ماااااع كهربائي .. !!

اتوقع انه منذ سنين طويلة تخطت عمر الازمة السورية لم ارى اجماعا بين السوريين مثل ذاك الذي تابعته بالسخرية من تصريح المصدر العسكري حول انفجارات مطار المزة العسكري الذي حصل قبل ايام.

اتوقع انه منذ سنين طويلة تخطت عمر الازمة السورية لم ارَ اجماعا بين السوريين مثل ذاك الذي تابعته بالسخرية من تصريح المصدر العسكري حول انفجارات مطار المزة العسكري الذي حصل قبل ايام.

حتى في خبر المطر الذي انهمر على سوريا في ربيع عام 2011 وخرج الناس فرحين مهللين "للمطر" ، فروجت وسائل الاعلام المغرضة ( وكانت سيريانيوز واحدة منها ) بأنهم (لا سمح الله)  خرجوا في مظاهرة ..!

حتى هذا الخبر المثير للسخرية لم يجمع السوريين على السخرية منه وكان الخوف يسيطر على الكثير من الناس وحتى الاعلاميين والنخب لانتقاد هذا الخبر الغريب العجيب وقتها ..

انفجارات قوية هزت اكثر من منطقة في محيط دمشق والاكثر وضوحا وظهورا منها كانت الانفجارات التي حصلت في مطار المزة العسكري وشوهد لهيبها على بعد عشرات الكيلومترات وزرعت اصوات هذه الانفجارات الرعب في قلوب اهالي المدينة ..

لا بأس في ان يتخذ قرار بعدم ذكر سبب هذه الانفجارات او ان يتم صدور نفي من السلطات المسؤولة عن تعرض هذه المواقع للقصف .. هذا يحصل وهو تابع لتقدير القيادة العسكرية التي يمكن ان تطلب التكتم على حقيقة الخبر لأسباب تعود لتقديرها.

ولكن الجانب المثير للسخرية وغير القابل "للبلع" في تصريحات المصدر العسكري ذاك الجانب الذي كشف سبب هذه الانفجارات بعد اقل من ساعتين على حصولها .. وكان السبب "ماس كهربائي" ..

تفنن السوريون في السخرية من هذا "الماس" .. طرفة ورائها تعليق ورائها تأليف وتركيب لعبارات وتوريات على مدى اليومين الماضيين حول هذا "الماس الكهربائي" ..

وطبعا معهم كل الحق .. فكيف اكتشف المصدر ان السبب ماس كهربائي وكانت الحرائق ما زالت مشتعلة ومن المستحيل حتى الاقتراب من المكان .. وفي الاساس لماذا يجب عليه ان يكشف السبب .. الا يكفي ان يقول مثلا "وما زال السبب مجهولا والسلطات تحقق في الحادث ؟"

ويأتي هذا الحدث الطريف ( اقصد التصريح ) ليكشف مرة اخرى عن آلية اتخاذ القرار في سوريا على كل المستويات بما فيها قطاع الاعلام الرسمي وشبه الرسمي ..

في كل بلدان العالم ومهما كان صاحب القرار موهوبا وذو كفاءات وصاحب قدرات فانه يستعين بجيش من الاستشاريين لان كل كلمة تخرج منسوبة اليه هي "كلام رسمي" سيتخذ من قبل الجميع على محمل الجد ومن المفروض ان يكون له موثوقية عالية .. ولذلك حتى في حالة الكذب على الجمهور ( وهذا يحصل للامانة في كل دول العالم ) يتم دراسة ماهية المعلومات التي سيتم الكشف عنها وكيفية الكشف عنها ( اتكلم على المستوى الرسمي ) بدقة متناهية لانه في النهاية يلعب الاعلام جزءا مهما من صناعة الرأي العام الذي يعتمد عليه مصير كل شخصية في الحياة السياسية في البلد ..

على ما يبدو بان صاحب القرار عندنا يعرف ان "الرأي العام " لا يقدم ولا يؤخر .. ولا يوجد اساسا حياة سياسية ولا حتى منافسين او احزاب معارضة ولا صحافة مستقلة ولا أي وسائل رقابة يمكنها ان توجه نقدا لامر لا يرغب صاحب القرار بنقده .. لذلك ترى ان ما يسربه من معلومات او يصرح به غير مدروس وارتجالي في كثير من الاحيان .. لانه ببساطة  .. "ما الذي سيحدث"  في حال اخطأ صاحب القرار هذا .. ومن الذي سيحاسبه ..

وبالفعل نرى بانه لم تتجرأ أي وسيلة اعلام داخل "الحظيرة الرسمية" او "التحالف الصديق" على انتقاد هذه السقطة المعيبة التي وقع فيها صانع البيان او من صاغ التصريح وارسله الى وسائل الاعلام ..

ولكن اعتقد ( ويجب )  بعد ردود الفعل الواسعة على شبكات التواصل الاجتماعي التي غطت حسابات "المؤيدين" كما حسابات "المعارضين" ونجاح هذه الشبكات في تشكيل رأي عام "ساخر" من البيان رغم كل التقييد الذي تمارسه السلطات السورية على حرية التعبير في سوريا .. هذه الموجة من السخرية التي من المؤكد انها ستؤثر على "هيبة" من كان وراء القرار .. "الهيبة" التي تعتبر الاساس الوحيد للحكم والاستمرار في الامساك في زمام السلطة في سوريا ..

بعد كل هذا اعتقد بان على "القيادة" ان تدرس تصريحاتها وبياناتها والاخبار المسربة عنها بغير استخفاف وبكثير من التمحيص والدراية، لانه من الواضح رغم كل سلبيات الازمة التي مررنا بها ، يمكن ان نرصد بعض الايجابيات .. والتي تجلت في ردود الفعل على هذا "الماس" .. الذي رفض معظم السوريين ان يرددوه " ماعا ماااااع" ..

 

نضال معلوف


المواضيع الأكثر قراءة

SHARE

close