الحدود السورية التركية "رحلة موت للباحثين عن الحياة"..بين الغام "داعش" ورصاص "الجندرما

"شارفت على الموت أكثر من مرة..بل رأيت الموت..حقول الغام داعش خلفنا ورصاص حرس الحدود التركي امامنا" هي من رواية ناج  سوري لبعض تفاصيل رحلته من سوريا الى تركيا، هربا من الحرب المشتعل اوارها في البلاد منذ 5 اعوام..

"شارفت على الموت أكثر من مرة..بل رأيت الموت..حقول الغام داعش خلفنا ورصاص حرس الحدود التركي امامنا" هي من رواية ناج  سوري لبعض تفاصيل رحلته من سوريا الى تركيا، هربا من الحرب المشتعل اوارها في البلاد منذ 5 اعوام..

محمد الشاب العشريني الذي اجتاح تنظيم "داعش" بلدته الصغيرة مسكنة في ريف حلب الشرقي عام 2014 هو من بين مئات الاف قرروا ركوب رحلة يتهددها الموت في كل خطوة منها هربا من موت اخر قادم من السماء عبر القصف والبراميل المتفجرة او من الارض من قبل عناصر تنظيم داعش فقرر الهروب الى تركيا في بداية عام 2015 للتخلص من هذا الواقع، لكنه اضطر للعودة مرة اخرى لسوريا ليعود بعدها لـ"رحلة الموت والذل" كما يسميها.

ويقول محمد "بعد مرور شهر على وصولي الى اسطنبول، اتامل كل يوم وجوه الأطفال والنساء في صالة الألعاب في حديقة عامة، كم اتمنى ان يكون اهلي هنا ينعمون بهذا الامان"، يصمت للحظة ثم يتابع "لكن اخشى ان يكلفهم هذا الامان حياتهم، لاني كدت اخسر  حياتي على الحدود السورية التركية في محاولة وصولي لبر الأمان".

ويضيف: "عندما قررت الهروب الى تركيا اول مرة كانت قد اغلقت تركيا حدودها البرية منذ اشهر ما اضطرني لسلك طريق تهريب من مدينة تل ابيض وجدنا صعوبات بالمشي واجتياز الخنادق واطلاق رصاص من (الجاندرما)، ولكننا وصلنا بنهاية المطاف ولم اتوقع في ذالك الوقت ان هذه الرحلة الخطيرة كانت نزهة، مقارنة بالرحلة الثانية عندما اضررت للعودة الى سوريا ومنها اردت الرجوع الى تركيا مرة اخرى".

 

ولطالما ركزت منظمة "هيومان رايتش وتش" في تقاريرها وخاصة عامي 2015 و2016 على تكثيف القوات التركية من تدابيرها الامنية على الحدود السورية التركية في المعابر غير الرسمية, وذلك بعد ان اغلقت المعبريين الاخيرين الرسميين امام الوافدين باستثناء بعض " الحالات الانسانية الحرجة".

 

وحول رحلته الثانية مؤخرا الى تركيا بعد ان قرر العودة اليها مرة اخرى بسبب "انعدام اسباب الحياة" في قريته يقول محمد: "عودة القصف الشديد لبلدتي اضطرني مرة اخرى للعودة الى تركيا بعد ان امنت عائلتي عند اقرباء على امل ان يلحقوا بي، سمعت بصعوبة الطريق ولذلك خفت على اخواتي الصغار واحمد الله اني تركتهم هناك".

ويتابع : "لم تكن الخطورة تكمن بالشريط الحدودي من الجانب التركي فقط.بل هناك صعوبات كثيرة جعلتني ومن معي عرضة للموت في اي لحظة، فتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) كان قد لغم مساحات واسعة من الأراضي في ريف حلب الشمالي والغربي، في المعارك الدائرة بين التنظيم وفصائل المعارضة التي تبسط سيطرتها على هذين الريفين".

ويمنع تنظيم داعش اي شخص من الخروج خارج حدود سيطرته تحت التهديد بالعقوبة الشرعية والمالية للمخالفين، باستثناء من يقدم ضمانات سواء مالية او عقارية او حتى بضمان اهله، اذ يقدم التتنظيم المتطرف على قتل اهل من لايعود.

 

ورغم ما بدى على محمد من صعوبة في إسترجاع كل ما عاشه من لحظات خوف الا انه روى تفاصيل من الرحلة بينها قوله: " لم نعد نعرف اين نتجه هنا داعش تمنعنا من النزوح وطريق ملغم لا نعرف عنه شيئ, فما كان منا الا ان مشينا لقرية تحت سيطرة داعش ومع حقائبنا التي تدل على وجهتنا، ولم نجد معين في هذه القرية الا امراة استضافتنا ليلا حيث رسم ابنها لنا خريطة تبعدنا عن الالغام التي نصبها عناصر داعش على الطرق".

 

ولم تكن المحطة التالية أفضل حالا، فالخطوة القادمة هي الأصعب في ظل التشديد الأمني التركي على الحدود، واستخدام الأعيرة النارية في ملاحقتهم لكل من يحاول تجاوز الشريط الحدودي, وهنا بدأ "كابوس" لم يتوقعه محمد، على حد وصفه.

كان ينظر محمد الى الارض وكانه يرى كل شيء مؤة اخرى عندما قال: "كنا ثلاثين شخص جميعنا ذكور أخبرنا المهرب أن الوقت مناسب لعبورنا كأفراد بدون عائلات وهذا ماكان، قبل أن نصل لنقطة ظهر أمامنا حرس الحدود التركي، الذي احتجزنا بنقطة امنية قريبة ومعاملتنا معاملة سيئة جدا ضرب واهانة ودوس بالاقدام وباخمص السلاح على رؤوسنا وكل منطقة بجسمنا بدون تميز"، ييصمت لبهرة ثم يتابع: "لم يكتفوا بإعادتنا لسوريا بل رمونا بالخندق واختاروا اكبرنا سنا وهو شيخ كبير ورجمونا بالحجارة وتحت نار الأعيرة النارية تم تصويرنا بهواتفهم النقالة لم نجد سبيل للنجاة سوى مواصلة الركض ".

 

ونشرت "هيومان رايتش وتش" في آيار من عام 2016 تقريرا حمل إسم "حرس الحدود التركي يقتل ويصيب طالبي لجوء" ووجهت المنظمة إتهام لحرس الحدود التركي بإطلاق النار على سوريين وضربهم، عند محاولتهم الدخول إلى الأراضي التركية ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد منهم بجروح خطيرة، وطالبت الحكومة التركية بالتوقف عن "صد طالبي اللجوء السوريين والتحقيق في إستخدام القوة المفرطة من قبل الحرس".

 

ونفت أنقرة  أواخر عام 2015 على لسان رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو، الإتهامات المتكررة بحالات إطلاق نار ومقتل عدد من طالبي اللجوء قائلا: "أنقرة غير مسؤولة عن أي شخص يقتل بالقرب من الشريط الحدودي بنيران الجيش التركي"، وطالب قادة الفصائل المعارضة المتواجدة على الحدود السورية مع تركيا "بتحذير المدنيين من الإقتراب من الحدود التركية " بطرق غير شرعية.

 

وكانت تركيا قد عززت حدودها مع سوريا ببناء خندق عام2014 بطول 33 متر وانشاء ساتر ترابي بطول 60كيلومتر, اضافة الى وضع اسلاك شائكة على حدودها بطول 160كيلو متر, وبناء جدار بطول 13كيلو متر, اضافة الى تزويدها بإنارة ليلية بحدود 267كيلومتر, ونصب كاميرات وانظمة للرؤية الليلية.

 

ولكن الفاريين من الموت تحت وابل البراميل المتفجرة التي ازدادت بشكل ملحوظ  في اواخر عام 2015 وبداية 2016 لا يأبهون باحتمال الموت برصاص قناص تركي, او الغام ورصاص "داعش" والطريق الوعر الذي قد ينتظرهم في ظلام الليل الدامس في رحلة عبورهم للجانب الأخر.

 

وخلص محمد الى انه "بين موت محقق في سوريا، وموت محتمل جدا على الطريق، ربما الطريق هو الخيار وهذا ما دفعني للمحاولة مرة اخرى حتى وصلت، لكني مازلت اتسال ماهو مصير ذالك الشيخ الذي رموه فبلنا بالخندق وكان مغطى بالدماء".

 

سيريانيوز


المواضيع الأكثر قراءة

SHARE

close