اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين, يوم الأربعاء, أن واشنطن تتحمل المسؤولية عن الوضع في سوريا وفي المنطقة بشكل عام, مشيرا الى ان الاتهامات لروسيا بشان حلب ما هي سوى خطابات سياسية لا تأخذ بالحسبان الواقع الحقيقي للأمور.
وكان الرئيس بشار الأسد اتهم, في وقت سابق, واشنطن بعدم المصداقية في التوصل الى وقف للعنف في سوريا, مؤكدا التزام الحكومة السورية باتفاق وقف اطلاق النار.
ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن بوتين قوله, في مقابلة مع قناة "تي اف 1" الفرنسية, في سياق رده على اتهام روسيا بقصف حلب, "أستطيع أن أقول إنه خطاب سياسي، ليس له معنى ولا يأخذ بالحسبان الواقع الحقيقي للأمور".
وتشهد عدة احياء في حلب تصعيدا عسكريا وغارات جوية مكثفة, اسفرت عن سقوط العشرات بين قتيل وجريح, وحدوث اضرار مادية, وذلك بعد إعلان الجيش النظامي بدء عملية عسكرية في حلب, حيث ستستهدف الضربات الجوية مواقع المعارضة بدقة.
وتواجه روسيا انتقادات واتهامات حول قيامها باستهداف حلب, وسط مطالبات دولية لها بممارسة "ضغوطات" على النظام السوري من اجل وقف اعمال القتال والعنف.
كما علقت الولايات المتحدة المفاوضات مع روسيا بشأن هدنة في سوريا, احتجاجا على تكثيف الغارات الروسية ولا سيما في حلب.
وأضاف الرئيس الروسي "واثق أن الوضع القائم حاليا في المنطقة بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص، مسؤول عنه قبل كل شيء الشركاء في الغرب، وقبل كل شيء الولايات المتحدة وحلفاؤها. دعونا نتذكر كيف أيد الجميع "الربيع العربي وأين هذا التفاؤل الآن؟ وكيف انتهى كل هذا؟".
وتابع بوتين قائلا "يكمن هدفنا في منع تكرار السيناريو العراقي والليبي في الأراضي السورية".
وفيما يخص "جبهة النصرة", قال بوتين إن محاولات واشنطن لإخراج هذا التنظيم من إطار المنظمات الإرهابية يحزن ويدهش موسكو، مشيرا إلى أن واشنطن تكرر الخطأ ذاته في محاولة استخدام المتطرفين لأهداف سياسية, بمحاربة الرئيس بشار الأسد وحكومته, من دون أن تدرك أنه لا يمكن ردعهم فيما بعد.
واتهمت روسيا الولايات المتحدة مرات عدة بعرقلة اتفاق السلام في سوريا ولا سيما من خلال اخفاقها في فصل المعارضة السورية المعتدلة عن الإرهابيين, ما يعرقل الحزمة الكاملة من الاتفاقيات التي توصلت اليها المجموعة الدولية لدعم سوريا.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد أن موسكو "لن تتراجع" عن المطالبة بالفصل بين "جبهة النصرة" (جبهة فتح الشام حاليا) والمعارضة المعتدلة" في مدينة حلب، شمالي سوريا.
وينص اتفاق الهدنة في سوريا الذي تم التوصل اليه في 19 الجاري برعاية كل من روسيا وأمريكا، في أحد بنوده على أن تعمل واشنطن من أجل الوصول الى فصل المعارضة "المعتدلة" عن التنظيمات الإرهابية، الأمر الذي تصر موسكو على تنفيذه وتتهم واشنطن بالتقصير فيه.
وأشار الرئيس بوتين، إلى أن اتفاق وقف النار في سوريا، أحبطه الأمريكيون الذين قالوا إن ضربتهم لقوات الجيش النظامي خطأ، في حين قال أحد العسكريين إن الضربة تم التحضير لها.
وأضاف بوتين "قال زملاؤنا الأمريكيون لي إن هذه الضربة كانت خطأ، إلا أنها أسفرت عن مقتل 80 شخصا, هذا أولا, وثانيا, على الأرجح صدفة أيضا، بدأ "داعش" هجوما بعد هذه الضربة".
ونفذ طيران التحالف, بقيادة واشنطن, يوم الأحد, غارات على أحد مواقع الجيش النظامي في جبل الثردة بريف دير الزور, حيث اعلنت موسكو ان القصف اسفر عن مصرع اكثر من 62 جنديا واكثر من 100 جريح, مطالبة بتحقيق شامل, في حين اعربت واشنطن عن "اسفها", نافية "تعمدها" استهداف الجيش النظامي.
وأكد بوتين عدم وجود ضرورة لإقناع روسيا بضرورة تنظيم قوافل إنسانية إلى حلب، مشيرا إلى أن روسيا كانت مستعدة لتوفير الأمن على طريق الكاستيلو إلى جانب الأمريكيين، لكن واشنطن رفضت.
وتابع بوتين قائلا روسيا تعرف من وجه الضربات إلى قافلة المساعدات الإنسانية.
وأشار الرئيس الروسي, إلى أن روسيا اقترحت إبعاد المسلحين والجيش النظامي وإفساح الطريق للقوافل الإنسانية، مضيفا أن "الجميع وافق ومن ثم لم يحدث شيء, طبعا من قبل شركائنا, اما لا يريدون سحب المسلحين أو لا يستطيعون فعل ذلك".
وتعرضت 31 شاحنة تنقل مساعدات من الامم المتحدة والهلال الاحمر السوري الى 78 الف شخص في أورم الكبرى بحلب لهجوم ليل 19 ايلول.
وسقط قتلى وجرحى, بينهم مدير مركز الهلال الاحمر السوري وعدد من الموظفين والمتطوعين الآخرين، جراء قصف جوي استهدف قوافل المساعدات الانسانية في منطقة اورم الكبرى بريف حلب الغربي, في حادثة وصفتها مصادر معارضة "بالمجزرة."
ووجهت عدة دول اصابع الاتهام لروسيا والنظام السوري, الا ان الحكومة السورية نفت ذلك, متهمة "مجموعات ارهابية" باعتبار المنطقة, التي وقعت فيها الهجوم, خاضعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة, كما نفت روسيا ضلوعها في الحادث, داعية الى اجراء "تحقيق محايد"، كاشفة عن تواجد طائرة أمريكية قرب المنطقة مكان الحادثة.
وأكد الرئيس الروسي أن الأسد, قبل تبني دستور جديد وإجراء انتخابات بموجبه. وقال "إذا لم يصوت الشعب للرئيس الأسد، فسيحدث تغيير السلطة بطريقة ديمقراطية تحت رقابة دولية صارمة ورقابة أممية، ولكن ليس عن طريق التدخل المسلح من الخارج, مشيرا الى ان هذا الحل الوحيد.
وقالت وزارة الدفاع الروسية, يوم الجمعة, إن الحكومة السورية بدأت بإعداد مشروع دستور جديد بمشاركة روسيا.
وكان وزير الخارجية وليد المعلم أبدى, في وقت سابق, جاهزية دمشق لتشكيل حكومة موسعة تشكل لجنة دستورية لوضع دستور جديد للبلاد، وتؤيد اجراء استفتاء شعبي على الدستور الجديد ثم تُجرى انتخابات برلمانية وبعدها تؤلف حكومة جديدة.
ورفض بوتين، الاتهامات الموجهة إلى روسيا بتدفق كميات كبيرة من الناس قادمين من سوريا بسبب العمليات القتالية في سوريا، لأن عملية تدفق اللاجئين بدأت قبل العملية الروسية في سوريا.
وسبق ان وصفت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا, 17 أذار تصريحات وزير الخارجية التشيكي لوبومير زاوراليك حول ضلوع روسيا في تصدير اللاجئين إلى أوروبا بأنها سخيفة.
ويشار الى ان سياسة روسيا تجاه أزمة اللاجئين انتقدت مرات عدة إذ سبق وأعلن وزير الدفاع التشيكي مارتن ستروبنكي نقلا عن وزارة الدفاع الهنغارية معلوماتها أن موسكو تتجاهل عمدا تسلل اللاجئين عبر حدودها إلى أوروبا دون تقديم أدلة على صدقية تصريحاته.
ومن المقرر ان يلتقي وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمريكي جون كيري, الأسبوع القادم, باجتماعين منفصلين الأول في لوزان بسويسرا والثاني في لندن لبحث الأزمة السورية.
سيريانيوز