شراسة مثيرة للتعجب.. كيف يهاجم فيروس كورونا جسم الإنسان؟

21.04.2020 | 23:59

نشرت مجلة ساينس الأمريكية مقالا يشرح طريقة عمل فيروس كورونا، حيث تتبع الأطباء كيف يهاجم الفيروس جسم الإنسان بدءا من المخ إلى أصابع القدمين.

فمع الارتفاع المستمر لعدد حالات كوفيد 19 المؤكدة إلى ما يزيد على 2.3 مليون حالة على مستوى العالم، وتجاوز عدد الوفيات 160 ألف حالة، يبذل الأطباء وعلماء الأمراض أقصى طاقاتهم لفهم الضرر الذي يحدثه فيروس كورونا أثناء توغله بالجسم.

ورغم أن الرئتين هما الأرضيتان الرئيسيتان له، فإن الفيروس يمكن أن يمتد إلى العديد من الأعضاء بما في ذلك القلب والأوعية الدموية والكلى والأمعاء والدماغ.

يقول هارلان كرومهولز، إخصائي أمراض القلب من جامعة ييل ومستشفى ييل-نيو هافن،الذي يقود جهودًا متعددة لجمع البيانات السريرية عن كوفيد-19 "يمكن [للمرض] مهاجمة أي عضو في الجسم تقريبًا، وتكون له عواقب مدمرة أيضًا. إن شراسة الفيروس تثير تعجبنا حقا".

هل يؤدي الميل الخطير والملاحظ حديثًا إلى تخثر الدم إلى تحويل بعض الحالات الخفيفة إلى حالات حرجة؟ هل الاستجابة المناعية الزائدة وراء أسوأ الحالات؟ هل يمكن للعلاج بالأدوية المثبطة للمناعة أن يساعد؟ ما الذي يفسر انخفاض الأكسجين في الدم بشكل مذهل كما يرصده بعض الأطباء في المرضى الذين لا يعانون من ضيق في التنفس؟ 

فيما يلي محاولة لفهم كيفية مهاجمة الفيروس لخلايا الجسم المختلفة، وخصوصا لدى حوالي 5 في المئة من مرضى الحالات الحرجة. ورغم وجود أكثر من ألف ورقة بحثية تتدفق الآن للنشر في الدوريات العلمية، فلا تزال الصورة الواضحة لآثار الفيروس بعيدة المنال، فهو يتصرف عكس أي ميكروب شهدته البشرية من قبل.

بداية العدوى

عندما يطلق شخص مصاب بعض القطرات المحملة بالفيروسات ويستنشقها شخص آخر، يدخل فيروس كورونا المستجد إلى الأنف والحلق، ليجد البيئة الملائمة له في بطانة الأنف. ووجد الباحثون أن الخلايا هناك غنية بمستقبلات سطح الخلية، التي يطلق عليها "الإنزيم المحول للأنجيوتنسين". ووجود هذا الإنزيم في جميع أنحاء الجسم يساعد في العادة على تنظيم ضغط الدم، وهذا يضع علامة على الأنسجة المعرضة للعدوى، وذلك لأن الفيروس يتطلب هذا المستقبِل كي يدخل الخلية. وبمجرد دخوله، يقوم الفيروس باختطاف أجهزة الخلية، ويخلق نسخًا من نفسه له لا تعد ولا تحصى، ويغزو خلايا جديدة.

وعندما يتكاثر الفيروس، ربما يتخلص الشخص المصاب بكميات وفيرة منه، خصوصًا خلال الأسبوع الأول أو نحو ذلك. وربما تكون الأعراض غائبة في هذه المرحلة، أو ربما يصاب بالحمى أو السعال الجاف أو التهاب الحلق أو فقدان حاستي الشم والتذوق أو آلام الرأس والجسم.

وإذا لم يقم نظام المناعة بضرب الفيروس خلال هذه المرحلة الأولية، فإنه يسير إلى أبعد من ذلك إلى القصبة الهوائية لمهاجمة الرئتين، حيث يمكن لتحوله أن يكون مميتًا. تنتهي الفروع الرقيقة والبعيدة لشجرة الجهاز التنفسي للرئة بأكياس هوائية صغيرة تسمى الحويصلات الهوائية، كل منها مبطنة بطبقة واحدة من الخلايا الغنية أيضًا بمستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين.

وفي العادة، يعبر الأكسجين من الحويصلات الهوائية إلى الشعيرات الدموية، وهي أوعية دموية صغيرة تقع بجوار الأكياس الهوائية؛ ومن ثم يُنقل الأكسجين إلى بقية الجسم. ولكن بينما يحارب الجهاز المناعي خلايا الفيروس، تعطل المعركة نفسها نقل الأكسجين الصحي، وتطلق خلايا الدم البيضاء في الخط الأمامي جزيئات التهابية تسمى "كيموكينات"، تستدعي هي بدورها المزيد من الخلايا المناعية التي تستهدف وتقتل الخلايا المصابة بالفيروس، تاركة كمية كبيرة من السوائل والخلايا الميتة (الصديد) وراءها. هذا هو المرض الأساسي للالتهاب الرئوي بأعراضه الرئيسية: السعال، وحمى، والتنفس السريع والمتقطع. بعض مرضى كوفيد 19 يتعافون منه، حتى دون دعم أكثر من الأكسجين الذي يتم استنشاقه عبر فتحات الأنف.

لكن البعض الآخر يتدهور، وغالبًا بشكل مفاجئ تمامًا، إذ يطور حالة تسمى "متلازمة الضائقة التنفسية الحادة"، وعندها تنخفض مستويات الأكسجين في الدم، ويجدون صعوبة أكبر في التنفس، وتظهر صور الأشعة السينية والمقطعية على الرئة "عتامة بيضاء" منتشرة بينما يجب أن تكون المساحة السوداء، وهي العلامة على وجود الهواء، وعادة ما يوضع هؤلاء المرضى على أجهزة التنفس الصناعي، ويموت الكثير منهم، وتظهر عمليات التشريح أن الحويصلات الهوائية أصبحت محشوة بالسوائل وخلايا الدم البيضاء والمخاط وبقايا خلايا الرئة المدمرة.

تأثير الفيروس

في الحالات الخطيرة، يستقر فيروس كورونا في الرئتين، ويتسبب في أضرار كبيرة هناك. لكن الفيروس، أو استجابة الجسم له، ربما تصيب العديد من الأعضاء الأخرى، إذ بدأ العلماء للتو في استكشاف نطاق وطبيعة هذا الضرر.

الكبد: نصف المرضى في المستشفيات تقريبا لديهم مستويات إنزيمات كبدية عالية، ربما يكون سببها الاستجابة المناعية المفرطة، أو الأدوية المعطاة لمحاربة الفيروس.

الكلى: تلف الكلى شائع في الحالات الشديدة ويزيد من احتمال الوفاة. ربما يهاجم الفيروس الكلى بشكل مباشر، أو ربما يكون الفشل الكلوي جزءًا مما يحدث بالجسم كله مثل انخفاض ضغط الدم.

الأمعاء: تشير تقارير المرضى وبيانات التشريح إلى أن الفيروس يمكن أن يصيب الجهاز الهضمي السفلي، كما يعاني حوالي 20 في المئة أو أكثر من المرضى من الإسهال.

المخ: يعاني بعض المرضى من السكتات الدماغية، والنوبات، والارتباك العقلي والتهاب الدماغ، ويحاول الأطباء فهم أي هذه الأعراض مرتبط بالفيروس بشكل مباشر.

العيون: التهاب الملتحمة، وهو التهاب بالغشاء الذي يبطن الجزء الأمامي من العين والجفن الداخلي، وهو أكثر شيوعًا بالنسبة للمرضى ذوي الأعراض الشديدة.

الأنف: بعض المرضى يفقدون حاسة الشم لديهم؛ إذ يقول العلماء إن الفيروس ربما يتحرك إلى أعلى النهايات العصبية للأنف ويقوم بإتلاف الخلايا.

القلب والأوعية الدموية: يدخل الفيروس إلى الخلايا المبطنة للأوعية الدموية، من خلال الارتباط بمستقبلات سطح الخلية، إذ يمكن أن تؤدي العدوى أيضًا إلى الإصابة بالجلطات الدموية والنوبات القلبية والتهاب القلب.

المصدر : الجزيرة  

عن ساينس ديلي

 


TAG: