وجهة نظر مع نضال معلوف

بالنسبة إلى السوريين في تركيا..

20.07.2019 | 19:29

سأرد الأمور إلى أولها لكي يكون الكلام مؤسس على حقائق وليس كلاما جزافا يطلق في الهواء..، تركيا تعاملت مع الملف السوري منذ البداية وفق مصالحها القومية الخالصة.
من يعتقد بأن رجلا واحدا كاردوغان أو غيره قادر على جر تركيا لتكون طرفا في الملف السوري المعقد، آسف بأن اقول له بأن هذا الاعتقاد ساذج وهو ناتج عن جهل تام بدولة تركيا وتركيبتها الداخلية وعلاقاتها الاقليمية والدولية..

قيام دولة كردية على حدود تركيا الجنوبية بمحاذاة المناطق ذات الغالبية الكردية فيها أمر فيه خطورة بالغة عليها لماذا..؟

لمن يعيش في تركيا يدرك ان هذا البلد لم يتحول الى دولة مواطنة بشكل مطلق، وأن النزعات القومية والمذهبية لا زالت موجودة فيه وتهدد هذه النزعات "دولة المواطنة" التركية..
تركيا تسبق العرب بمئات السنين في هذا المجال إلا أنها لم تصبح مثل الدول الاوربية أو الغربية بشكل عام.. ولا زالت النزعة القومية والمذهبية موجودة ويمكن استثارتها بشكل من الاشكال..

وعليه فإن قيام دولة كردية على الحدود الجنوبية سيدفع بظهور مطالبات في الولايات التركية المحاذية ذات الاغلبية الكردية للانفصال والانضمام إلى هذه الدولة الوليدة وقد يتبعه مطالبة جماعات أخرى بمطالب مشابهة.. أي أن الأمر هو تهديد مباشر بتقسيم تركيا..

لهذا القضية لا اردوغان ولا غيره ولا اميركا ولا أي دولة يمكنها أن تؤثر على تركيا في القبول بواقع يهدد أمنها القومي على الحدود السورية..

تركيا اليوم تمتلك من التواجد والنفوذ في شمال سوريا ما لم يكن موجودا في التاريخ منذ تأسيس الجمهورية ولا يمكن تثبيت أمر واقع هناك اليوم إلا بموافقتها، وهي قطعت على الاكراد تمدد دولتهم باتجاه المتوسط من خلال تشكيل منطقة آمنة (درع الفرات، وغصن الزيتون) وستسعى الى مد هذه المنطقة على كامل الشمال السوري..
ما تريده تركيا هو عملية قطع ديموغرافي بين اكراد تركيا واكراد سوريا.
لذلك هي تسعى جاهدة لتأسيس هذه المنطقة العازلة وتتمسك بهذا الهدف بدافع مصالحها القومية العليا، واستغلالا للحظة تاريخية جعلت لها الكلمة العليا في تلك المنطقة وليس من الحكمة ان تتخلى عنها.. 
وستجعل سكان هذه المنطقة من السوريين غير الاكراد وهذا هو الهدف النهائي..


الآن والمفيد بعد هذه المقدمة الطويلة أن نسأل.. من سيسكن المنطقة العازلة التي تسعى تركيا لتأسيسها في الشمال السوري؟.. من المؤكد أن المرشح الاول هم سوريين من الملايين الأربعة الموجودين في أراضيها.. 
وعليه يجب ان تضع معاير لاختيار السوريون الذين يجب أن ترحلهم الى المنطقة العازلة (وهي بدأت اليوم بترحيلهم الى قسم منها درع الفرات وغصن الزيتون).. بالطبع ستختار أولا..
المشكلجية والمجرمين الذين يهددون السلم الأهلي لأنها تريد التخلص منهم.. 
ثانيا.. 
لأنها تريد مزيدا من الأعداد ستضع معايير أخرى وستتجه إلى المقيمين بشكل غير قانوني هؤلاء الذين لم يستطيعوا (مهما كانت الاسباب) أن يجعلوا إقامتهم في تركيا نظامية وفقا للوائح والقوانين..
ثالثا.. 
ربما تمتد المعايير إلى أمور أخرى وهذا يعتمد على العدد الذي تقرر تركيا الاحتفاظ به في أراضيها، فيمكن أن يمتد للمخالفين بأنواع متعددة من المخالفات.. مخالفين لقانون العمل للقوانين المالية الخ..

في النهاية أمام السوريين طريقين إما الالتزام التام بالقوانين والإقامة بشكل نظامي في تركيا وهؤلاء سيكونون في مأمن، والطريق الثاني التعرض لخطر الترحيل إلى المناطق الآمنة.

قد لا يحدث هذا اليوم وقد تتراجع الحملة اتجاه السوريين وفق تعقيدات تشكيل المنطقة الآمنة.. ولكنها ستبقى هدفا استراتيجيا لتركيا..

تركيا كغيرها من الدول (لا يمكن لومها)، هي تتحرك من واقع مصالحها ومصالح شعبها، تقييم التعامل الانساني لتركيا مع السوريين أمر نسبي يمكن أن يختلف من انسان إلى آخر ولكن التعامل السياسي مع الملف السوري لا بد أنه سينطلق من مصالحها القومية.. فقط.. ولن تأخذ بالحسبان أي شيء آخر..

نضال معلوف


TAG: