ببساطة شديدة عدونا هو الذي يستهدف وجودنا ومحو هويتنا الحضارية والثقافية والإجتماعية، يفعل ذلك لتوسيع نطاق وجوده وبسط هيمنته وسيطرته على المنطقة، سورية تعرضت طوال تاريخها لمحاولات كثيرة من هذا النوع، وخاضت معارك شرسة دفاعاً عن كيانها، عانت كثيراً، ودفعت أثماناً باهظة، لكنها خرجت فى كل مرة أكثر ثباتاً وأصلب عوداً، ورغم كل أولئك ممن ينخرون في البلاد من الداخل ومن يوجهون سهامهم إليها من الخارج ستظل سورية واحة الأمن والأمان وستنهض لأن أبناءها مدركين لقضايا وطنهم، وإذا تعرض الوطن لأي تهديد فنحن معاً نهب للدفاع عنه، حتى لو اقتضى الأمر دفع دمائنا للذود عن ترابه.
لذلك لم أكن مستغرباً أبداً ما أن بدأت الأزمة السورية حتى بدأت ملامح الإستراتيجيات العربية والإقليمية والدولية تتضح شيئاً فشيئاً من سورية، فرسمت إسرائيل رؤيتها على نحو يجعل من سورية محطة للتخلص من بلد مزعج، أما أمريكا فذهبت في اتجاه إطالة أمد النزاع في ظل معادلة تعني أن هناك قوى تدعم النظام السوري، مقابل أخرى تدعم المجموعات المتطرفة، ولكنها مقيَّدة في إمدادها بسلاح يكفي للصمود وليس لحسم المعركة، وذلك من أجل تركيع سورية والتخلص من ترسانتها العسكرية وإضعاف مقدرة الجيش العربي السوري ضمن محاولات فك التحالف الإستراتيجي الذي يربط سورية مع محور المقاومة ضمن مخطط يضمن للغرب تأمين أمن اسرائيل.
وهنا أتساءل لمصلحة من كل هذا العداء لسورية؟، ولمصلحة من تجنيد الجهاديين وإرسالهم الى الأراضي السورية؟ إن الغرض الأساسي من تجنيد الجهاديين من كل دول العالم وإرسالهم الى سورية لإضعاف الجيش العربي السوري وإلهاءه بمعارك جانبية بدلاً من دعمه وصموده والتوجه لتحرير القدس، فالهدف الغربي واضح وينفذ بأيدي عربية مشبوه وأيضاً بأيدي جهاديين مضللين لتغير إتجاه البوصلة العربية والإسلامية من تحرير فلسطين للإقتتال الداخلي، وخلق الفتن والمؤامرات لإضعاف أي دولة عربية لها وزنها مثل سورية وتقسيمها إلى دويلات ضعيفة متناحرة فيما بينها، نظراً لأهمية سورية كلاعب إقليمي إنطلاقاً من حجمها الإستراتيجي والعسكري.
فما نراه اليوم من إنجازات يمثل ثمرات لما غرسته أيادي الشهداء، ولم يعد إجتثاث الإرهاب وطرد الجماعات المتطرفة من سورية مستحيلاً، بعد أن قدم الجيش السوري وحلفاؤه بسالة منقطعة النظير أمام القوى المتطرفة والمجموعات المسلحة الأخرى، إذ أصبحت داعش، محض خرافة وتسويق إعلامي، لتتجلى الحقيقة واضحة في حرب حلب ودير الزور ودرعا، وإنتصار المقاومة في منع تقدم الجهاديين الذين لجأوا إلى طلب هدنة من أجل سلامة مقاتليهم، هذا الأداء البطولي لمحور المقاومة بقيادة دمشق أمام تنظيم مدعوم من طرف الغرب وحلفاؤه من العرب يعطي إنطباعاً أن الفكر الإنهزامي وعقدة الضعف تلاشت وأصبح بإمكاننا تحرير كل شبر من الأرض السورية
وإنطلاقاً من ذلك تبدو المهمة الأمريكية في سورية عسيرة، حيث يصعب عليها تمرير مشروعها، بسبب شدة الضربات الجوية الروسية والتقدم الكبير للجيش السوري، ولذلك فلا يبدو أمام أمريكا وحلفاؤها من خيار للخروج من هذا المأزق الذي أوقعت نفسها به سوى التوصل لحل سياسي في سورية، لا يتحقق إلا عبر جلوس جميع الفرقاء السوريين على طاولة الحوار وبعيدا عن التدخلات الأمريكية والغربية.
في إطار يمكنني القول إنهم واهمون بأن يفكروا ولو لحظة من الوقت بأن بإمكانهم الإنتصار على إرادة الشعب السوري وخياره في المستقبل الجديد، وواهمون من يحلمون بإستمرار الأوضاع الحالية إلى ما لا نهاية، وواهمون من يمارسون مهنة خفافيش الظلام أن يطول ليلهم، فالنور لابد من أن يقهر الظلام، أما نحن فإننا لا نؤمن بالأوهام لأنها أمراض تصيب أصحابها مهما طال الزمن أو قصر، ومبعث قناعتنا هذه هي في أن الأوهام تظل أوهاماً لا يمكن أن تتحقق لفترة طويلة، فأحلامنا بسورية الجديدة كبيرة ولا حدود لها وسعينا لبلوغ ذلك لاشك سيكون النجاح حليفنا مهما طال الزمن، لذلك ليس أمام سورية سوى خيار الإنتصار، فلنعمل سوياً من أجل أن تنتصر سورية، وليرفع إنتصارها راية وحدة وطنية في وجه الغرب وكل أعداء سورية، ولتنقلب طاولة الطائفية على رؤوسهم كما أرادوها أن تنقلب على رؤوسنا ورؤوس أبنائنا.
مجملاً.... أن الأسابيع القليلة القادمة ستكون حاسمة في كل ما يتعلق بالقتال في سورية، وهنا، فإن الملفات المتداخلة في المنطقة ستخضع لما قد يحدث في الفترة المقبلة وتتأثر بها، وجميع الإحتمالات واردة والجيش السوري يواصل انتصاراته، والذي قام بقلب الموازين, وأسقط حسابات أمريكا والغرب، لذلك نقول ونحن على يقين ثابت ومستقر لا يمكن إركاع وخنوع سورية من خلال تحالفات بين دول ورؤساء لا يربط بينهم سوى الحقد على سورية ومواقفها وإنجازاتها لإنهاء دورها في المنطقة.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts