اعادة تعويم نظام "اردوغان"!؟..
لا يهم ما هو سبب الزيارة، لكن هو درس لنا في السياسة بان المواقف يجب ان تتخذ بحسب القدرة والقوة والحقائق وليس الخيلاء وما يعتقده الانسان في نفسه..
لهذا وجود المؤسسات ضروري، وجود القوى السياسية والاحزاب ضروري، لان غياب كل هذا وانفراد شخص بالحكم قد يصل به الاعتقاد والخيلاء الى انه نبي جديد وانه بطل الزمان وقد يتطور الوهم في رأسه ليعتقد بانه إله.. من يستطيع ان يعترض..
عندما يتخذ اردوغان موقفا متشددا من امر ما يتخذه بناءا على حسابات تقوم بها المؤسسات، وبكل الاحوال يخضع هذا الموقف الى التقييم، الذي يجب على اساسه ان يعدل هذا الموقف او يستمر فيه، واذا استمر في الاتجاه الخاطئ تقوم عليه الدنيا ولا تقعد.. ويصبح مهددا بفقدان المنصب..
والدول اليوم والقوى السياسية الاقليمية تميز بين الاشعار والحقائق، تميز بين من يعتقد نفسه عنترة بن شداد وبين من هو رئيس فعلي لدولة قوية..
وان وصلت الدول للخصام او ناصبت بعضها بعضا العداء.. يبقى للدولة القوية دولة المؤسسات التي نجحت في حفظ امنها وحافظت على موقعها ضمن الصراع احترامها، وعندما تمد يدها للخصم او العدو تمتد اليد من الطرف الاخر مرحبة محتفية بخصم الامس ليصبح صديق اليوم..
لست معجبا بسياسة اردوغان ولكن اتعلم من تجربة تركيا كما اتعلم من كل التجارب، واراقب كيف تنقلب الخصومة احتفاءً ، وكيف ان الدولة القوية لا يمكن ان تعامل المسؤولين فيها كما تعامل الدول الفاسدة المفككة المنهارة..
فالدولة القوية يكون نظامها قوياً ورجالها رجال دولة ومؤسساتها مؤسسات حقيقية تفرض احترامها ويصبح المواطن فيها قضية..
اما الدول التي نظامها لا يفلح الا بالجعجعة، رجالها فاسدون نهابون ومؤسساتها صورية وموظفة لتسرق الناس لا لتحميهم.. لن يحترمها احد ولن يحترم مسؤوليها احد..
الاستقبال الذي حظي به اردوغان هو استقبال لعودة العلاقات مع تركيا، هو احتفاء بتركيا القوية التي حافظت على امنها وحدودها ومواطنيها وكانت رقما صعبا في الصراع وقوة فاعلة..
يمكن ان نختلف كثيرا حول رأينا في تركيا، ويمكن ان نتفق بان دورها كان مثل باقي كل المتدخلين في الشأن السوري سلبيا في مستقبل سوريا (ولماذا لا يكون كذلك).. ولكن الاكيد بان اردوغان سيذهب وتبقى الدولة.. ستبقى تركيا.. وهذا ما يهم في النهاية.. في كل دولة.. بقاء الدولة وليس بقاء الزعيم..
الدولة القوية تخاصم، تعادي لا تغرق حتى تكون بحاجة الى اعادة تعويم.. من يغرق فقط الفاسد الذي سرق كل شيء حتى القشة التي يمكن ان يتعلق بها.. سيحتاج الى ايد تدفعه الى السطح حتى لا يختنق.. ولكن هذه اليد ستدفعه بالاتجاه الذي تريد هي..
نضال معلوف