قناة اليوتيوب
جواز السفر في سوريا ايضا على "الطريقة الذكية"..
من حيث المبدأ هو اجراء جيد نظريا ان تستطيع حجز موعد لانجاز معاملة حكومية، امر مشكور ولا شك بانه يوفر على الناس الوقت والجهد ويؤدي الى تخفيف الازدحام.
اعلنت وزارة الداخلية يوم امس بانها انشأت ما اسمته "منظومة حجز دور للحصول على جواز سفر".
لمشاهدة التقرير على اليوتيوب .. اضغط هنا
وبمراجعة الموقع المذكور، يبدو ان الحصول على جواز السفر او التجديد للجواز يبدأ من هذا الموقع.
سبق هذا الاجراء ازمة كبيرة في عملية اصدار جوازات السفر حيث توقف اصدار الجوازات منذ تموز الماضي الى بداية تشرين الثاني الحالي.
وبعد استئناف علميات الاصدار شهدت مراكز الهجرة والجوازات ازدحامات خانقة من قبل المراجعين.
ببساطة ماحصل اضاف الى حياة السوريين طابور بالاضافة الى باقي الطوابير.
المشكلة بان تجربة السوريين مع "الطرق الذكية" في تنظيم حصولهم على حقوقهم تجربة مأساوية، واكثر هذه التجارب شهرة هي تجربة البطاقة الذكية.
التي بات يعرف السوري مباشرة عندما يصدر قرار بأن حصوله على مادة اصبح يتبع للبطاقة الذكية وبأن هذا يعني مزيدا من العراقيل، وقت اطول، حصص اقل، في النهاية اجراءات تعجيزية ليتخلى عن حقه في هذه المادة.
والحقيقة سعي الحكومة في هذه الظروف في اتمتمة تقديم الخدمات اليوم امر مثيرا للغرابة، فنحن نعرف بانه لا يمكن ان يتم التحول الى الخدمات الالكترونية الا بامتلاك بنية تحتية مستقرة ومتطورة.
اما في بلد ليس فيه كهرباء، الانترنت فيه بطيء وفي كثير من الاحيان لا يقدم خدمة مستقرة، الوضع المعيشي للمواطن السوري متدني بحيث ان الحصول على الخبز اصبح هما يوميا، الاكثرية في سوريا ليس لديها اليوم امكانية الحصول على هواتف ذكية او كمبيوترات لتتمتع بترف الخدمات الالكترونية..
بكل الاحوال لا يمكن الا نربط هذا القرار بما يحصل في ملف اللاجئين، الملف الذي بات سلاحا جديدا تستخدمه بعض الدول لتحقيق الفوز في صراعاتها عوضا عن استخدام الاسلحة التقليدية.
مررت على هذه الفكرة يوم امس، ولكن الحقيقة هذا الموضوع بحاجة لشرح مستفيض ولمتابعة يومية.
والمثال الذي بين ايدينا هو اللاجئين المحتشدين على الحدود البولندية اليوم، والذين سهلت روسيا وسوريا وصول الكثيرين منهم الى هناك في الاشهر الاخيرة.
اذا أردنا ان نفهم ما غاية روسيا من هذا الاجراء يكفي ان نراقب تغطية وسائل الاعلام الروسية المرافقة للاجئين الموجودين في بيلاروسيا.. كيف يتم القاء اللوم على اوروبا والاتحاد الاوربي والغرب في خلق هذه الازمات من جراء اشعال الحروب في منطقتنا..
توظيف سياسي وسلاح خطير ومبتكر اصبح بيد الدول، دول تتولى احلال الخراب في الدول الهشة والقضاء على المستقبل فيها، دفع الناس لاتخاذ قرار الهجرة باي ثمن كان، التحكم في حركتهم وتوجيههم لضرب استقرار ومصالح دول اخرى..
هذا لا يحصل في سوريا فقط، وانما في اكثر من بلد في منطقتنا، حتى اكثر المناطق شهرة باستقرارها وازدهارها يهج اهلها الى الغرب اربيل على سبيل المثال..
تحولت الجماعات الانسانية المعوزة الفقيرة البائسة الى سلاح، يخضع لسباق التسلح، وللتهديد باستخدام هذا السلاح واحيانا لاطلاق طلقات تحذيرية وربما شن حروب باستخدامه..
هذا ما يحدث اليوم في سوريا مساومة قذرة لاستخدام السكان والتهديد بتهجيرهم حتى اخر ساكن، وربط عودتهم بانتزاع ضمانات من المجتمع الدولي لغض النظر عن الجرائم التي ارتكبت واعطاء "كريديت" لبقاء الحكام على كراسيهم لسنوات وربما عقود قادمة..
نضال معلوف