ادلب .. حكا ولا ما حكا !!؟

بدأت ام لم تبدأ .. اليوم ام غدا .. هل يوجد حملة من الاساس ام ان ادلب ستبقى خارج سيطرة النظام ، ما هو مصير هذه المنطقة امام كل التناقضات التي نعيشها ؟

بدأت ام لم تبدأ .. اليوم ام غدا .. هل يوجد حملة من الاساس ام ان ادلب ستبقى خارج سيطرة النظام ، ما هو مصير هذه المنطقة امام كل التناقضات التي نعيشها ؟

يمكن بداية ان نؤكد من خلال متابعة التطورات حول عملية ادلب ، بان النظام لم يعد يمتلك القرار في سوريا وهذا بات واضحا وبتنا نعرفه ، ولكن ايضا ما ظهر بشكل جلي خلال الشهرين الماضيين ، بان روسيا ايضا لا تمتلك القرار كاملا في سوريا ..
فسوريا اصبحت شراكة "عرب" .. أي انها شراكة في رأس المال والادارة .. لا يوجد مدير مفوض بأخذ القرار الى اليوم .. وعندما تأتي الامور الى تقاسم المكاسب قد يختلف الشركاء.

في النهاية ما زلتُ مقتنعا بان ادلب ستعود الى سيطرة المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري وقد يكون حالها مثل حال السويداء  او غوطة دمشق  وجنوب سوريا ، بمعنى الا تكون السيطرة كاملة للنظام على المنطقة ، قد يدخل على الخط قوات برية روسية ( شرطة عسكرية او خلافه ) وقد يتم التوصل الى اعطاء المجالس المحلية بعض الصلاحيات الاضافية تتناسب مع تعقيدات الوضع هناك .. ولكن في النهاية يبقى  الاكثر ترجيحا من كل السيناريوهات المطروحة هو اعادة ادلب الى سيطرة النظام.

ولكن عملية التسليم هذه مرتبطة باية ملفات ؟

وهنا يمكن الاستنتاج ايضا بان تعقيدات الوضع في سوريا امتد ليرتبط بملفات اقليمية تمتد من فلسطين الى العراق الى ايران حتى دول الخليج ..

لان هذه المنطقة اصبحت بازارا واحدا ، من الصعب التكهن ما هو الشكل النهائي للصفقة فيها بدون ان يكون لدينا رؤية عامة لكل ما يجري في المنطقة ،  ولكن يمكن ان نخمن ما هي التنازلات التي سيتم دفع النظام الى تقديمها في مقابل اعادة ادلب لسيطرته.

وقبل هذا يجب ان نسأل هل مطلوب من النظام تقديم تنازلات فعلا ؟

والجواب نعم مطلوب منه ذلك ، لان تعويذة التهديد الثلاثية نطق بها الاطراف في وجه النظام ( الكيماوي ، البغدادي ، الجولاني ) والقاء هذه التعويذة هو قرار مشترك بين كل الاطراف اللاعبة ( الصديقة منها والعدوة ) وتعني بان النظام متعنت في اجابة بعض المطالب ولا بد من اطلاق التهديدات في وجهه.

ما هي هذه المطالب ، على الاغلب انها تمتد على  محور واحد من حزب الله في لبنان وتشكيل الحكومة وإسقاط شرط ( تطبيع العلاقات مع النظام ) وصولا الى ايران وضرورة تحجيم نفوذها في سوريا.

ويأتي بالطبع ضمن هذا السياق الحفاظ على المكاسب الاميركية عبر "وكيلها"  في المنطقة (قوات سوريا الديمقراطية) والإبقاء على وضعهم كما هو وتعزيزه لاكتساب شرعية تندرج ضمن الحل السياسي النهائي في سوريا.

وفي الحقيقة النظام لا يملك تلبية كل هذه الشروط لان هناك خلاف بين الشركاء انفسهم حول بعض الملفات ، واذا كان هناك شبه اتفاق على موضوع حزب الله وايران فان موضوع شمال شرق سوريا هو موضوع ما زال في صلب اختلاف حاد بين تركيا واميركا ، بينما يصدف ان تتقارب تركيا مع ايران في موقفهم من الاكراد في سوريا.

ذكرت هذا في اكثر من مقال ، بان تركيا لا يمكن ان تقبل بقيام حكم ذاتي كردي يدفع باتجاه قيام كيان مستقل في شمال سورياو يهدد امنها القومي ، وهي سترفض حتى النهاية هذا المقترح الذي يمثل نقطة الخلاف الاساسية بينها وبين الولايات المتحدة الاميركية.

في ذات الوقت تلتقي المصالح التركية الاميركية في الاحتفاظ بادلب مرحليا ، حيث ان من مصلحة الولايات المتحدة الضغط على النظام في سوريا ليقبل بادارة ذاتية للاكراد في الشمال الشرقي فيما سترفض تركيا تسليم المنطقة قبل ان تصل الى حل يضمن لها وضعا عسكريا مسيطرا على طول الشريط الحدودي السوري ويتيح لها التدخل العسكري لمنع أي تطور في اطار قيام "الدولة الكردية".

روسيا تستفيد من هذا الوضع لمناكفة اميركا من خلال تركيا وتعنتها وراء مطلبها بانهاء نفوذ الاكراد في الشمال ، وتجد روسيا في هذا  فرصة لكسب تركيا الحليف التاريخي للغرب ولأميركا (خصوصا ) الى صفها وجعل مهمة الاميركان اكثر صعوبة  وضمان موطئ قدم في منطقة ادلب كخطوة لازمة لدولة ضامنة تقع على عاتقها وقف القتال ومنع التعديات بعد انتهاء عملية التسليم.

ما يمكن تأكيده بان ادلب لن تبقى اقليما منفصلا معلقا بالهواء ، وهو في ظل وقعوه تحت سيطرة جبهة النصرة عسكريا وفشل ايجاد نموذج حكم مدني محلي يلقى القبول من قبل السكان في تجربة تشبه "الادارة الذاتية" في منطقة شمال شرق سوريا تتولى الحفاظ على الامن وتقديم الحد الادنى من الخدمات ، بالاضافة الى ان فكرة "الاقاليم" والفدرالية هي فكرة مرفوضة من قبل تركيا وتقع في خانة الخطر على امنها القومي ، ضمن هذه المعطيات نعود لنرجح صعوبة ان تبقى ادلب على وضعها الحالي،  والوضع الاقرب الذي يمكن ان تنتقل اليه هو وضع يشبه وضع الغوطة ودرعا مع تدعيم دور الدول الضامنة وعلى رأسها روسيا لتأخذ دورا اكبر من ذاك الذي تلعبه في مناطق الجنوب.

تبقى المسألة مسألة وقت ، وتمديد لوقائع البازار الجاري للوصول الى اتفاق لتقاسم المكاسب وتعظيمها او تقليل الخسائر على كل طرف الى ادنى حد ممكن؟

نضال معلوف

31.08.2018 16:07