-
عصارة من ألم.. بقلم: منيرة اسماعيل محمود
هل تعلم معنى الألم يا صاح ؟؟
ذلك الاحساس القاهر الذي يحفر هدوءك دون رحمة
بمعول هو من يختار معدنه ...
هو ذاك الازعاج الذي يمنع صفو نومك
هو تلك الغصة وانت تحتسي فنجان قهوة أو كأس شاي
هو دمعة تقف حائرة تحاول اتخاذ قرار السقوط
هل تألمت لأجل احدهم ...؟؟
من افترش التراب وتوسد الحجر ...
من تلحف الهواء ..طوال ليل بارد طويل
يحاكي القمر ...
هل لسعتك تلك النسمة الثلجية ؟
حتى كدت ترجع إلى البيت لتنعم بذاك الدفء والهدوء ؟؟
هل تألمت لمن تركوا ديارهم وتمزقوا أشتاتا هنا وهناك ؟؟؟
لمن تطايرت أجسادهم أشلاء ؟؟
لنسوة... فقدن فلذات أكبادهن في حرب قذرة بات الأخ يقتل أخيه...
أو ودعن أزواجهن دون أن يعلمن أنه الوداع الأخير ...
لمن فقدن أخوتهن وبتن بلا سند أو معيل ...
لمن اغتصبن مرات ومرات ...
لمن بتن ملك اليمين ...
لمن بيعت كما تباع البعير
هل تألمت يا صاحبي لطفل يتيم الأب ...محروم الأم
وآخر سلبته الحرب الطفولة والحنان...
وآخر بات تائها جائعا على أبواب الذل والحرمان ..
هل فكرت بجيل كامل من أطفالنا بلا تعليم ...
أوذاك ابتلعته الأمواج الغادرة في رحلة البحث عن أمن وامان ...
هل أحسست يوما بمن ينتظر أحبة له في غياهب السجون ؟؟
أو ذاك الذي خرج ولم يعد ...ليس ميتا ولا هو حي ...
هل تألمت يا صاحبي لمن يقتل بالرصاص ؟؟
لمن يذبح كالنعاج ؟؟
لمن يسحق كذبابة ...
لمن يحرق كورقة ...
لمن يسحل بلا كرامة ...
لمن يعذبه جراثيم الأرض ليل نهار ..
وباتت صرخاته صامتة بلا صدى ...
لمن فقد بيته وبات الشارع مأواه ...
هذا يا صاحبي الاحتراق البطيء ..
يجتاحك بلا صرخات تتصدع لها الأرجاء ..
بلا نار ولا دخان ..
هل انتفض قلبك الصغير يوما رافضا هذا الاضطهاد ؟؟
هل عاد أدراجه ليرقد ثانية فوق فوهة بركان ...
فيثور فيه النبض والخفقان
وكفك البيضاء تخلع ملمسها الحريري
لتحمل جلدا قد جف من تجاعيد الزمان
وخطوطا من ألم تصل حاضرك بماضيك
هل عرفت معنى الالم يا صاح ؟؟
ذاك الشعور الذي يبعثر كيانك ...
من حاضرك إلى ماضيك
ومن حاضر إلى مستقبل مجهول
أو إلى اللامستقبل
هل غدونا بلا منازع ...
يا صاحبي عصارة من ألم ؟؟