تشريح.. مسلسل مقابلة مع السيد ادم..

28.05.2020 | 20:16

لا شك ان مسلسل "مقابلة مع السيد ادم" لاقى نجاحا كبيرا في الموسم الرمضاني لهذا العام ونجح في جذب المشاهد خلال معظم حلقاته الـ 33، ويمكن ان نقول كان من المسلسلات الجيدة التي عرضت في هذا الموسم (الاستثنائي) فهل كان بالامكان ان يكون افضل مما كان عليه؟

الملسلس البوليسي الذي تدور احداثه حول الدكتور في الطب الشرعي "ادم عبد الحق" الذي يجد نفسه متورطا في تدخل بدون ارادة منه باعمال عصابة تريد اخفاء جريمة قتل، وينتج عن هذا التدخل ان يفقد ابنته الصغيرة المصابة بمتلازمة داون، ليقوم بتوظف كل خبرته لملاحقة الفاعلين وكشفهم، يعيقه تدخل محقق شاب (ورد) يسعى لكشف ملابسات الجريمة الاساسية وتتشابك خطوط الصراع في اطار درامي مشوق.

ومع ان دور الممثل القدير غسان مسعود كان الدور الابرز الا ان انه لم يكن البطل المطلق، فدور "ديالا" الذي قامت به الممثلة الموهوبة رنا شميس وكذلك دور "ورد" المحقق الذي اداه الممثل محمد الاحمد لا يقل اهمية عن دور مسعود ذاته.. ويجب ان نشير ونشيد بالاداء اللافت للممثل لجين اسماعيل بدور "يوسف" زوج ديالا وابن الدكتور ادم..

ويمكن بناءا عليه بان نقول بان الحبكة كانت حبكة معقدة غير بسيطة تتفرع الى مسارات تبتعد في بداية المسلسل وتعود لتقترب وينتظر المشاهد في النهاية لان تصب في القصة الاساسية وتجيب عن عشرات علامات الاستفهام التي اثارتها الاحداث.. وعلى رأسها من قتل الفتاة المصرية اخت (نور)..

وقبل ان نتكلم عن الحلقات الاخيرة في المسلسل، سنعود قليلا لنتكلم عن الشخصيات التي لعبت دور البطولة..

وهنا يمكن التأكيد ان معظم شخصيات المسلسل كانت ناجحة في تأدية ادوارها الى حد كبير، وتميز كما ذكرنا طبعا غسان مسعود ورنا شميس ولجين اسماعيل.. واريد ان اقف هنا عند دور (ورد) الممثل محمد الاحمد..

وان كان اداء الاحمد اداءا قويا مقنعا الا ان الدور الذي رسمه المؤلف لنا متمثلا في شخصية "محقق" في قصة بوليسية، يمكن ان نقول عليه انه كان دورا ضعيفا..

فـ "ورد" ما عدا الحلقات العشرة الاولى وتمسكه بقصة (الاجهاض) رغم الرجوع عنها من قبل الطبيب الشرعي (ادم) واصراره على ان الاجهاض حصل وان هذا ما سيقوده الى معرفة الفاعل.. ماعدا هذه الجزئية فقد كان المحقق ورد في كل الحلقات العشرين (تقريبا) اللاحقة عنصرا منفعلا.. تتغلب عليه الاحداث وتأخذه الحيرة ويظهر مغلوبا على امره لا يدرك ماذا يجري ولا حتى انه يقترب من اكتشاف اي شيء هام في القضية..

ركز المؤلف (المخرج) على اضطرابات "ورد" جراء قضية بدت بالفعل كبيرة على قدراته كمحقق واغرقنا في المقابل في مشاكله الشخصية مع زوجته وابنته وسلفته وصهره.. واعطى مساحة ودورا اكبر لشخصية رئيسية في المسلسل في هذا المسار الفرعي (المشاكل العائلية) من دوره الاساسي متمثلا في وظيفته كمحقق، المفروض ان يكون قادرا ذكيا يلاحق الادلة ويحاول ان يدرك الفاعل الذي يحاول الافلات من قبضته..

في المسلسلات البوليسية يظهر المحقق عادة خلف المجرم بخطوة او خطوات قليلة ولكن من الضروري ان يكون ملاحقا له يقترب منه تارة ويبتعد قليلا تارة اخرى.. الصراع في المسلسلات البوليسية يتركز بين المحقق والمجرم الفاعل.. ويمكن لمحقق ان يصاب بخيبة امل في ما يعرف بالحبكة الثانية قبل نهاية المسلسل بقليل كنوع من التشويق.. ولكنه يعود لملاحقة الجاني بعدها في سياق النهاية المرسومة..

في مقابلة مع السيد ادم لم نجد هذه الجزئية.. تحرك الفاعل الذي سيطر على مجريات الاحداث منذ الثلث الاول من المسلسل (ادم عبد الحق) بدون ان يواجه صعوبات تذكر من خلال ملاحقة ورد (المحقق) له.. بل بدا ان الفاعل الذي استلم زمام الامور وبدأ في عمليات القتل المتسلسل للانتقام.. لا يضع اي حساب لهذا المحقق.. كان الحقيقة خارج حساباته تماما..

ضعف هذا المسار في سياق الصراع العام اضعف حبكة المسلسل الرئيسية قليلا، وبدأ في الثلث الاخير من الحلقات يؤثر بشكل او بأخر على التشويق، حيث ان المؤلف (المخرج) اعتمد هنا ليس على الصراع الذي يكون عادة هو المحور وانما على المفاجأة اللحظية وانعطاف الاحداث في اتجاهات غير متوقعة..

ويجب ان نعترف بانه (المؤلف) نجح في هذا الى اللحظة الذي قتل فيها (يوسف) الدكتور (رامي) -  اعتقد في الحلقة 27 – ولكنه فشل بعد هذا في جذب المشاهد بناءا على (سياسة المفاجأة او - غير المتوقع -) وبدأ المشاهد يتابع المسلسل تحت تأثير الفضول لمعرفة ما هي النهاية.. ومن هو القاتل.. ويمكن ان نقول في الحلقات الخمس الاخيرة اصابه بعض الملل..

المطب القاتل للمسلسل برأيي هو انه لم يكشف القاتل بعد كل هذا الانتظار.. او بشكل  نفهم ان الانتاج ينوي ان يتابع الاحداث في جزء قادم.. ولكن لا ادري ما هي هذه "الموضة" في هذا الموسم بترك المسلسلات بلا نهايات.. وكيف يمكن ان تكتمل قصة بدون نهاية..

افهم في بعض الروايات يترك الكاتب النهايات مفتوحة ويترك تقدير النهاية للقارئ، ولكن يكون للقصة نهاية.. في هذا الموسم كان هناك عدة قصص لمسلسلات بدون نهاية!!

الساحر، النحات.. ومقابلة مع السيد ادم..

وان كنا يمكن ان نفهم بان الساحر والنحات غابت النهاية لظروف التصوير وايقاف العمل في وقت مبكر حيث ان الاول انتهى ب 15 حلقة والثاني ب 17 ولكن لا يمكن ان يفهم القارئ لماذا مسلسل من 33 حلقة لا يوجد فيه نهاية؟

الاجزاء في المسلسلات تبنى على اساس خلق قصة جديدة يلعب الادوار فيها ابطال الجزء السابق ولو كان هناك نقاط التقاء بين القصتين..

ولكن من النادر ان نرى ان جزءا يعالج قصة ويتركها بلا نهاية ليتابعها في جزء اخر يعرض بعد عام كامل..

مهما كان المسلسل جيدا ومؤثرا اشك كثيرا في ان يتذكر المشاهد تفاصيل الاحداث لمدة 12 شهرا.. ويتابع ما انقطع في الجزء الاول في جزء ثان.. اللهم الا اذا تم عرض الجزء الاول قبل بداية الشهر الفضيل في العام القادم..

في النهاية لا ننكر بان المشاهد عاش مع المسلسل لحظات من التشويق على طول ايام رمضان، وان القصة والحبكة والاخراج كانوا بمستوى متميز اعاد لصناعة الدراما السورية الكثير مما فقدته في السنوات الماضية، يضاف عليه الاداء الكبير لابطال المسلسل ولجميع الممثلين المشاركين.. واننا  قلنا ما قلناه عن بعض الثغرات الموجودة فقط لحرصنا على ان تكون التجربة افضل وطمعنا في مشاهدة مسلسلات مشابهة في المستقبل لا نجد فيها شيئا يذكر لتوجيه النقد اليه..

بقلم: ملح


TAG: