يوم التحرير أم حركة تصحيحية جديدة...بقلم :علم بلا وطن

عند النظر بتجرد الى ترتيب الاحداث التي تتسارع في سوريا منذ سقوط نظام الأسد و تبسيطها الى ابسط اشكالها

نجد ان الفوضى الحاصلة في شتى محافظات البلاد ممنهجة و منظمة بشكل قد يشبه الأحجية

لنجمع بداية تفاصيل هذه الأحجية و لنحاول ترتيبها :

 

اولا- اللمسات الأخيرة على صنم القائد : ( المقابلة التي أجرتها الصحفية جمانة كرادشة على قناة CNN في 7 ديسمبر مع "الجولاني")

 

بعد مسيرة طويلة تميزت  بتغيير أسماء التنظيمات يظهر قائد و مؤسس جبهة النصرة "التنظيم الإسلامي الأبرز في سوريا و أول التنظيمات تكفيراً للأقليات في سوريا " في مقابلة على قناة CNN   تميزت هذه المقابلة عما سبقها من مقابلات بعدة نقاط

-        اللباس الشبه عسكري

-        ظهور العلم السوري خلفه بجانب علم هيئة تحرير الشام

-        طمأنة الأقليات بخطاب صريح " تسمية المسيحيين باسمهم – تسمية العلويين و الدروز و الإسماعيليين بأسمائهم – التأكيد على اللجوء للقانون او ما سماه حرفيا ( الحالة القانونية ).

-        طمأنة الشعب السوري بعدم النيه بالاستئثار بالسلطة من قبل طائفة محددة بقوله "لن تكون هناك يعني لمجرد وجود طائفة كما فعل مثلا نظام الأسد اعتمد على طائفة معينة في الحكم و اضطهد باقي الطوائف " .

-        تبرأة الطائفة العلوية من نظام الأسد و لمس معاناة الطائفة العلوية من اضطهاد النظام

-        التكلم باسم الثورة و البعد تماما عن الخطاب الدعوي و الفتحي

 

لكن تبقى المشكلة في إرضاء الفصائل الجهادية من مهاجرين و انصار بعد هذا التغير الجوهري على شخص القائد لذلك بعد سقوط النظام يظهر نمط هجين من شخصية القائد ترضي جميع الاطراف

 يلغى الاسم الجهادي و يصبح الاسم احمد حسين الشرع شاب يقطن احد احياء دمشق يدرس كلية الطب البشري "تم تعديل ذلك ليصبح طالبا في كلية الاعلام" والده مفكر و باحث قومي لديه محل بقالة و كان ولده يعمل بها يرتاد جامعاً في حلب ليسمع خطبة الشيخ " أبو القعاع " بحسب ويكيبيديا

ثم انخرط بشكل دراماتيكي في الجهاد في العراق

 

ملاحظة : انا لا اقصد ان هذه المعلومات غير صحيحة انا اسرد فقط تسلسل الأحداث

 

و بذلك توضع اللمسات الأخيرة على القائد الجديد الهادئ المنفتح الناقد لماضيه المتحدث بلغة المجتمع الناطق باسم الشعب السوري المأسور لدى نظام مجرم ك نظام الأسد و اللمهدد يوميا بالقصف الإسرائيلي

 

ثانيا -  استخدام عدة أنواع من البنج للتخدير قبل بدء العملية الجراحية :

 من لم يقع تحت تخدير نشوة النصر

وقع تحت تخدير اهوال صيدنايا

و من بقي يقظا بعدهما خدرته الفوضى الحاصلة بطبيعة الحال السانحة للشعب المحروم بالاستيلاء على يمكن سرقته

و من منعه حسه الوطني و الثوري من السرقة و بقي يقظا يترقب اهم مفصل في تاريخ بلاده وقع تحت تخدير زيادة 400% مزعومة معلنة على الشريط الاخباري للتليفزيون الرسمي أو عفو عام عن المجندين بشكل الزامي و الغاء الخدمة الإلزامية

 

و كل نوع من هذه المخدرات تكفي لجعل شعب كالشعب السوري يبقى منتشيا عدة أيام لا يبالي اين تحط الأزمة رحالها.

 

ثالثا -  شق الجسم للبدء في العملية :  (تعيين حكومة البشير )

 

كان تعيين حكومة البشير كحكومة متصرفة بالبلد أول اجراء يجعلنا نسأل هل كان تحريراً ام حركة تصحيحية جديدة و معنى ان تسأل أي ان تأثير البنج بدأ يتلاشى و جرعة جديدة من البنج على شكل مؤتمر وطني سينعقد خلال ايام لا تضر لكنها مقارنة بحجم العمل الجراحي الذي يقام في جسد سوريا قد لا تفي بالغرض لذلك كان لا بد من استخدام المضادات الحيوية باعتبار ان كل خلية في هذا الجسم لا تتخدر هي خلية مصابة يجب القضاء عليها

 

رابعا-  المضادات الحيوية الاقصائية  :

تختلف الأنظمة السياسية الديكتاتورية في أساليب الاقصاء و القمع  الا ان الأسلوب الذي اتبعته السلطة الجديدة في سوريا مختلف تماما و ربما تفردت به و هو استخدام الشعب المغيب لإقصاء الشعب نفسه.

 

استغلت السلطة هيجان الشارع السني و تصوير النظام السابق على انه نظام معادي للإسلام السني فقط و صورته انه وجد فقط لإذلال المكون السني و اعزاز الشيعة في كل العالم و بينما كان النظام المخلوع لا يفرق في فنون الاذلال سني عن شيعي عن غيرهم من الطوائف فهو في حقيقة الأمر لا يأبه بعقيدة من يعارضه

 

فأصبح كل من يناقش الشأن السوري من منطلق خارج عن الفكر التكفيري او حتى مختلف مع الفكر الجهادي هو عدو صريح للشعب السوري و فلول للنظام المخلوع و يجب قمعه بأبشع الوسائل اللفظية و أوضح دليل عن ان الشعب المغيب هو وسيلة الاقصاء الجديدة في سوريا هو الرفض الشعبي لبيان العقبة و تبني شعار " حكومة البشير تمثلني " و معظم من رفعوا الشعار لا يعرفون ولا تفصيل واحد عن بيان العقبة و لا يعرفون من حكومة البشير سو اسم البشير  

 

خامساً-  بدء العمل الجراحي :

بدأ العمل الجراحي في الجسد السوري مع بدأ الخطوات العملية للسلطة الجديدة صاحبة اللون الواحد

من تشكيل وزارة الدفاع و ترفيع ضباط أجانب

تعيين العديد من المدراء الأمراء

طلب تسليم السلاح الذي يبدو شرعي بالرغم من عدم شرعية سلاح السلطة القائمة

و بالتالي استئصال نظام ديكتاتوري كان يستظل بحماية الأقليات تارة و بالمقاومة و القضية العربية تارة أخرى و  زرع نظام ديكتاتوري جديد في سوريا يستظل براية الإسلام و تطبيق شريعة الله في الدولة الاموية الجديدة

 

و هكذا تتم العملية بنجاح من وجهة نظر الطبيب المشرف و يبقى التعويل على انسجام الجسد السوري مع هذا الدخيل و تقبل المجتمع الدولي لهذا النموذج الهجين من سوريا الجديدة

 

و هنا نقف امام أسئلة جوهرية

هل احمد الشرع كان يخدع السوريين عندما قال انه لا يريد سلطة من لون واحد تلغي باقي الأطراف ؟ ام ان الفصائل المنطوية تحت رايته هي من خدعته بأنها تحت سيطرته ؟

 

هل بالفعل استغلت قادة الفصائل شخصية الشرع البراغماتية للوصول لمبتغاها ؟ ام ان احمد الشرع هو من استغل الفصائل للوصول لسدة الحكم ؟

 

ألا تشبه سيرورة الأحداث حتى الأن انقلاب حافظ الأسد بعد تغير بعض المسميات و التوجهات ؟

 

هل تدعم تركيا بالفعل سلطة الشرع ؟ و ان كانت كذلك لماذا لاتزال محتضنة ما يعرف بالجيش الوطني و لم تقم بحله ؟

 

و الأهم : هل سنعيش مجدداُ حقبة " هو منيح بس يلي حوليه وسخين " ؟

 

----------------------------------------------------------------

*الاراء الواردة في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع

*ارسل مساهمتك على الايميل info@syria.news

 

 

 

 

18.01.2025 04:20