بين الزَيف والحقيقة.. الكشف عن غموض رسائل قاتل النساء "جاك السّفاح"
وصلت مئات الرسائل التي يُعتقد أنها كُتبت من قبل القاتل المتسلسل "جاك السفاح" إلى وسائل الإعلام وشرطة لندن، في أعقاب جرائم "القتل البيضاء" التي وقعت عام 1888, إلا أن أحد العلماء قدّم أدلّة اعتبر من خلالها أن الرسائل كانت مزيفة.
وبحسب صحيفة (ديلي ميل) البريطانية, فإن الرسائل "الغامضة" آنذاك حيرت العديد من الخبراء منذ فترة طويلة، حيث افترض أحدهم أنها كُتبت من قبل الصحفيين لبيع المزيد من الصحف.
وقدم أحد العلماء مؤخرا أدلة جديدة تُشير إلى أن الرسائل كانت في الواقع مزيفة.
وركزت الدراسة على رسالة "Dear Boss" التي ظهر فيها اسم "جاك السفاح" لأول مرة، وكذلك البطاقة البريدية "Saucy Jacky".
وكشف الدكتور أندريا نيني، من جامعة مانشستر، بعد تحليله 209 رسائل ارتبطت باسم جاك السفاح، أن الرسالتين كتبهما الشخص نفسه.
ووجدت الدراسة أسلوبا لغويا متشابها في النصين، مثل "الجمل الفعلية"، عدا عن التماثل في خط الكتابة اليدوية.
كما يوجد تشابه بين الرسالتين ونص ثالث، وُصف بأنه خدعة، والمعروف باسم رسالة "Moab and Midian".
وباستخدام التقنيات اللغوية الحديثة لتحليل الحروف، كشف الدكتور نيني بعض التركيبات اللغوية المميزة المشتركة في النصين.
وقال موضحا "يوجد أدلة لغوية قوية جدا تشير إلى أنهما كُتبا من قبل الشخص نفسه. وتوصل الخبراء في الماضي إلى هذا الاستنتاج المبدئي بالفعل، على أساس التشابه في الكتابة اليدوية ".
وقال الدكتور نيني "بالإضافة إلى القيمة التاريخية لاستنتاجاتي، فإنها يمكن أن تساعد اللغويين الشرعيين على الوصول إلى فهم أفضل للقضية الفردية الهامة في الإنتاج اللغوي. ويمكننا استخدام قاعدة البيانات للحروف، لفهم أسلوب الكتابة الوهمية ومدى نجاحها في التقليد, وتشير النتائج إلى أنه من الصعب جدا القيام بذلك ".
ويشار إلى أن هذه الدراسة لا تحدد القاتل، أو مؤلف الرسالتين، ولكن يبدو أنها تدعم "نظرية الصحفي ".
ويقول الدكتور نيني أن "هذا الاستنتاج ينبغي التوصل إليه من قبل المؤرخين، وليس اللغويين".
ويُعتقد أن القاتل المتسلسل أعدم 5 شابات على الأقل، في وايت شابل شرقي العاصمة البريطانية لندن، على مدى 3 أشهر، ولم يتم إلقاء القبض عليه ,بالإضافة إلى عمليات القتل الوحشية، حظي اسم جاك السفاح بانتشار واسع، بعد وصول أكثر من 200 رسالة إلى وسائل الإعلام والشرطة، خلال تلك الفترة.
وبدأت الشرطة بنشر هذه الرسائل بعد تلقي أول 4 منها، ما شجع المخادعين على إرسال أخرى مقلدة، مدعين أن القاتل المتسلسل قد كتبها.
وتلقت وكالة الأنباء المركزية في لندن، رسالة (Dear Boss) المكتوبة بالحبر الأحمر، يوم 27 أيلول عام 1888، وتم إرسالها إلى سكوتلاند يارد. واستخدم (Saucy Jacky) كمرجع للقاتل في بطاقة بريدية، تلقتها وكالة الأنباء، في 1 تشرين الأول 1888.
كما أن أسطورة جاك السفاح ترسخت وقويت مع الوقت ,ولأن هذه القضية لم تُحَلَّ قط، أصبحت الأساطير المتعلقة بها أبحاثاً تاريخيةً وتراثاً شعبياً، وقد استُحدث مصطلح "ripperology" أو "علم السّفح" لوصف قضايا جاك السفاح ودراستها وتحليلها، وهناك الآن أكثر من مئة نظرية حول هوية السفاح، وقد ألهمت جرائم القتل هذه أعمالاً خيالية عديدة.
واعتقد العديد من الروائيين والفنانين أن قصة جاك السفاح أو " جاك ذا ريبر" والغموض الذي يكتنفها فكرة جيدة وقد صورت برامج وثائقية وأفلام سينمائية عديدة عن الموضوع.
وكان آخرها افتتاح متحف عام 2015 في شرق لندن بالقرب من منطقة وايت شابل المعروفة تاريخيا بشوارعها الضيقة والفقيرة التي انتشرت فيها الدعارة والجريمة في القرن التاسع عشر.
وصاحب المتحف يدعى مارك بالمر ايدجكومب, لم يظهر في الحي ولكنه دافع عن مشروعه الذي اعتبره مشروعا ثقافيا يهدف إلى الاحتفال بمرور مئة وخمسين عاما عن دور المرأة اللندنية ومساهماتها الايجابية في بناء العاصمة لندن، لكن ماتشاهده داخل المتحف لايمت بصلة بتلك المساهمات بل يظهر الوجه القبيح للسفاح وضحاياه من النساء.
وأثار المتحف انتقادات واسعة من سكان الحي وخصوصا من النساء اللواتي رفضن فتح المعرض لأنه يعيد ذكريات أليمة لسكان لندن ويشيد بمجرم وسفاح تفنن في قتل النساء والتنكيل بجثثهن.
سيريانيوز