-
سورية كُرَة قدَمٍ في لعبة الأمم والسوريون أثبتوا افتقارهم للروابط الوطنية ... بقلم : د. عبد الحميد سلوم
لم تكن الحكومات الغربية في صدد إرسال قوات برية لمحاربة داعش ، ولم يكن بعضُها بصدد قصف داعش خارج العراق ،، ولكن ماذا حصل حتى ينقلب موقف الجميع حالا بعد التدخل العسكري الروسي المباشر وبعد نشر منظومة صواريخ س 400 وزيادة عدد الطائرات الحديثة الهجومية والقتالية ، ونشر المزيد من القوات البرية !!.
*لا يخفى أن التعزيزات العسكرية الروسية في سورية قد أثارت حفيظة الأطلسي وهي من كانت الدافع خلف المواقف الغربية والأطلسية الجديدة والتسابُق لتعزيز ترسانتهم العسكرية في المنطقة، وهذا عبّر عنه أمين عام الحلف في أكثر من تصريح .. والمسئولين السوريين الذين كانوا من أشد المعارضين في وقتٍ ما لأي تواجد عسكري أجنبي في المنطقة ، ووقفوا سياسيا وإعلاميا بقوّة ضد التدخل العسكري الأمريكي في العراق ، وضد ذاك التواجد ، أو بالأحرى الاحتلال ، خشية أن تتمدّد تلك القوات نحو سورية ، وتُكرِّر فيها تجربة النظام العراقي
فإن أولئك المسؤولين المسؤولات ,هم ذاتهم من رحّبوا اليوم بالتدخُّل الروسي وبرّروه قانونيا وسياسيا طالما أن هذا التدخُّل يصبُّ في النهاية في مصلحة الحُكم!! فحينما تدخلُ لعبة المصالح بالنِّص فلا توجد مبادئ وإنما توجد مصالح ، وهنا فلا يوجدُ صاحب مبدأ ، وآخر بلا مبدأ ، فالكل يتساوى حينما تتهدّد مصالحهم ، وكلُّ يُقدِّم دليلهُ ليُبرِّر الاستعانة بالأجنبي !!.
* شخصيا أميلُ إلى روسيا ولا أنسى مساعدتها لنا في كل حروبنا ضد إسرائيل بينما كانت الولايات المتحدة ودول الأطلسي تُساند إسرائيل في كل حروبها العدوانية على العرب وأشقائهم الفلسطينيين ، وما زالوا ، ولكن الحالة اليوم تختلف ، فنحن لسنا أمام حرب مع إسرائيل وإنما أمام حربٍ داخلية انقسم فيها السوريين بشكلٍ مريعٍ ونتوقّعُ من الأصدقاء قبل الأعداء بذل خالص جهودهم لإيقاف وقف إطلاق النار والمُضي بالحل السلمي بموازاة الحرب على الإرهاب !!
فانتظار محو الإرهاب ثم البدء بالحل السياسي يعني أننا أمام حالة أسوأ من صومالية ولا مثيل أو سابقة لها وسوف تطول إلى ماْ لاْ يعلمهُ سوى الله ، وكلما طالتْ كلما تعقّدتْ أكثر ودخلت عوامل جديدة لتزيد من التعقيد والإطالة !! فهل من أحدٍ يفكّرُ بحال هذا الشعب المسكين البائس الذي لم يعُد قادرا على توفير لقمة العيش بأدنى أدنى مستوياتها ،، أم بأولئك الشباب والصبايا الذين تخرّجوا من الجامعات وجالسين بحالة يأسٍ وإحباط يعدُّون الأيام والليالي وهم بلا عمل ؟؟. أم أن من يعدُّ العِصي ليس كمَن يُضرَبُ بها!! ومن لا يُعانُون هُم وأبنائهم، ويعيشون بالنعيم ، لا يشعرون بشعور الآخرين ، ولا يعرفُ معنى الفقر والحرمان والجوع إلا أهلهُ !!.
*بكل الأحوال ، لم يعُد للسوريين عموما أي قرار وأي دور في الشأن السوري ، ودورهم الوحيد هو التغطية على التدخلات الأجنبية ، فبعض الدول تتذرّع بطلب المعارضين للعون والمساعدة، لحماية قواعدهم ومناطقهم من طائرات "النظام" ،، والبعض الآخر يتذرّع بطلب النظام للعون والمساعدة ، وبنهاية الأمر يبدو أن تلك الدول لا تقيم وزنا لا للمُعارضة ولا للنِظام ، وإنما لا بدّ من إيجاد المبرر القانوني ، وهُو أنهم يتدخلون استنادا لطلب الأطراف السورية المتصارعة !!.
*سورية باتت مرتعا لكل مرتزقة العالم ، وأراضيها مُمزّقة بين مئات التنظيمات ، وسماؤها ملعبا لطائرات تحالُف دولي من ستِّين دولة ، وكلها تتظلّلُ بمحاربة داعش والقضاء على الإرهاب ،، وحقيقة الأمر لا تحتاج داعش للقضاء عليها نهائيا أكثر من أسبوع ، بعد إغلاق كافة الحدود عليها ، وحصرِها في مكانها الجغرافي ، ويومَين من القصف الكثيف ثم خمسة أيام تتقدّم القوات البرية من كافة الجهات فُتُطبِق عليها نهائيا !!.
ولكن لا أحدا يريدُ فعليا القضاء عليها ، ولذا اكتفوا حتى اليوم بالقصف الجوي ، مع أنهم يؤكدون كل يوم أن القصف الجوي لِوحده لا يكفي لهزيمة داعش !!. إذا ما المشكلة في عدم جزِّ القوات البرية في المعركة ؟؟. هل هو الخوف على حياة الجنود الغربيين ، أم خشية الافتقار لتنظيمات سورية مُسلّحة قادرة على ملْ ذاك الفراغ بعد داعش ، أم بقاء قوات كل دولة في المكان الذي ستكسبه من داعش ثم تقوم بتجييرهِ لهذا الطرف أو ذاك من التنظيمات المسلحة المتعددة على الأرض السورية ، أم تناقض المصالح بين الدول التي تسرح وتمرح فوق الأرض السورية وفي سمائها ، إما بطائراتها أو جنودها أو خُبرائها أو مخابراتها ، أم هي حجّة الغرب بأن القضاء على الإرهاب غير ممكن في ظل وجود تركيبة النظام السوري الحالي ، أم السبب هو انتظار تبلوُر الحل السياسي واطمئنان كل طرف على مصالحه ،، أم ، أم ، أم ماذا ؟.
*الواضح أن الجميع يتصرّفُ بأعصاب باردة ، طالما أن النيران ليست داخل بيتهِ ،، ولا يجبُ أن نلومهم حينما نرى من تشتعل النار داخل بيتهم ، وأقصدُ كل السوريين المتحاربين ، هم أنفسهم يشعرونك أنهم غير مستعجلين ولا مكترثين ، طالما أن شروط الحل لا تأتي لمصلحة كل طرف 100% ، أو على الأقل ، 90% ، وإلا ليستمِرّ الحريق وتتأجّج النيران !!.
* في بريطانيا لم يمضي الجميع خلف كاميرون كما القطيع في اقتراحه لضرب داعش في سورية ، فحتى من أعضاء حزبه هناك من عارضوه ، ومِن حِزبِ المُعارضة هناك من أيّدوه ، فالكل يبني مواقفه من خلال مصلحة بريطانيا وليس مصلحة كاميرون ،، بينما كَم حاكم عربي لجأ لبرلمان بلاده كي يتناقش معه ساعة واحدة ، بل دقيقة واحدة من أجل قضيةٍ ماْ، وليس عشرة ساعات متواصلة كما فعل كاميرون ، وكل المسألة هي الاستحواذ على موافقة ليمتدّ قصف الطائرات البريطانية إلى داعش في سورية ولا يقتصر فقط على العراق ..
* المَلِكَة البريطانية لا تتدخل بالسياسة ، وهي تقول أنها أرفع من ذلك ، فهي لكل البريطانيين وليست للتحزبات والمحاور السياسية والمناورات الحزبية ، وهي رمزُ وحدة البريطانيين ولا يمكن أن تكون جزءا من خلافاتهم أو اختلافاتهم ، في معارك الوصول للسلطة ،، أو ما شابهَ ذلك (يعني هي أرقى من كل من يضعون العمامات على رؤوسهم في العالمَين العربي والإسلامي الذين لا يترفّعون عن السياسة وإنما ينخرطون بها بشكلٍ مُقرف وبالتالي يفتقدون لرسالة القيم والأخلاق وتوحيد مجتمعاتهم ، لأن هذا من رجُل دين ، لا يستقيم مع السياسة ولا مع وحدة المجتمعات) !..
*الشعب البريطاني يثق بممثليه في البرلمان ، لأنهم لم يأتوا مُسبقا بتزكيةٍ مِن إم سِيكس ، وضمن قوائم مُعدَّة ومحسومة سلفا !!. هم جاءوا كتعبيرٍ عن إرادة شعب بشكل ديمقراطي حُرّ ، أي بسيادة الشعب قولا وفعلا وحقيقة ، ولا صوتا لديهم يعلو على صوت الشعب بشكلٍ صادق وفعليٍّ وليس بالخطابات والإنشاء !!. فالديمقراطية هي سيادة الشعب ، وغيابها يعني غياب هذه السيادة ، وأي نظام في العالم يُغيِّبُ سيادة شعبهِ فهو أول من ينتهك سيادة بلدِهِ وعليه أن لا يلوم الأجنبي حينما ينتهك هذه السيادة أيضا !!. فلا يُلامُ الذئبُ في عدوانهِ إن يكُ الراعي عدو الغَنمِ !. هذا هو واقع الحال في كل العالم العربي !. أم أنني مُخطئٌ !!.
*والسؤال : إلى ماذا سيقودُ هذا الانخراط العسكريُ الكبير والعديد فوق أراضي سورية ، وفي سمائها ؟؟. هل سيكون بالنتيجة لمصلحة وحدة الأرض السورية والشعب السوري ، هل سيكون لخدمة الحل السياسي ؟؟. أم هو تقاسُم للكعكة السورية ، أم خلقٍ لتوازنات دولية ، وأن الأمر مُستمرٌ إلى أجلٍ غير مُسمّى طالما أن مشكلة أوكرانيا ما زالت قائمة ، ومشكلة القَرمْ ما زالت قائمة ، ومشكلة توسُع الناتو شرقا باتجاه جورجيا وأوكرانيا ما زالت قائمة ، هذا إذا ما أضفنا اليوم التصعيد بين روسيا وتركيا إثر إسقاط الأخيرة لطائرة السوخوي24 الروسية ،، وإذا ما أضفنا لكل ذلك ، المفاجأة الجديدة التي أزعجت موسكو جدا ، وهي دعوة الأطلسي لِضم جمهورية (الجبل الأسود) إلى عضوية الحلف الأطلسي ، بما يعنيه ذلك من تهديد لمصالح روسيا في البلقان ، وامتداد الحلف نحو الشرق ، وهذا ما أزعج روسيا جدا وصرّح مسؤوليها أنهم لن يسكتوا عن ذلك !!.
* كل ما تقدّم جعل َ ، وسيجعل سورية إلى وقتٍ غير منظور ، رهينة للصراعات الدولية ، وكُرَةَ قدمٍ في إطار صراع الأمم !!. لماذا ؟؟ لأن أبنائها أوّل من قذفوا بها نحو المتنافسين والمتصارعين على الحلبة الدولية ، بسبب أنانياتهم ومُكابراتهم وشَبقِهم للسلطة بأية وسيلة، وكيدياتهم إزاء بعض ولو كانت على حساب إدخال كل زناة الأرض إلى المضجع السوري ،، وبسبب ضعف الشعور بالمسئولية الوطنية والتاريخية !! ولأننا ما زلنا عشائر وقبائل وأفخاذ وطوائف ومذاهب لا أحدا يثقُ بالآخر ، والكل يتربّصُ بالكل ، والكلُّ لا يثقُ بالكل ، والكلُّ يتحالف مع الغريب ضد الكل ، وآخِر ما نُفكِّرُ به هو الولاء للوطن قبل أي انتماء آخر !!.
*كنتُ أرى كيف أن سفراء ودبلوماسيين مُمثلي وطن (وهؤلاء من النخبة) يتحالف واحدهم مع مُستخدم محلِّي أجنبي في السفارة ضد زملائه ويطعن بهم كل الوقت أمام الأجنبي ، بل هناك سفراء حرّضوا سائقين أجانب لضرب زملاء لهم دبلوماسيين يعملون معهم في ذات السفارة !! وهذا شهِدتهُ بالجزائر حينما حرّض حينها سفيراً (أو سفيها وسفيلا) سورياً مُنحطّا ، كان مدعومٌ جدا في التسعينيات من ثاني شخص بالدولة يُقيم اليوم خارج سورية ، وهو من رشّح ذاك السفير للمنصب ،، وقد حرّض السائق لضرب زميل دبلوماسي حديث العهد ، وأكلَ المسكين الإهانة وسكتَ مع أنني كنتُ من أنصار أن يدخل على مكتب السفير ويخلع حذائه ويبدأ ضربا بالحذاء على رأس هكذا سفير !!. بل وصلَ الأمرُ ببعض من يحملون الجوازات الدبلوماسية لينقل واحدهم أسرار سفارتهِ إلى سفراء أجانب أعداء لبلدِهِ ، وهذا موثّق ، والبعض كان يُحرِّض على رئيسه ويقول للأجانب هذا من ذاك الدِين أو ذاك المذهب ، ليُحرِّضهم ضدّهُ ، على أساس أنهم من مذهبهِ هُوَ ويجب أن يكونوا بجانبه ضد رئيسه الذي ينتمي لمذهبٍ آخرٍ ، وهذا موثّق !!
والأسوأ أن بعض مسئولي الوزارة أنفسهم يُشجِّعون على الصراعات ضمن السفارات ، ويُحرِّضون الموظفين على رئيسهم ويحمونهم (إلا إن كان رئيس البعثة مدعوما فكلهم يتملقونه ويتمسحون حذائهُ)، ولا يستطيعُ رئيس البعثة غير المدعوم أن يفعل شيئا مع الموظفين لأن قرارهم لدى مسئولي الوزارة ، وليس لديه !!. بل وصلت النذالة ذات مرّة بمسئول بالوزارة (وما زال يحتفظ بكل الصلاحيات وقد أصبحَ عجوزا) لتحريض المُهرِّبين والمُزوِّرين المُختبئين تحت تنظيم اتحاد الطلبة ، وهم مجموعة زُعران ، تحريضهم ضد رئيس البعثة ، لأنه حاقد على رئيس البعثة !. والأسوأ أن معاون وزير سابق (هارب ، والله أعلم، من مصحٍّ عقليٍ) أمرَ ذات مرّة بنقلِ أعضاء سفارة بالكامل انتصارا لمُستخدَمة أجنبية (زعرَة) ، كانت صديقة لسفير سابق أزعر ، لأن أعضاء السفارة اتّفقوا جميعا على ضرورة تسريحها !!. والأسوأ أيضا أن الوزير حينها استجابَ لطلبِ مُعاوِنهِ دون أن يعرف الحيثيات ، وهذا ما صرّحَ به لاحقا لتبرير فعلتهِ !!.
*نعم كل ذلك موثّقٌ !! فماذا نُسمَّي كل ذلك ؟؟ أليسَ ضعفا للمشاعر الوطنية ؟ أليسَ انعدامُ الشعور بالمسئولية الوطنية ؟ أليسَ فُقدانا للروابط الوطنية ؟. أخبروني ماذا نُسمِّي كل ذلك ؟؟. وكيف سنُصدِّق أصحاب هذا العقول أنهم وطنيون حتى لو صَلُّوا في مكاتبهم وخارج مكاتبهم 24 ساعة من أجل الوطن ؟. فكيفَ سنصدِّقهم إن كانت أفعالهم وممارساتهم تخالفُ وتُناقض كل مفهوم وطني؟. هم منافقون ليس إلا .
*حينما يفعل الإسرائيليون ببعض ، كما يفعل السوريون ببعض ، حينها ستُهزَم إسرائيل وتنتهي من داخلها ،، وحينما نفعلُ ببعض ، ما لا تفعلهُ إسرائيل بنا ، فهذا يعني أننا شعبا مُفتّتا ، لا يربطنا وطنٌ ، ولا تربطنا ببعضٍ رابطة وطنية !!. هناك في دولتي مسئولين سابقا ولاحقا ، وحتى الآن، لا يُمكِن تصوُّر أي إسرائيلي أن يفعل بكوادر وزارته ما فعلهُ واحدهم بكوادر وزارتهِ ، فكيف لنا أن ننتصر ونتحدّث عن مقاومة وممانعة بهذه العقول والنماذج !!.
*الحرب مع إسرائيل ليست بالشعارات ، ومواجهة هذا العدو المُحتَل لأراضينا السورية والفلسطينية واللبنانية لا تكونُ فقط برفع الشعارات والخطابات ، ولا تكون أيضا فقط بالطائرات والصواريخ والأسلحة ، حربنا مع هذا العدو هي حرب كل وزير وكل مسئول في وطننا مع كل وزير ومسئول يُناظرهُ في إسرائيل لجهة الكفاءة والممارسة والسلوك وتطبيق المعايير وإشغال الضمير ، هي حرب كل سفيرٍ مع كل سفيرٍ بإسرائيل لجهة المقدرة والكفاءة والمؤهلات العلمية واللغوية ، هي حرب كل مدرسة وكل معهد وكل جامعة في وطننا مع نظيرٍ لها بإسرائيل لجهة مستوى التعليم والتطوُّر العلمي والبحثي ومستلزمات الجامعات ومستوى الكادر التدريسي ...
هي حرب كل فلاح وكل عامل في وطننا مع نظيرهِ الإسرائيلي ، هي حرب كل مواطن سوري مع كل مواطِن إسرائيلي وكلٍّ في مجال عملهِ ومدى إخلاصه لهذا العمل ...هي حربُ كل تاجر سوري مع كل تاجر إسرائيلي لجهة الرأفة بشعبهِ وعدم استغلال لقمة عيش الشعب وحاجاته الضرورية للثراء برفع الأسعار كل يوم ... الخ !!.
فحينما نُصبِحُ على كافة المستويات مُخلصين لوطننا أمينين على ثرواتهِ جاهدين في كل مجالٍ لتطويره وبنائه ، مُحبين لبعض ، يتقدّم عندنا رابط الوطنية والمعايير وتكافؤ الفرص على كل شيء ، ولا يقفُ أي سوري مع الأجنبي ضد السوري الآخر ،،، وووووو ، حينها سننتصر على هذا العدو من دون شعارات وخطابات ، وسوف يخشانا ويهابُنا ويحسب لنا مائة حساب !!. ولكن للأسف هل الصورة التي استعرضتُ نماذج عنها لاسيّما في وزارةٍ تُعتبَر وجه السحَارة بالدولة ، هل هذه تُبشِّر بتفاؤلٍ !!. إن كُنا نتصرّفُ مع بعض كأبناء وطنٍ واحدٍ بعِدائية أينَ منها عداؤنا للمُحتَل الإسرائيلي ، فكيف لنا أن نكون أبناء وطنٍ واحدٍ !!. وإن غاب الرابط الوطني الواحد فكيف سنقفُ بقوّةٍ وحزمٍ لنُدافع عن الوطن !!.
*نعم نحنُ أكبر أعداء لأنفسنا ولوطننا ولبعضنا ، من عِداء الأعداء لكل ذلك !! ولو أن العدو لا يعرفُ حقيقتنا لما تجرّئوا علينا في أي يوم ، ولكنهم يعرفون الحقيقة التي طالما كُنا نَستِرها بالشعارات والخطابات والأغنيات ، والمُكابرة على الواقع ، ولكن لم يُفِدنا كل ذاك الهروب ، ووجدنا أنفسنا فجأة عُراةً حُفاةً أمام الحقيقة !!.
*علينا أن نبدأ من جديد ، بل من الصفر ، في خلق دولة جديدة بروابط وعلاقات وطنية جديدة ، وبموازاة ذلك يجب التركيز بكل السبُل على خلق الإنسان الجديد القادر على حماية تلك الدولة وصيانة الوطن والنظر إلى نفسهِ من منظور الوطن قبل أي شيء ، وليس من منظور الطائفة والدين والمذهب والعشيرة والعِرق ,, وأن يكون المسئولين قُدوة للمواطن في نظافة اليد والحرص على المال العام والتفاني من أجل الوطن والشعب،، وإلا ستبقى عِلاقات المُواطنَة في خبر كانَ ، ويبقى الوطن آخر الهموم حتى لو تحدّثنا عنه ليلا ونهارا، فالوطنية بالفِعل والسلوك والتعامُل وليست بالحكي والخطابات !..
*إنّ أي وطنٍ بالعالم يحتاج لقيادات ومسئولين قُدوَة ، وهؤلاء لا يمكن أن يتمَّ تصنيعهم بالقرارات وإنما يفرزهم الشعب من خلال مدَى نضال كل واحد لأجل الشعب ، ونظافة يده ، واهتمامه بشؤون الفقراء والكادحين ، والتصاقه بالناس ومعايشة همومهم والسعي لإيجاد الحلول وتحسين ظروف معيشتهم وإيجاد فرص العمل ومكافحة البطالة والفساد ، والشعبُ لا يُخطئ في اختياراته ، وإن شعرَ أنهُ أخطأ فيُصحِّح خطأه بأول انتخابات !.
* يقول الله تعالى ، وقولهُ الصدق "وما أصابكم من سيِّئة فهو من أنفُسكم " .. صدق الله العظيم ..
https://www.facebook.com/you.write.syrianews