ماذا وراء الاعلان عن اصابة اسماء الاسد بالسرطان ؟
كان مفاجئاً للشارع السوري ( بشقيه المؤيد والمعارض ) اعلان صفحة الرئاسة عن اصابة "السيدة الاولى" اسماء الاسد بسرطان الثدي وهو موضوع شديد الخصوصية لم يعتد السوريون على تداول مواضيع مثله في الاعلام.
والموضوع يبدو غريبا جدا ، لان المؤيد و"المحب" لاسماء الاسد يحمل لها ولزوجها هذا الشعور في كل الاحوال بدون الحاجة "للتعاطف" معها، على العكس فان تركيبة السوريين تقوم على "الانجذاب" للقوي واي ضعف يظهر من هذا القوي سينقص من شعبيته ..
وبالنسبة "للمعارضين" لا داعي للتكهن يكفي ان نفتح صفحات التواصل الاجتماعي واعلام المعارضة ونراجع التعليقات وردود الفعل لنجد بان قرار كشف مرض الاسد فتح عليها باب من الشماتة والتهكم والسخرية والدعاء ( عليها ) وعلى عائلتها .. لا اعتقد يمكن اغلاقه .. ولا يمكن لمثل هذا الخبر ان يغير في مواقف هؤلاء "المعارضين" طبعا .. على العكس فانهم كما قرأنا في التعليقات يعتبرون الامر "قصاص الهي" يبتهلون لكي يمتد ويطال باقي العائلة .. !
اذاً لماذا تم نشر هذا الخبر ؟
الحقيقة ليس هناك معلومات مؤكدة حول الموضوع ، ولكن ما هو اكيد بان النظام منذ بداية الازمة يستعين بشركات علاقات عامة كبيرة وعلى مستوى دولي لتقوم بتسويق النظام والرئيس للرأي العام العالمي والغربي خصوصا.
ولا شك بان هذا القرار قد اتخذ من قبل هذه الشركات ، واذا اكملنا هذه الصورة بحقيقة ان النظام السوري لا يلقي بالا للرأي العام الداخلي وهذا واضح ! .. فاننا سنجد الجواب على سؤالنا اليوم عندما نراجع ما نشرت الصحافة العالمية عن الموضوع ..
نجح هذا الخبر نجاحا باهرا في لفت انتباه كبريات شبكات الاخبار والصحف العالمية الى "الاسد" الزوجة وزوجها ، ثنائي متمدن ليس لديه ما يخفيه حتى مثل هذا الامر الخاص ..
واذا راجعنا الصور المنشورة يمكن ان نصل الى استنتاج منطقي ، صورة الرئيس بجانب زوجته التي تتلقى علاجها من هذا المرض في غرفة متواضعة وتجهيزات بسيطة في مشفى محلية في دمشق ، وصور اسماء الاسد التي نشرت بالتزامن مع هذا الخبر "السيدة الاولى" العصرية الجميلة التي تكافح "مثل شعبها" للتغلب على مرض عضال وعلى وجهها ترتسم علامات الرضى والقبول ..
اذاً هذه الرسالة مبدئيا موجهة للخارج ، في هذه الظروف التي شارفت العمليات العسكرية فيها على الانتهاء وتتجه سوريا باتجاه المضي بالحل السياسي والنظام ما زال جزءا اساسيا من هذا الحل ..
وعلى اعتبار بان الانظمة في منطقتنا تأخذ شرعيتها من الخارج وتتأثر هذه الشرعية كثيرا بالرأي العام في الدول الكبرى ..
وعليه فان التفسير الاقرب للمنطق والواقع والذي يمكن ان يكون جوابا للسؤال ، هو ان نشر هذا الخبر بهذه الطريقة ليس له اهداف على مستوى الجمهور السوري ( واعتقد بان مضار هذا الفعل اكثر من فوائده محليا ) ولكن يمكن اعتبار هذا الفعل، استمرارا لحملة تسويق للرئيس وزوجته في الخارج ..
التمدن والشفافية والعصرية في مواجهة التشدد والهمجية والانغلاق ..!
نضال معلوف