ماذا نريد من السوريين في الداخل؟
عموما ينظر السوري الذي يعيش خارج مناطق سيطرة النظام او في بلدان اللجوء نظرة سلبية للسوريين الذين ما زالوا يعيشون في مناطق النظام، ويغالي البعض في التشفي بما يصيبهم من مآسي فهل يستحقون هذه النظرة؟
وحتى ان البعض يرفض ان يترحم على احدهم في حال وفاته..
شاهد التقرير من خلال تسجيل على اليوتويب.. اضغط هنا
في الفيلم الشهير "قلب شجاع" الذي يجسد بطولته "ميل غسبوسن " يرفض الثائر "ويليم والاس" في نهاية الفيلم ان يعلن ولائه للملك وهو مدد على "الخازوق" ورغم ان هذا "الخازوق" يخترق جسده ويمزق اعضاءه الى انه فضل ان يصرخ "حرية" قبل ان يموت.
وكثير من السوريين في السنوات الاخيرة كانو مثل ويليم والاس وربما افضل منه.. وربما ممن يتابعني اليوم واحد منهم.. ولكن
هل من الممكن ان يكون شعب بكامله ابطال؟..
حتى في الفيلم نفسه الناس هم الناس.. يخرج منهم بطل او بطلين عشرة ابطال ولكننا لا يجب ان نتوقع منهم كلهم ان يكونوا ابطالا لا يوجد مثل هذه الحالة في عالمنا..
ليس كل السوريين لديهم القدرة على ان يتركوا كل شيء ويسافروا (هذا اذا كان السفر متاحا) وليس كل السوريين لديهم القدرة ليقولوا في وجه الامن "لا" ويكون مصيرهم مثل الصور التي شاهدناها في قضية قيصر..
هناك سوريين اتخذوا قرارا بترك كل شيء من اجل الدفاع عن قضية عادلة هذا صحيح، وهناك سوريين سافروا للبحث عن حياة افضل بعدما انسدت كل السبل امامهم في بلدهم وهناك سوريين لا لهم ولا عليهم هجروا نتيجة المعارك والقصف..
وايضا هناك سوريين بفعل الاحداث والتفاهمات والقرارات للدول الفاعلة بقوا في مدنهم ومنازلهم في ظل الحكومة السورية وتحت حكم النظام..
هؤلاء نحن لا نعرف ماذا في عقولهم وقلوبهم.. ولكن حتما نشاهد معاناتهم..
هؤلاء لا يمكن ان نشمت بهم لان البقاء والرحيل لم يكن قرارهم كما لم يكن قرارنا
من المفروض ان من ثار على النظام ثار من اجل الحرية.. ولكن من اجل العدالة ايضا، لنكن عادلين.. هذا التطرف في اخذ المواقف غير مفهوم الحقيقة ولا مقبول..
نحن عندما كنا في حكم النظام كلنا خرجنا مسيرات تأييد وانتخبنا وصمتنا..
منا لان ليس لديه لديه القدرة على المواجهة، ومنا لان لديه اسرة، ومنا يريد ان يحافظ على حياته، منا من تختلف حساباته عن حسابتنا..
ما هذا المعيار الغريب من يختلف عنا فهو عدونا..
وكلما كان الفرد مؤثر اكثر في سوريا كلما زادت عليه الضغوط المواطن العادي يمكن ان يمضي نهاره الحيط الحيط ويارب السترة.. ولكن اذا كان موظفا يختلف الوضع فقد يدعى لمسيرة وماذا يفعل اذا كانت عدم المشاركة فيها ثمنها حرمانه من وظيفته والمسائلة..
يمكن ان يكون ممثلا معروفا مطربا.. ويطلب منه ان يشارك في دور او يغني اغنية لا تأتي على مزاجنا.. لن نكون سعداء بالطبع ولكن ليس هناك مبرر لكي نكرهه لكي نحكم عليه لكي نخونه ونضعه على اللائحة السوداء..
ماذا كنت لتفعل لو كنت مكانه.. هو مثلك ومثلي.. ولكن ظروفه مختلفة..
الاحداث في منطقته لم تكن كالاحداث في منطقتك.. روابطه العائلية ليست كروابطك مسؤليتاته تختلف عن مسؤلياتك.. ربما له ام مريضة او اب عجوز.. ربما لديه اطفال لا يريد ان يغامر بهم في البحار..
ربما ظروفه مثل ظروفك ولكن تكوينه الشخصي يختلف عنك يا اخي انت شجاع بطل وهو انسان عادي لا يريد المخاطرة.. اين الخطأ في هذا!..
هذا الاصطفاف يغزي الاحداث التي نعيشها.. يصب في مصلحة النظام والسلطات التي نبتت على مستنقع معاناتنا..
يجب الا نتسرع في الاحكام ويجب الا ننصب انفسنا قضاة.. بالعكس اليوم يجب ان نوجد الاعذار لكل من يختلف عنا.. وعندما تستقر الامور يأتي وقت المحاسبة.. من ارتكب جرما من شارك في تأجيج الصراع.. من كان له دورا حقيقيا في الجرائم يحاسب من خلال محاكمات وقضاء..
وطبعا هذا ينطبق على ما يقوله من في الداخل على من في الخارج.. ايضا ذاك الذي ترك بيته ووطنه لديه ظروف..
عموما ما عدا "الابطال" (من الطرفين) الذين يشبهون وليم والاس لم يتخذوا قرارات البقاء او الرحيل.. الظروف اجبرتهم فاذا كنت بطلا مثل والاس.. تشبه به لم اجد انه وجه اللوم لاحد من الناس العاديين.. لانه كان يعيش مثل الناس العاديين.. هذا ما يجب ان يكون وهكذا الامور بطبيعة الحال..
نضال معلوف
تابعوني على يوتيوب.. اضغط هنا