقيقة المتابع للشأن التركي يعلم جيدا بانها دولة مؤسسات ولا يمكن ان تتخذ قراراتها في قضية بمستوى القضية السورية الا باجماع كل القوى السياسية ومباركة جميع هذه المؤسسات.

 

نضال معلوف

 

 


TAG: