هكذا حكمنا العسكر(1).. حسني الزعيم ونهاية وخيمة..

عموما وبعد جلاء القوات الفرنسية عن سوريا كان الحكم فيها للعسكر، لم يحظ السوريون بشكل فعلي بحكم ديمقراطي بعد اكثر من 100 عام على تأسيس الدولة السورية الامر الذي نحصد نتائجه اليوم..

عموما وبعد جلاء القوات الفرنسية عن سوريا كان الحكم فيها للعسكر، لم يحظ السوريون بشكل فعلي بحكم ديمقراطي بعد اكثر من 100 عام على تأسيس الدولة السورية الامر الذي نحصد نتائجه اليوم..

شاهد التقرير مصور مدعم بالصور.. اضغط هنا

بشكل مختصر ظهرت اول دولة سورية للوجود في 8 اذار عام 1920 (يمكن مشاهدة كل ما يتعلق بالموضع اضغط هنا) باسم المملكة السورية العربية، انتهت في ذات العام في تموز وبدء الانتداب الفرنسي الذي استمر فعليا حتى بداية الحرب العالمية الثانية.

بمفاعيل الحرب العالمية الثانية نالت سوريا استقلالها عام 1941، واستغرق الامر خمس سنوات حتى اجلت فرنسا قواتها عن سوريا في 17 نيسان 1946.

الانتخابات الوحيدة التي جرت في سوريا بعد الجلاء كانت لانتخاب شكري القوتلي لفترة رئاسية ثانية في العام 1947 وتنتهي في العام 1951.

ولكن لم تكتمل هذه الفترة بسبب حدوث اول انقلاب عسكري ليس في سوريا وحسب بل في المنطقة "العربية" عموما..

وهو الزعيم حسني الزعيم.. وكلمة الزعيم تسبق اسمه كانت تشير الى رتبة عميد التي لم تكن عربت بعد..
يمكن ان تقرأوا الكثير من المذكرات والسير والحكايا عن انقلاب الزعيم المعروف بالانقلاب الابيض لانه لم ترق فيه الدماء ولم يقتل الزعيم الرئيس الشرعي شكري القوتلي..

اسباب تتعلق بخلاف بين البرلمان والجيش تخفيض رواتب الجيش.. الخ

ولكنها كلها اعذار كانت برأيي غير مقنعة..

دعونا اولا نستعرض بشكل سريع سيرة حياة الزعيم..

هو مواليد عام 1889، كانت سوريا جزء من الدولة العثمانية فالتحق بالجيش العثماني وتلقى علومه العسكرية في عدد من مدن الامبراطورية وقتها، حلب ودمشق واسطنبول وادرنة.

خدم في الجيش العثماني ونقل الى المدينة المنورة ووقع اثناء الحرب العالمية الاولى اسيرا لدى الانكليز ومن ثم التحق "بالجيش الفيصلي العربي".

في عام 1920 بعد ان دخلت سوريا في عهد الانتداب التحق بالكلية العسكرية والتحق بقطعات الجيش الفرنسي وبلغ رتبة "كولونيل" اي عقيد قبل ان تندلع الحرب العالمية الاولى، وانقسمت فرنسا الى قسمين قسم موال لهتلر باسم قوات فيشي وكان الزعيم مع القوات الفرنسية في سوريا منهم، وقسم اخر متحالف مع الانكليز وهي قوات فرنسا الحرة التي دخلت سوريا في العام 1941 والقي القبض على الزعيم وسرح وحكم عليه بعشر سنوات سجن ولكن افرج عنه مع جلاء القوات الفرنسية  عام 1946.

توسط له بعض النافذين ليعود الى الجيش الوطني السوري بعد الجلاء، وعين عام 1948 قائدا للشرطة وفي نفس العام تم تعيينه قائدا للجيش. ( شاهد

الاسباب كما ذكرت التي سيقت للانقلاب الذي حصل في العام 1947 اي بعد اقل من عام على توليه قيادة الجيش غير مقنعة، ومن غير المفهوم كيف استطاع ان يسيطر على الجيش وقياداته في هذه الفترة البسيطة ويقنعه بالانقلاب على الشرعية ورئيس وطني مثل شكري القوتلي.

يجب ان نأخذ بعين الاعتبار بانه وقتها لم تكن هناك فترة كبيرة على تسليم الجيش الى الحكومة السورية حيث كان قبل تاريخ 1 اب 1946 جيش فرنسي او تابع لفرنسا، ومنطقيا لا يمكن فك ارتباط هذا الجيش الذي حارب الى جانب الفيشيين عموما في الحرب العالمية الثانية بالقيادات والاستخبارات الفرنسية.

في مذكرات مدير مكتبه نذير فنصة هناك اشارة الى ان الانقلاب كان بدعم اميركي، وهناك اشارة واضحة بان انهاء حكم الزعيم جاء بقرار انكليزي.

وفي هذه المذكرات ومذكرات شقيقه بشير فنصة ايضا اشارات على عناصر استخبارات المانية وانكليزية كانت حاضرة ولكن دورها بقي مبهما وبحاجة الى بحث اكثر..

ما لفت انتباهي بانه بعد الانقلاب فرنسا وافقت على تسليح الجيش السوري بعدما كان هناك حظر على تسليحه كما فهمت وسافر وفد عسكري بالاضافة الى سكرتير الزعيم ليتمم صفقة السلاح هناك..

قتل الزعيم من خلال انقلاب بعد 137 يوم من انقلابه على احد مساعديه العقيد سامي الحناوي، الذي اعدمه هو ورئيس وزرائه حسني البرازي..

وينقل نذير فنصة وبشير فنصة تفاصيل الاعدام كما يلي..  

في صباح الاحد 14 حزيران عام 1947 تحركت من قطنا تسع سيارات مصفحة باتجاه دمشق قاصدة دار حسني الزعيم المحاطة بمئة حارس، فلم تجد هذه القوة ما يعترض طريقها..

ودخل الانقلابيون الى حديقة المنزل التي كانت مزروعة بالالغام فلم يمس احدهم باذى، لان الطريق الامنة الخالية من الالغام كانت معروفة عندهم.

لم يفتح الباب الزعيم فاطلقوا النار على الباب، فالتجأ الزعيم الى السطح فاطلقوا النار عليه ايضا، فعاد ونزل الى الدار يحاول الفرار من باب جانبي وكان يرتدي بنطلون بيجامته وقميصا بلا اكمام وتمكنوا من اعتقاله وسوقه الى مبنى الاركان العامة وكان في تلك الفترة في منطقة الصالحية هو وحسني البرازي حافيي القدمين.

يقول نزير فنصة (مدير مكتبه) والذي اعتقل معه بان الزعيم كان متمالكا نفسه، بينما كان البرازي مغميا عليه نتيجة صفعتين وجهها له احد الجنود، ويضيف بان الزعيم قال له "لا تخافوا، فالانسان لا يموت سوى مرة واحدة".

وينقل فنصة عن شهود، ان الزعيم والبرازي نقلوا الى مكان ناء على طريق المزة، وقام ثلاث ضباط بتنفيذ حكم الاعدام واستمر اطلاق الرصاص على الزعيم عدة دقائق ثم قام الضباط الثلاث بدوس جثته بارجلهم.

في تفاصيل عملية القاء القبض عليه يقول فنصة بان هناك ضابط شركسي كان قائد الحرس في بيت الزعيم ربط اسلحة الافراد بسلاسل حديدية ليلا واعطى خريطة الالغام للانقلابيين.

لم يعثر على جثة الزعيم الا في 3 كانون الثاني 1950 في منطقة الشراطيط بالقرب من النهر الاعوج، نقلت الى المشفى العسكري ودفن في مقبرة ال الزعيم.

 

كان من الواضح ان تلك الفترة شهدت صراع محاور دولية متحالفة مع قوى اقليمية تشبه حالتنا اليوم الا ان اليوم وضعنا اسوء مع الاسف..

فقد كان هناك محور واضح انكليزي تركي عراقي اردني يطرح مشاريع ليعيد حكم سوريا الى ابناء الشريف حسين.

وهناك المصالح الفرنسية التي كانت ما زالت تعتبر سوريا احدى مستعمراتها، والقوي القادم الجديد بعد الحرب العالمية الثانية الولايات المتحدة الاميركية التي لها حساباتها في المنطقة، واخيرا الاتحاد السوفيتي القوى المنتصرة الحليفة في الحرب والتي لها ايديولوجيتها ومصالحها.

وكان وراء كل انقلاب دولة او اكثر، وهذه ليست تكهنات، ساعرض لكم باوثائق الادلة على هذا في التسجيل القادم..

نضال معلوف

29.03.2021 19:55